لم يكد الاقتصاد الأميركي يلتقط أنفاسه من صدمة إعصار "كاترينا"، وقبل أن ينتهي الخبراء والمحللون من تقدير الخسائر التي تسبب فيها الإعصار المدمر ليضرب إعصار آخر - ريتا هذه المرة - الأراضي الأميركية مهددا - مرة أخرى - منشآت استخراج النفط في خليج المكسيك وولاية تكساس "قلب صناعة النفط الأميركية". ويؤكد محللون أن التهديد الذي يمثله إعصار ريتا يتخطى بمراحل أية أضرار قد يلحقها بمعامل تكرير النفط بطول خليج المكسيك ليؤثر بالسلب على ثقة المستثمرين والمستهلكين في مختلف قطاعات الاقتصاد الأميركي. وحتى مع خفض "المركز الوطني للأعاصير" تقييمه لقوة الإعصار من الدرجة الرابعة إلى الدرجة الثالثة، وابتعاده عن مراكز صناعة النفط المهمة بالقرب من مدينتي جالفستون وهيوستن، إلا أنه يمثل تهديدا قويا للاقتصاد الأميركي الذي تكبد أكثر من 100 مليار دولار بسبب إعصار كاترينا. ويواجه قطاع الطاقة المخاطر الأكبر، إذ تقع 27 في المئة من طاقة تكرير النفط الأميركية داخل الحزام الذي يهدده الإعصار ما بين كوربس كريستي بولاية تكساس وبحيرة تشارلز بولاية لويزيانا. إلا أن تراجع قوة الإعصار وابتعاده عن قلب صناعة تكرير النفط الأميركية دفع أسعار النفط إلى الانخفاض يوم الجمعة الماضي، كما هبطت أسعار البنزين خلال التعاملات في سوق نيويورك. وعلى رغم تجنب معظم المنشآت لضربة مباشرة من قبل الإعصار، إلا أن عمليات الإنتاج قد تتعطل بسبب انقطاع الطاقة أو تأخر عودة العمال إلى مواقع الإنتاج. وبالإضافة إلى ذلك فإن موانئ خليج المكسيك تستقبل حصة ضخمة من واردات النفط الأميركية، كما أن منصات الاستخراج الشاطئية مسئولة عن 29 في المئة من إنتاج النفط الأميركي و19 في المئة من إنتاج الغاز الطبيعي. ولايزال نحو نصف إنتاج النفط والغاز الطبيعي في خليج المكسيك متوقفا منذ ضرب إعصار كاترينا المنطقة، ومن المتوقع أن تكون منصات الاستخراج قد تعرضت لمزيد من الخسائر بفعل إعصار ريتا... لذلك يحذر المحللون من أن التراجع الراهن في أسعار النفط قد لا يستمر طويلا. وكما حدث في أعقاب إعصار كاترينا، فإن الصدمة التي أصابت قطاع الطاقة تنتقل دائما إلى مختلف قطاعات الاقتصاد لتؤثر بشكل خاص على ثقة الشركات والمستهلكين. فقد أجبرت اثنتين من كبريات شركات الطيران الأميركية - "دلتا أيرلاينز" و"نورثويست أيرلاينز" - على إشهار إفلاسهما بعدما تسبب إعصار كاترينا في ارتفاع أسعار وقود الطائرات إلى مستويات قياسية. ويرى الخبراء أن هذا السيناريو قد لا يتكرر بالضرورة، إلا أنه لا يمكن استبعاده تماما، وخصوصا أن أسعار وقود الطائرات مرشحة فعلا لتحقيق ارتفاعات مماثلة لما حدث في أعقاب إعصار كاترينا. ولن يقتصر الأمر على شركات النقل، فقد حذرت "الكوا" "أكبر منتج عالمي للألمنيوم" من تراجع أرباحها في الربع الثالث بنسبة 39 في المئة عن التوقعات السابقة للمحللين بسبب تراجع أسعار الألمنيوم وارتفاع أسعار النفط والمواد الخام، وتسبب هذا الإعلان في تهاوي أسهم الشركة خلال تعاملات "وول ستريت" يوم الجمعة الماضي
العدد 1115 - السبت 24 سبتمبر 2005م الموافق 20 شعبان 1426هـ