العدد 2977 - السبت 30 أكتوبر 2010م الموافق 22 ذي القعدة 1431هـ

المعسكرات الأميركية في العراق عالم لا علاقة له بما يجري في الخارج

يشعر العسكريون الأميركيون في العراق بحنين كبير إلى حياتهم الطبيعية وهم يقبعون خلف الحواجز الأسمنتية داخل معسكراتهم في العراق.

فبعيداً عن القواعد العسكرية، يعيش شعب تضرر من الحروب وتعرض الكثير من أبنائه إلى أحداث مأسوية تحدثت عن جزء منها الوثائق السرية عن الحرب في العراق وكشفها موقع «ويكيليكس».

وليس هناك أيام عطل للعسكريين الأميركيين الذين ما زال نحو خمسين ألفاً منهم ينتشرون في العراق، بعد الإعلان عن انتهاء المهام القتالية لهم وتحديد نهاية العام المقبل موعداً لانسحابهم الكامل في سبتمبر/ أيلول الماضي.

لكن لا يمكن مقارنة الظروف التي يعيشونها بالحياة خارج معسكراتهم.

ففي معسكر فيكتوري مثلاً والقواعد الأخرى المنتشرة في العراق، تعمل مولدات الطاقة الكهربائية على مدار الساعة وتتوزع أجهزة تكييف الهواء وشبكات الإنترنت اللاسلكية وحمامات وأجهزة تبريد لمياه الشرب.

وخارج هذه القواعد الأمر يختلف تماماً إذ لا يحصل الجزء الأكبر من البلاد على الكهرباء إلا لساعات محددة في بلد يعد من أكبر دول العالم في امتلاك النفط.

ورغم لجوء غالبية العائلات إلى مولدات كهرباء الخاصة ما زالوا يمضون ساعات طويلة كل يوم من دون كهرباء. وحتى مياه الشرب التي تصل إلى المنازل أصبحت غير صالحة للشرب ولا تستهلك إلا من قبل الفقراء.

ويجهل الجنود الأميركيون حقائق العالم الذي يحيط بقواعدهم.

وذكر ضابط في معسكر فيكتوري الأسبوع الماضي بعدما أمضى شهرين في بغداد، أنه لم يكن يعلم بوجود منع للتجوال في المدينة بعد منتصف الليل وحتى الخامسة فجراً.

وكان الضابط ينصت إلى إذاعة محلية مخصصة للقوات الأميركية تدرس اللغة العربية وقد لا تكون مفيدة لمن هم داخل القواعد، ذكرت عبارة «لا يوجد ماء».

وبدأ تطبيق حظر التجوال بعد اجتياح العراق بقيادة الولايات المتحدة العام 2009، وكان ينفذ اعتباراً من الساعة 21,00. وقد تم تقليصه بعد تحسن الأوضاع الأمنية التي تمثل مصدر القلق الأكبر لجميع العراقيين.

وباتت روايات وقوع ضحايا قتلى أو جرحى بين الأقارب والأصدقاء أو عمليات اختطاف من عصابات لطلب الفدية أمراً شائعاً بين العراقيين.

وكشفت وثائق «ويكيليكس» إحدى هذه القصص المأسوية.

وتتحدث عن حادثة وقعت لدى اقتراب سيارة من دورية أميركية بشكل كبير وإطلاق الدورية لصوت الإنذار ولكن عندما فشلت محاولة وقف السيارة أطلق أحد الجنود طلقة تحذيرية.

وذكرت قناة «الجزيرة» نقلاً عن إحدى الوثائق أن «الطلقة التحذيرية التي أطلقت من بندقية طراز (ام 4) أصابت فتاة في التاسعة من العمر».

وكشفت الوثائق التي قارب عددها 400 ألف وثيقة منذ 2004، عن حوادث تقشعر لها الأبدان بينها أعمال تعذيب وقتل للمدنيين، لترسم صورة سوداء لهذا البلد الذي مزقته أعمال العنف الطائفي في الأعوام الماضية. وأشارت الوثائق إلى مقتل نحو 109 آلاف شخص 63 في المئة منهم من المدنيين بين الأعوام 2003 و حتى نهاية 2009.

وفي قاعدة أميركية أخرى، قرب مدينة البصرة (550 كلم جنوب بغداد)، قالت السيرجنت شانيل شيري ديميلو إنها تتحين الفرصة للخروج من القاعدة.

وأوضحت «ذهبنا إلى منزل وكانت هناك فتاة صغيرة وضعت في أصبعي خاتم، العراقيون شعب طيب».

من جانبه، فوجئ أحد ضباط الجيش الذي أمضى عدة أشهر في العراق، بالواقع المؤلم الذي يعيشه العراقيين ونقاط التفتيش على الطرقات وكم يمضون من الوقت للمرور عبرها.

وكانت القوات الأميركية التي تنتشر في عموم البلاد، انسحبت إلى قواعدها منذ منتصف 2009، حتى اختفت من الشوارع لتبدأ قوات الأمن العراقية سيطرتها على نقاط التفتيش.

وقتل أكثر من أربعة آلاف وأصيب نحو 32 ألف آخرين في العراق، وفقاً لموقع «إراك كوجلتيز» المستقل.

ورداً على سؤال بشأن ما سيتركه الأميركيون، قال البريغادير جنرال، أندل داركون لـ «فرانس برس» إن «هذا الأمر متروك للشعب العراقي».

وأضاف «لسنا مطمئنين تماماً لكن الوضع الأمني تحسن بشكل كبير خلال الأعوام الماضية».

وتساءل مساعد قائد القاعدة الأميركية، دارغون «هل ما زلنا هنا؟ علينا طرح السؤال على الشعب العراقي (...) لا يفترض أن أعرف كل ما يحدث في العراق».

وعند إحدى بوابات الخروج من معسكر فيكتوري وضعت علامة تحذير بضرورة أن تكون الأسلحة معدة وجاهزة وأن على جميع العسكريين البقاء داخل العربات المدرعة.

في الوقت ذاته، وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي احتشدت العائلات البغدادية عند نهر دجلة لتتنزه في الحدائق وتتناول السمك المسكوف، فيما انطلق الأطفال يلعبون كرة القدم ويقفزون في كل مكان.

في الوقت ذاته، كانت الزينة تنتشر داخل معسكر فيكتوري والجنود يشترون ملابس جلدية وأجهزة إلكترونية من مركز تسوق صغير ويتناولون الفطائر والبيتزا والمأكولات التي لاتباع إلا داخل القوات الأميركية

العدد 2977 - السبت 30 أكتوبر 2010م الموافق 22 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً