أكد الوكيل المساعد للمواصفات وحماية المستهلك في وزارة الصناعة والتجارة أحمد بوبشيت: أن وزارة الصناعة والتجارة تهتم وتتابع بشكل مستمر هموم المستهلك والمواطن عموما في ما يتعلق باوضاع السوق وتقالبات اسعارها خصوصا وإن الأسواق العالمية شهدت في السنوات الأخيرة تقلبات كثيرة طالت كثير من السلع وامتدت آثارها لتشمل دولا عدة اختلفت فيها مستويات الثأثير والتأثر تبعا لقوة هذه البلدان الشرائية وقوتها الاقتصادية ومدى مرونة العرض والطلب فيها بالاضافة إلى قدرتها على التكيف مع أوضاع السوق المتقلبة والسياسات الاقتصادية الجديدة. وهذه التغيرات بلاشك طالت سوق البحرين الذي يعتبر أحد أهم الأسواق العالمية المفتوحة إذ شهد حديثا تغييرات في أسعار بعض السلع سواء كانت سلعا غذائية أو مواد بناء أو أدوية أو قرطاسية أو غيرها من السلع الضرورية للمستهلك البحريني. وفيما يخص السلع والمواد الغذائية، فتفاوتت أسباب الارتفاع ما بين عوامل مرتبطة بأسعار العملات، إذ أدى قرار رفع الدعم عن منتجات المحاصيل الزراعية في أوروبا إلى ارتفاع أسعار تلك السلع بناء على مستحقات قرارات منظمة التجارة العالمية بالنظر إلى ارتباط الدينار البحريني بالدولار الأميركي. وبالنظر إلى طبيعة تلك العوامل نجد انفسنا وكثيرا من الدول الأخرى متأثرين بتلك العوامل بالنظر إلى حجم السوق المحلي ومرونة الطلب فيه. ومن الاسباب الأخرى ايضا ظاهرة التضخم التي أثرت كثيرا في الدول النفطية بسبب ارتفاع أسعار النفط وانخفاض أسعار الفائدة وما يرافقها من متغيرات اقتصادية تكون حتمية غالبا ما يؤثر بدوره على أسعار الكثير من السلع الأساسية والضرورية في مختلف دول العالم. كما كانت للعوامل الطبيعية دورها الواضح في ابراز هذه التقلبات في الأسواق العالمية مثل اعصار تسونامي فالعالم أصبح اليوم قرية واحدة صغيرة مرتبطة مع بعضها بعضا فالمؤشرات الدولية معقدة جدا بحيث من الصعوبة استقراء وتحجيم الأثر الناتج لسياسة بلد ما على وضعية أسواق العرض والطلب في بلد آخر. إذ ان المتتبع لما يشهده العالم الآن سيجد أن الوضع الراهن لا يقف عند حدود بلد واحد، فبدء من الحديث عن الصين بآسيا ومرورا بأميركا والتقاء في أوروبا، نجد أن ما نود أن ندلل عليه واضح في كون القضية ذات بعد عالمي وليست مقصورة على ما يحدث في بلد واحد فقط. وعلى رغم كل هذا التفاوت في مستوى التأثير والتأثر لم يمنع من محاولات الوزارة في سعيها الدائم نحو تلبية احتياجات المستهلك وتوفير متطلباته بأفضل الأسعار وتقليل الكلفة التي قد يتحملها المستهلك إلى اقصى الحدود مقارنة بما وصلت اليه الأمور في دول اقليمية أخرى مجاورة ذات موارد أفضل وامكانات اشمل. واوضح بوبشيت الدور الذي قامت به إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة بالتعاون مع الجهاز المركزي للاحصاء برصد أسعار ما يزيد عن 1500 سلعة استهلاكية بصفة شهرية تشمل السلع والخدمات التي تستهلكها الأسرة وتحتاج إليها وذلك بهدف مراقبة أسعار السلع الاستهلاكية بطرق علمية والتأكد من عدم وجود أي تجاوزات لأسعار تلك السلع والخدمات المقدمة للمواطنين. وكمثال فإنه بحسب مؤشرات الربع الثالث للسنة الحالية للمواد الغذائية مقارنة بالربع الثاني من السنة نفسها فإن أسعار المواد الغذائية قد انخفضت بما يعادل 0,39 في المئة. يذكر أن مستوى الارتفاع العام للتسعة الأشهر الأولى من السنة الحالية قد ارتفع ارتفاعا طفيفا وبما يعادل 0,54 في المئة. وتعتمد الوزارة في رصدها لأسعار المواد الغذائية على عدد 14 بندا رئيسيا في شكل مجموعات غذائية تشمل: الأرز والحبوب ومنتجاتها، اللحوم ومنتجاتها، الأسماك ومنتجاتها، الالبان ومنتجاتها، البيض، الزيوت، الدهون، الفاكهة، الخضراوات، البقول الجافة، التوابل، المخللات وملح الطعام، السكر والمنتجات السكرية، الشاي والقهوة والكاكاو، المشروبات والمياه المعدنية مع الاشارة إلى ان الحكومة قد أصدرت تعليماتها بالبدء قريبا في اجراء مسح احصائي جديد "لنفقات ودخل الأسرة" بالمملكة، إذ من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى الحصول على بيانات حديثة نستطيع على اثرها رصد ومتابعة متغيرات الأسعار بشكل أكثر دقة. كما أن دول الخليج مجتمعة قد تأثرت كمنظومة اقليمية بهذا الارتفاع في الأسعار، وذلك يبدو واضحا عند الاشارة إلى معدل الارتفاع في أسعار السلع الغذائية في المملكة العربية السعودية تراوح متوسطة ما بين 3 إلى 7 في المئة حسبما أشارت إليه وزارة التجارة بالمملكة العربية السعودية وتناقلته الصحف السعودية. أما فيما يتطق بمواد البناء فهو موضوع مرتبط مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية ولكن بشكل غير مباشر إذ نجد أن القفزات المتتالية والسريعة لأسعار مواد البناء جاءت نتيجة عوامل عدة منها ما هو مرتبط بسياسة العرض والطلب، كما هو الحاصل مع الصين التي وصل الطلب فيها على الحديد لوحده الى ما يقارب ثلث الانتاج العالمي اجمع والبالغ مليار طن سنويا، إذ تستهلك الصين لوحدها 280 مليون طن سنويا في ظل ثورة عمرانية هائلة جدا. وهناك عوامل أخرى كارتفاع اجور الشحن البحري والجوي نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات المعتمدة على أسعار النفط أساسا، إذ ارتفعت أجور الشحن البحري لوحدها لدى خطوط الشحن إلى ما يقارب 30 في المئة من قيمة أسعار خدماتها الحالية. فارتفاع أسعار النفط سلاح ذو حدين، الأول كونه يمثل دخلا للدول النفطية وهو في صالح هذه الدول، ولكن الأثر السلبي هو كون هذه الدول النفطية مستوردة لسلع أخرى ذات أهمية كبيرة للمستهلك تعتمد في بعض مراحلها على النفط كالسلع الوسيطة أو النهائية كالنايلون الذي ارتفعت معه أسعار منتجاته إلى 6 في المئة. وبالتالي نجد أن الدول النفطية تعتبر قوة مؤثرة في السوق الدولية فيما يتعلق ببعض السلع إلا أنه في الوجه المقابل تجد نفسها متأثرة باوضاع السوق وتقلباته، وهذه حالة طبيعية تتطلب تعاونا دائما بين الدول المصدرة للنفط لاقامة توازن بين العرض والطلب للحفاظ على مستويات معقولة للأسعار عالميا قياسا بالسعر الحالي لبرميل النفط الذي وصل مع اواخر شهر أغسطس/ آب إلى 70 دولارا، في زيادة بلغت 40 في المئة عن أسعار الفترة نفسها من العام الماضي. كما أن الوتيرة الحالية للارتفاع في أسعار المواد الخام عالميا تشير إلى أن الارتفاع سيطال سلعا أخرى ذات أهمية على المدى القريب، فمرورا بارتفاع أسعار الطن الورقي والتي اشارت اليها التقارير الاقتصادية حديثا وكان واضحا انعكاس ذلك فيما أثير حديثا عن ارتفاع اسعار ادوات القرطاسية المكتبية في أسواق البحرين، وصولا إلى تنبؤات الاقتصاديين بارتفاع قادم في أسعار الزيوت النفطية وزيوت التشحيم الخاصة بالسيارات، والمؤشرات الاقليمية تدلل على ذلك بشكل واضح من خلال ارتفاع