العدد 1118 - الثلثاء 27 سبتمبر 2005م الموافق 23 شعبان 1426هـ

خلف جدران المدارس... أين وزارة التربية والتعليم؟

في صالة أحد المدارس الحكومية الرياضية، وخلال حصة التربية الرياضية، وكان التمرين الرياضي المفروض على الطلاب هو الجري لمسافة معينة في الصالة تبدأ من الجدار (أ) وتنتهي عند الجدار (ب)، ومن ثم العودة إلى جدار البدء (أ) بشرط أن يلامس التلميذ الجدار (ب) ليعود إلى نقطة البدء من جديد.

وصادف لسبب أو لآخر أن أحد التلاميذ لم يقُم بملامسة الجدار (ب) ليعود إلى الجدار (أ)، فلاحظه مدرس الرياضة، فما كان منه إلاّ أن استشاط غضباً، وأخذ يضرب التلميذ بمسطرة كانت في يده بشكل عشوائي ومن دون شعور، لكونه فقد السيطرة على أعصابه، وعندما سقطت المسطرة من يده، قام بضرب التلميذ بيده، بلا رحمة ولا شفقة، ولم يكتفِ بذلك بل أخذ يسدد له الركلات برجله، بشكل عشوائي بلا رحمة ولا هوادة.

لا ندري كيف فقد هذا المربي أعصابه، ونسي أنه يتعامل مع طفل غض صغير، وكيف سمح لنفسه بأن يعامله بهذه الوحشية وكيف فقد الرحمة من قلبه فضربه ضرباً مبرحاً؟ لسبب تـافه لا يستدعي كل تلك القسوة والخشونة، وهل وراء كل هذا العنـف والتصرف الأهوج أسبـاب أخـرى لا نعلمها، وهل بإمكان ذلك المدرس الفاضل أن يشرحها لنا بالتفصيل، حتى نكون على علم ودراية بأسباب تصرفه هذا.

وبتلك التصرفات الهوجاء يكون ذلك المدرس خالف قوانين وزارة التربية والتعليم التي تمنع الضرب بجميع أشكاله في مدارسها منذ سنوات طويلة، فما بالك بتلك الهمجية والوحشية في التعامل مع الطلبة الصغار، وهو طبعاً خروج على كل الأعراف والتقاليد، التي تفتقر إلى أبسط أساليب التعامل مع الناس سواء في المدرسة أو خارج المدرسة، وإسلامنا الحنيف يدعونا إلى التعاطف والتآزر فيما بيننا، وما بذر من ذلك المدرس يُعد مخالفة صريحة لتعاليم الدين الحنيف، وما يجب أن يتحلى به الإنسان المسلم من أخلاق عالية وحميدة، وما يتمتع به من صفات سامية كالرأفة والرحمة والعطف والشفقة.

ولقد سبب ذلك المدرس بتصرفاته الرعناء هذه، نفوراً واشمئزازاً لبقية التلاميذ الصغار، الذين أعطاهم ذلك المدرس صورة سيئة عن غلاظته وقسوته في تعامله مع هذا التلميذ المسكين، وسبب لهم الذعر والخوف والفزع، ما حدا بأحد التلاميذ الذي شاهد الأسلوب العدائي والتصرف الشاذ للمدرس مع ذلك التلميذ، أن يقرر عدم الذهاب إلى المدرسة وبلا رجعة، خوفاً من أن يتعرض للموقف نفسه مع ذلك المدرس، وفشلت كل محاولات والديه في إقناعه.

ما جعل والد هذا التلميذ أن يضطر للذهاب إلى المدرسة لمقابلة مدير المدرسة، بغرض شرح الموضوع له، لعله يجد مخرجاً لتلك القضية التي سببها لهم ذلك المدرس، ولكن ذلك المدير تعصب وغضب ولم يتمالك نفسه، وقال لولي أمر الطالب بكل خشونة وجفاء، إنه ليس من حقه أن يطرح مثل هذا الموضوع، لأن التلميذ الذي تعرض للضرب ليس ابنه، وحاول أن يوجه له تهمة التهديد له، مع العلم بأن الشخص المذكور كان يتكلم معه بصورة أخوية، بينما مدير المدرسة كان يتكلم معه بأسلوب لا يليق بشخص يشغل مركز مدير مدرسة أن يتصرف بهذا الأسلوب الفض، ولم يقبل سماع قضيته التي جاء من أجلها إلى المدرسة، واضطر إلى مغادرة مكتبه وترك أعماله وهي مشكلة ابنه الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة بسبب ما شاهده من موقف درامي إجرامي، مع العلم بأن ولي أمر هذا التلميذ ليست له معرفة بالمدرس ولا بالتلميذ الذي تعرض للضرب.

وهنا يحق لنا أن نطرح سؤالاً مشروعاً، وهو: كيف يسمح ذلك المدير لنفسه أن يتعصب لذلك المدرس؟ ولم يعطِ ولي أمر التلميذ فرصة للتفاهم معه بشأن موضوع خطير، يمس سلامة وأمن التلاميذ في المدرسة، ويجعلهم ينفرون من المدرسة، ويتهيبون من أساليب ومعاملات مدرسيهم لهم، وقد يكون هذا المدرس حالة فردية وشاذة، ولكن هؤلاء الأطفال وهم في هذه السن سيعتقدون بأن كل المدرسين في تلك المدرسة هم سواء وخصوصاً أن تلاميذ تلك المرحلة تلقوا تعليمهم حتى الصف الرابع الإبتدائي، على أيدي مدرسات ومربيات فاضلات، ومهما كانت معاملتهن معهم، فهي تختلف اختلافاً كبيراً طبعاً، وهذا ما يجب على هذا المدرس وغيره من المدرسين أن يتفهموه ويدركوه وعليهم أن يحسبوا له ألف حساب، لحساسية هؤلاء الأطفال في تلك المرحلة العمرية من حياتهم. فهل تقبل وزارة التربية والتعليم بما جرى لذلك التلميذ المسكين الذي تعرض للضرب القاسي والإهانة الشديدة بلا رحمة وبلا شفقة، وما عكسه تصرف المدرس الأهوج على بقية التلاميذ، ما حدا بأحد التلاميذ العزوف عن الذهاب إلى المدرسة خوفاً من أن يتعرض للموقف نفسه مع هذا المدرس، وهي ظاهرة خطيرة يجب عدم السكوت عنها، ويجب اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة بحق المدرس ومحاسبة ذلك المدير الذي على ما يبدو أنه يحاول التستر على هذا المدرس، والدليل على ذلك أنه رفض سماع ولي أمر التلميذ عن ما بذر عن ذلك المدرس من تصرفات غير طبيعية تنم عن قسوة وشدة مفرطة، نتيجة انفلات أعصابه وعدم استطاعته السيطرة عليها.

وعلى ولي أمر التلميذ الذي تعرض للضرب والإهانة أن يرفع القضية إلى وزير التربية بشكل مباشر، حتى يضع الوزير حداً لاستهتار بعض المدرسين في بعض المدارس الحكومية، ويتكرم بإصدار تعاليمه السامية وإرشاداته القيمة إلى جميع المدارس (بنين وبنات)، لوقف مثل تلك التصرفات الشاذة التي تسبب المشكلات للتلاميذ وأولياء الأمور وللوزارة على حد سواء. وهؤلاء التلاميذ هم أمانة ومسئولية لدى وزارة التربية والتعليم، فيجب عليها المحافظة عليهم وعلى أمنهم وسلامتهم وعدم السماح لكائن من كان أن يتعرض لهم ويمس كرامتهم بالضرب والتجريح، وأهلهم أرسلوهم لطلب العلم والتحصيل، وهم مطمئنون بأنهم في أيدٍ أمينة، وهم طبعاً يرفضون كل ما يمس أبناءهم من أخطار تهدد أمنهم وسلامتهم وكرامتهم.

محمد خليل الحور

العدد 1118 - الثلثاء 27 سبتمبر 2005م الموافق 23 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً