العدد 2429 - الخميس 30 أبريل 2009م الموافق 05 جمادى الأولى 1430هـ

«العلمائي»: الدّعوة لترشيد الآليّات لا تعني التّراجع عن المطالب

أكد أنها تمثّل عاملَ ضغطٍ أكبر لتحقيق انفراج حقيقيّ في الواقع السياسيّ

حلة العبد الصالح - المجلس الإسلامي العلمائي 

30 أبريل 2009

لفت المجلس الإسلامي العلمائي، في بيان صحافي أصدره أمس، إلى «أنّ الدّعوة إلى ترشيد الوسائل والآليّات لا تعني إطلاقا التّراجع عن المطالب»، مستدركا «بل هي ضمن المعطيات الفعليّة تمثّل عاملَ ضغطٍ أكبر؛ لتحقيق انفراج حقيقيّ في الواقع السياسيّ، ولا يمكن أنْ تفهم أيّة خطوة تنطلق من رعاية المصلحة العامّة، وتنسجم مع الرّؤية العلمائيّة تراجعا أبدا، بل هي تؤسّس للموقف الرّاشد المدروس والمؤثر، وتكون إيجابيّاتها، ونتائجها أكبر».

وأضاف المجلس في بيانه «تمرّ الساحة بحالة تجاذب فكريّ وسياسيّ، وإرهاصات تحوّلات على مستوى العلاقات بين أطراف المعارضة من جهة، والمعارضة والسّلطة من جهة أخرى، كما تمرّ بتغيّرات أمنيّة نأمل أنْ تكون مدخلا لمعالجات سياسيّة حقيقيّة وواقعيّة على كلّ الأصعدة، وأمام هذا المشهد المتحرّك قد يجد البعض صعوبة في تحديد الموقف، وتحمّل المسئوليّة وفق الالتزامات الدينيّة، والوطنيّة الدّقيقة». مشددا على أن «مطالب الشّعب واضحة وعادلة، وهي حقّ طبيعيّ وضروريّ لا مجال للتّفاوض عليه فضلا عن التّنازل عنه، والحوار الذي يجري الحديث عنه إنّما هو في آليات ومتطلّبات تحقيق هذه المطالب الجوهريّة، والتأسيس للمصالحة الوطنيّة الشاملة، وما جرى من إفراج عن المعتقلين وإلغاء لقراريّ (بناء المساجد، والحسينيّات)، و(الخطاب الدينيّ) إنّما هي خطوات تمهيديّة؛ لتهيئة الظّروف المناسبة للانطلاق في الحوار الشّامل الذي يعالج مختلف الملفّات، ويؤسّس لمصالحة وطنيّة شاملة، وهنا نؤكّد لزوم أنْ تبدي الدولة جدّيتها في هذا الأمر بالمسارعة في إطلاق سراح باقي المعتقلين، والبدء بترتيبات الحوار والمصالحة».

وبيّن أن «الدّفع بالعمليّة السياسيّة في أجوائها الإيجابيّة يقتضي تحرّك الحوار بشكل جدّيّ وفاعل وسريع، لذلك ندعو لأن ينطلق الحوار في آفاق أكثر جديّة؛ لينفتح على المصالح العليا للوطن والمواطن، ويعالج مختلف الملفّات وفي مقدّمتها الملف الدّستوريّ، والعمليّة الديمقراطيّة برمّتها، وملف التّجنيس والتّمييز...». مشيرا إلى أن «الدّولة مطالَبة بتوفير وتأمين المساحات الواسعة؛ للتّعبير عن الرّأي وحمايتها، فحريّة الكلمة المسئولة ينبغي أنْ تكون مكفولة ومحميّة بحكم القانون، ومن هنا تكون عرقلة الفعاليّات السلميّة، والتذرّع بتفسيرات أُحاديّة الجانب للقانون تعسفا في تطبيق القانون، فضلا عن أنّ التّحفّظات الكبيرة على هذا القانون مازالت غير مرتفعة، وتحتاج إلى مراجعة وتعديل يتطابق والمعايير العالمية لحقوق الإنسان ومقتضيات العدل والإن صاف».

وقال المجلس العلمائي: «نحن بحاجّة ماسّة في هذه المرحلة إلى ترشيد أُطر، ووسائل، وأساليب التّعبير عن الرّأي والمطالبة بالحقوق؛ لنحقّق أقصى درجات الانضباط الشرعيّ، ورعاية المصالح السياسيّة والدينيّة العليا للأمّة؛ من أجل تهيئة الأجواء المناسبة لعمل وطني مشترك قادر على الوصول الى الأهداف والغايات المطلوبة، من هنا فنحن مطالبون بالخروج من إطار التّشخيصات الفرديّة والجزئيّة إلى إطار التّشخيصات المدروسة والحكيمة المبنيّة على رؤية فقهيّة واضحة، والمنسجمة مع توجيهات كبار العلماء، تلافيا لأيّة تشخيصات جزئيّة، ورؤى خاصّة ومنهجيّات فرديّة قد تربك الواقع، ولا تحقّق النتائج المطلوبة».

كما ذكر في بيانه أن «الانسجام المجتمعيّ من أقوى العوامل التي تهيِّئ الأجواء، وتمكّن من الوصول الى الأهداف الكبيرة، من هنا فعلى الجميع أنْ يسعى؛ لتقويّة ذلك وترسيخه، وأنْ يمثِّل منطلقا، وأساسا منهجيّا وعمليّا لمختلف القوى الفاعلة والمؤثرة في الساحة في مختلف المواقع، وضرورة تلافي أيّة ممارسة قد تمثّل عامل اهتزاز بالنّسبة إليه، ولا بدّ من العمل الجادّ والحقيقيّ على تعزيز أطر الأخوّة الإيمانيّة الصادقة انطلاقا من الأصول الدينيّة الأصيلة، والمنهج العمليّ للرّسول الأكرم (ص)، وأئمّة الهدى (ع)، وسيرة الفقهاء والمراجع العظام، والانطلاق لتعزيز ذلك من خلال تهذيب الخطاب، واستقامة السّلوك، والممارسة، والاحترام المتبادل، فهو ضمن كونه - في ذاته - هدفا مقدّسا يمثّل كذلك مقدّمة ضروريّة؛ لتحقيق المطالب الشعبيّة العادلة بصورة أفضل».

وأشار المجلس إلى أنه «لا ينبغي للسّاحة أنْ تعيش الانقسام والانشقاق على أساس الرّؤى الفرديّة والاجتهادات الشخصيّة، وإنّما عليها أنْ ترشّد واقعها عبر التّواصل والتّعاون على قاعدة التّواصي بالحقّ والتّواصي بالصبر، وفي حال تعدّد أطر العمل السياسيّ، فلا بدّ لها جميعا أنْ تتحرّك في إطار مرجعيّة سياسيّة واحدة للسّاحة، وتتفاهم وتنسّق فيما بينها في الخطوات العمليّة ما أمكن ذلك، مع ضرورة المحافظة على المصلحة الدينيّة والوطنيّة العليا، والالتزام بالخطوط العامّة المتوافق عليها للعمل السياسيّ، وتجنّب تضعيف الآخر، أو التّعريض به، وما قد يحصل من اختلافات في بعض التّشخيصات الموضوعيّة والتّقييمات الميدانيّة لا بدّ من علاجها عبر الحوار الإيمانيّ الملتزم».

ونوّه البيان إلى أن «مرجعيّة العلماء لا ينبغي أنْ تدخل ضمن تجاذبات السياسة ومزايداتها، وتقلّبات الساحة وتفاعلاتها، وإنّما لابدّ أنْ تمثّل منهجا أساسيّا ومرتكزا رئيسيّا للعمل الدينيّ السياسيّ في البلد، وينبغي العمل على تعزيزها وترسيخها وفق قناعة منطلقة من عمق الرّؤية العقائديّة والفقهيّة الإسلاميّة». مؤكدا أن «المرجعيّة العلمائيّة تمثّل ثابتا أصيلا في الساحة لما تمثّله من عمق استراتيجيّ للعمل الإسلاميّ، وضمانة لسلامة المسيرة واستقامتها واستحكامها، أمّا القوى والجهات الفاعلة في السّاحة التي تمارس العمل السياسيّ والاجتماعيّ، فهي من المتغيّرات التي تتأثّر بالتحوّلات والمستجدّات على الساحة، ولا يجوز أنْ يربط مصير السّاحة بهذه الجهة، أو تلك».

العدد 2429 - الخميس 30 أبريل 2009م الموافق 05 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً