أكد وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن الدول النامية ستكون الأكثر تضررا من تداعيات الأزمة المالية العالمية الراهنة، وذلك بالنظر إلى محدودية قدرتها على إحداث التوسع المالي اللازم للتعامل مع الأزمة، وذلك بخلاف الدول المتقدمة التي تمتلك المقومات اللازمة لاحتواء الآثار السلبية للأزمة واستعادة التعافي الاقتصادي في فترة زمنية قصيرة.
جاء ذلك خلال البيان الذي ألقاه باسم كل من مملكة البحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمالديف وسلطنة عمان وقطر وسورية والإمارات واليمن، وذلك في اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجنة التنمية التابعة إلى البنك الدولي بمقر البنك في واشنطن.
وركز الوزير في بيانه على صعوبة الموقف الذي يمر به الوضع المالي والاقتصادي على مستوى العالم في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية لا تعرف حدودا ولا يقتصر تأثيرها على طرف دون الآخر، كما أن من المفارقات التي تثيرها هذه الأزمة هو أنها تجسد التأثيرات المتنامية للعولمة، ففي الوقت الذي كان لهذه الظاهرة انعكاساتها الايجابية على دول عدة فإن هذه الظاهرة ذاتها هي التي تجعل الآثار السلبية للأزمة تمتد إلى الدول كافة بلا استثناء.
وأوضح أن الهياكل الاقتصادية الأكثر نموّا - وخصوصا تلك التي لديها القدرة على توسيع نطاق تحركها المالي - ستكون قادرة على حماية مواطنيها من أسوأ الآثار المحتملة للأزمة، مشيرا إلى أن هناك الكثيرين الذين فقدوا وظائفهم ومساكنهم ومدخراتهم وغيرهم سيصلون إلى المصير نفسه، ولكن نظم الحماية الاجتماعية الفاعلة لهذه البلدان وتوسعها في الإنفاق ستساعدها على الانطلاق مجددا واستعادة الأداء الاقتصادي الإيجابي، بحيث يصبح التباطؤ في غضون سنوات قليلة «شيئا من الماضي».
إلا أنه حذر من أن تأثير الأزمة المالية سيكون أكثر حدة على البلدان النامية وخاصة الدول ذات الدخل المنخفض، وهي التي لا تستطيع أن تقدم على عمليات توسع مالي أو في أفضل الحالات يمكنها القيام بالحد الأدنى لهذه العمليات، مشيرا إلى أن المواطنين في الكثير من هذه الدول تمكنوا بالكاد من الصمود إزاء موجة الارتفاع في أسعار المواد الغذائية وهي الآن معرضة لفقدان كل شيء.
وأضاف يأتي ذلك في الوقت الذي سيشهد فيه العام الحالي انضمام 55 مليونا إلى شريحة من يعيشون في فقر مدقع بالمقارنة بما كان عليه الوضع قبل تفجر الأزمة، وخلافا للأخبار الخاصة بالمجاعات والكوارث الطبيعية فإن هذا التطور السلبي لن يلقى عليه الضوء ولن يحظى بتغطية إعلامية مكثفة.
وإذا كانت الاقتصاديات النامية قطعت شوطا طويلا خلال العقود القليلة الماضية بمساعدة المجتمع الدولي في إصلاح نظمها وتعزيز قدراتها وبناء نظم الحماية الاجتماعية وتوفير فرص عمل جدية لشبابها كما حقق الكثير منها تقدما مطردا نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، فإنها تواجه خطر فقدان هذه المكاسب التي تم تحقيقها بصعوبة، وذلك لأسباب خارجة تماما عن إرادتها.
وأكد الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن الاقتصادات النامية تحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى دعم كبير ومنهجي من قبل المجتمع الدولي، وفي حالة عدم توافر هذا الدعم فإن معظم البلدان النامية ستضطر إلى إجراء تعديلات في سياساتها وبرامجها تبعا لتقلبات الأوضاع الاقتصادية السائدة، الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق الأثر السلبي للأزمة الحالية وتحويلها من أزمة اقتصادية إلى اجتماعية وإنسانية وفي نهاية المطاف سياسية، وفي عالم يزداد ترابطا واندماجا يوما بعد يوم فإن أيا من هذه الأزمات لن يتقيد بحدود السيادة الوطنية.
العدد 2425 - الأحد 26 أبريل 2009م الموافق 01 جمادى الأولى 1430هـ