أسعار تلك الزيوت بنسب تصل إلى 37 في المئة في الأسواق السعودية بعد أن تراوحت هذه الزيادة ما بين 25 - 29 في المئة في العام الماضي، بالاضافة إلى ارتفاع المتوقع في أسعار المطاط الصناعي والصناعات المرتبطة به كالاطارات والتغليف والقفازات والصحة المنزلية والمهنية والسلع المنزلية، إذ أعلنت شركة بريدجستون، ثاني أكبر شركة في العالم لصناعة الاطارات أنها تخطط لرفع الأسعار بنسبة 8 في المئة في كل من الولايات المتحدة وكندا، وهي سابع مرة يتم فيها رفع الأسعار في الولايات المتحدة وكندا منذ العام ،2003 كذلك زادت شركتا "جودير" و"ميشلان" أسعارهما خلال هذا العام. وبما أن البحرين تستورد الكثير من هذه السلع العالمية فإن ارتفاع قيمة عملة اليورو مقابل الدولار أدى إلى ارتفاع أسعار الواردات من دول السوق الأوروبية بالنسبة للمملكة وجميع دول الخليج العربي التي ترتبط قيمة عملاتها بالدولار الأميركي. بالاضافة إلى ذلك، فإن من أسباب ارتفاع الأسعار في السوق أيضا تعرض بعض السلع العالمية إلى زيادة في الطلب العالمي عليها بالمقارنة بالعرض ما أدى إلى ارتفاع أسعارها فقد ارتفع الطلب على الاسمنت والحديد وبعض مواد البناء على المستوى العالمي نتيجة للطفرة العمرانية والاقتصادية التي يشهدها العالم ما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية لهذه السلع المهمة في قطاع البناء وانعكس ذلك على أسعار السلع في أسواق المملكة والأسواق الخليجية المجاورة مؤكدا على أن المملكة تصدت لهذه الظاهرة وواجهتها بحسب الامكانات المتوافرة للحد منها ولحماية المستهلك المحلي من آثارها. كما ان المستهلك نفسه يؤثر في تسعير المواد الاستهلاكية إذ إن المستهلك هوالشخص المسئول عن اختيار السلعة فالسوق البحريني ذو اقتصاد حر ومفتوح ويوفر للمستهلك حرية الاختيار في اختيار السلعة المناسبة للمستهلك من حيث السعر والجودة، فبامكان المستهلك الآن ان يشاهد أكثر من نوع للسلعة الواحدة تختلف من حيث بلد التصنيع أو العلامة التجارية وايضا تختلف في الجودة وبالتالي يختلف السعر فالسوق مفتوح ولا يجبر المستهلك على أخذ سلعة بدل أخرى بل يعطيه حرية الاختيار في اختيار ما يناسبة ويتوافق مع ظروفه وامكاناته المادية. والمستهلك هو الصانع الأول للسوق إذ باقباله على السوق وما يحتويه من منتجات وسلع ومواد استهلاكية ينشط الحركة التجارية في الاسواق وينعشها، كما ان نظرية العرض والطلب تلعب في تغيير أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية فكلما زاد الطلب على سلعة ما زاد بالتالي سعرها، كلما قل الطلب قل السعر فالتوازن في الطلب والشراء مطلوب لدى المستهلك ويجب أن يكون هذا المبدأ نصب عينيه أثناء دخوله للسوق. وأكد أحمد بوبشيت أن وزارة الصناعة والتجارة اولت جل اهتمامها بتأمين المناخ الاستثماري والتجاري السليم والاهتمام بالمستهلك الذي يعتبر حجر الأساس في العملية الاقتصادية حين يحصل على احتياجاته من السلع والخدمات بالجودة المطلوبة والأسعار المقبولة. ومن هذا المنطلق فقد ركزت الوزارة على انتهاج سياسة السوق المفتوح وفق ضوابط معينة عبر منع الاحتكار وتفعيل المنافسة وتحكيم آليات السوق. وبما أن البحرين بلد مستورد لمعظم احتياجاته فإن ذلك لا يتطلب تكثيف الجهود الحكومية فحسب وانما تكاتف الجهات الاهلية في مراقبة جودة السلع والخدمات المقدمة للمواطنين، علاوة على إحكام الرقابة على الممارسات التجارية في الأسواق والتي تعتبر الأسعار احد دعائمها الرئيسية التي تتطلب المراقبة لمنع التلاعب واستغلال الاوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة لرفعها. لذلك سعت الوزارة متمثلة في إدارة حماية المستهلك إلى المراقبة المكثفة والدورية للحد من أي تصرف فردي لا تحكمه الضوابط التجارية والقانونية وذلك من خلال المسح الدوري للأسواق للوقوف على الوضع العام ولاكتشاف أي ممارسة غير طبيعية قد تحدث فيها مشيرا إلى ان الوزارة تقوم وللمرة الأولى بدراسة ميدانية بالتعاون مع مركز البحرين للدراسات والبحوث لدراسة تحليل تطور أسعار السلع الاستهلاكية والمساهمة في الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك البحريني. والهدف الرئيسي وراء هذا الدراسة هو تحليل تطور أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية خلال الفترة الماضية ومعرفة أهم العوامل المؤثرة في تطورها وتحديد الاتجاهات المستقبلية المتوقعة لتطورها. كما تهدف هذه الدراسة إلى البحث في وسائل السيطرة على تطور أسعار هذه المنتجات حفاظا على القدرة الشرائية للمستهلك وحمايته. وتتضمن الدراسة ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تحليل تطور أسعار السلع الاستهلاكية وتحديد اتجاهاتها الاساسية وذلك لفترة سابقة نسبيا لتحديد اتجاهات وعزل التطورات الموسمية على التطورات الهيكلية للمقارنة بين تطور أسعار السلع المختلفة من منتجات والمقارنة بينها وبين تطور المؤشر العام للأسعار وتطور نصيب الفرد من الدخل الوطني. والمرحلة الثانية هي البحث في أسباب تطور الأسعار وذلك بهدف التعرف على امكان التحكم في بعض جوانبها وهي أسباب متنوعة ومختلفة. والمرحلة الثالثة امكان السيطرة على تطور الأسعار وذلك بهدف حماية المستهلك من خلال البحث عن سياسة تعالج أسباب تطور الاسعار التي يمكن التأثير عليها بصفة مباشرة أو غير مباشرة وتحديد الاجراءات التي تساعد على تحقيق هذا الهدف. أما عن المدة الزمنية التي تستغرقها الدراسة فيضيف بوبشيت ان الدراسة ستدرس كل مرحلة على حدة وان انجاز المرحلة الأولى من الدراسة المقترحة والمتمثلة في تحليل تطور الأسعار وتحديد اتجاهاتها ستستغرق 4 شهور. واختتم تصريحاته بالقول اننا نعتمد كثيرا على وعي المستهلك الذي يبقى هو الرهان الحقيقي في استيعاب معطيات الواقع الحالي واستشراف الأمور مستقبلا، ونؤكد على تلك القيم التي نسعى لترسيخها كحقوق للمستهلك وتوفير احتياجاته الاساسية وحق الاستماع لآرائه وحقه في البحث عن البديل المناسب وحق المعرفة وحق التوعية وحق الاختيار وحق التعويض وحق الأمان وحق الحياة في بيئة صحية، وهي من مواثيق الأمم المتحدة ومن منطلقات قناعاتنا في الوزارة. كما نعول كثيرا على متابعي الشأن الاقتصادي في الشراكة المجتمعية والأهلية من أجل وضع المستهلك والمواطن عموما في صورة الوضع الحقيقي السائد، كون مثل هذه القضايا تشكل رأيا عاما وأداة في تشكيل ثقافة المجتمع. كما أن وزارة الصناعة والتجارة تتبع في ذلك الخطوط الاساسية التي وضعتها حكومتنا في هذا السياق إذ اننا نولي اهتماما كاملا لما يدور في الساحة المحلية من نقاشات لموضوع ارتفاع الأسعار ونعمل بشكل متواصل على تقييم الوضع العالمي وانعكاساته واسقاطاته على واقع السوق المحلي
العدد 1151 - الأحد 30 أكتوبر 2005م الموافق 27 رمضان 1426هـ