العدد 2429 - الخميس 30 أبريل 2009م الموافق 05 جمادى الأولى 1430هـ

الانفتاح بين المصالح والهواجس

لا يزال الشيخ الصفار ينتج لنا الكتب الوحدوية كتابا تلو الآخر، بهمته وروحه العالية، فمن قبل قرأنا كتاب «المشكل الطائفي» إذ قدم سماحته العلاج الشافي لكل من يقرأه، ها نحن أمام كتاب جدير بالقراءة والتمعن في أطروحاته النيرة التي تنير دروب المصلحين والمنفتحين والداعين للتقارب والوحدة بين المختلفين من أبناء الدين الواحد.

كتاب «الانفتاح بين المصالح والهواجس» لسماحة الشيخ حسن الصفار هو عبارة عن محاضرة ألقيت في منتدى العوامية الثقافي حولها سماحته إلى كتاب كي تعم الفائدة للجميع.

وقد تحدث الصفار عن ثلاثة محاور، هي:


الانفتاح والتقارب والوحدة: عناوين إسلامية أصيلة

أثبت المؤلف فيه من خلال الآيات بأن هذه العناوين أصيلة من صميم الإسلام قد أهملها المسلمون وفعلت في بلاد الغرب. فقد مثل ذلك سماحته بعنوان حقوق الإنسان إذ قال «لا يستطيع مسلم أن يتنكر لأصالته إسلاميا، ولا يستطيع شخص أن يدعي أنه ليس في الإسلام، أو أن الإسلام لا يدعو إلى احترام وحفظ حقوق الإنسان – نرى أن هذا العنوان خفت في المجتمع الإسلامي، وبرزت عناوين أخرى بسبب الأوضاع السياسية».

بعد ذلك أشار الشيخ الصفار إلى أن «الانفتاح والتقارب والوحدة بين أبناء الأمة الواحدة، فهو من العناوين الإسلامية الأصيلة، التي لا تحتاج إلى مزيد من الحديث حولها لوضع وطرح البراهين والأدلة على أصليتها في الفكر والثقافة الإسلامية، ولكننا نعترف بأن الواقع الذي عاشته الأمة جعل هذه العناوين في الظل».

وقد استدل على ذلك بآيات من القران الكريم، وأشار إلى أن هناك الكثير من الأحاديث والروايات تشير إلى ذلك، وأكد أن العقل يدعو الإنسان إلى أن يجسد هذه العناوين في حياته العملية واليومية.


حق الاجتهاد وشرعية الاختلاف في الرأي

وفيه أكد الشيخ الصفار أن في المجتمع تيارين فيما يخص الشأن الديني والفكري، وبإمكان كل تيار أو اتجاه أن يطرح رأيه ووجهة نظره ولكن عليه احترام الآخرين من دون تجريح أو لجوء إلى أجواء الإرهاب الفكري والتشكيك في دين الآخرين، لأن ذلك تجاوزا للحدود، ولا يراد منه إلا التسقيط لأناس محترمين.

فبدلا من التسقيط والتشكيك في النوايا وتجريح الآخرين لابد من النقد البناء الذي يقوّم العمل فهناك نوعان من النقد نقد بناء وهو ما قصد منه تقويم العمل أو الفكرة لبلوغ هدفها المنشود، وهذا نوع محمود ويحتاجه المجتمع الإسلامي لكي يتقدم ويبلغ غايته.

أما النوع الآخر من النقد فهو النقد الهدام وهو ما يكون بغرض سلبي كالنيل من الأشخاص أو عرقلة مشروع منافس لمشروع الناقد أو غيرها من المآرب الشخصية والفئوية، والمذهبية وهو لا يفيد المجتمع الإسلامي في شيء بل يكون على حساب تقدمه وازدهاره.


أولويات أم تنازل

قال المؤلف في هذه النقطة رادا على من يتهمون دعاة التقريب والوحدة بتنازل عن العقيدة «علينا أن لا نستغفل الناس بالعناوين التي تدغدغ مشاعرهم وعواطفهم، وأن لا نقبل باتهام الآخر في دينه لأنه يختلف معنا في الرأ، فالتشكيك في نيات الآخرين وأديانهم مرفوض من أية جهة صدر».

شدد سماحته على أن هناك بعض الجوانب قد تكون من العقيدة ومن الشريعة، ولكن هناك ظرفا يقتضي تجاوز هذا الجانب أو التنازل عن ممارسته. واستشهد على أن الرسول قدم تنازلا عندما رأى أن المصلحة في ذلك وقبل مسح البسملة وعبارة رسول الله من الكتاب الذي كتبه مع مشركي قريش، إذ إن الرسول لم يتنازل عن قناعته بل تنازل لمصلحة الإسلام فاعتبر هذا من الأولويات وليس تنازلا منه.

بعد ذلك لخص سماحة الشيخ الحديث في أن الدعوة إلى الانفتاح والتقارب والوحدة وظيفة إسلامية وشرعية، وأن الاجتهاد وشرعية الاختلاف مبدأ متفق عليه ولا يحق لأحد أن يتهم الرأي الآخر بالخروج عن الدين والمروق من الدين، وينبغي تحرير مواطن الخلاف هل هذا من العقيدة والشريعة أولا؟ بعد ذلك نتحدث بشأن كونه تنازلا أم غير تنازل.

ثم قال مجيبا على تساؤل من الذي يحدد تنازل أم غير ذلك؟ إن الذي يحدد ذلك هم المتصدون لهذه المهام كما في أي مجال من المجالات.

يذكر بأن الكتاب يقع في (52) صفحة من المقاس الوزيري كما أنه يضم الحوار والمداخلات التي أجريت معه في المنتدى.

هو بحق كتاب ينبغي الاطلاع عليه والوقوف على أفكاره لأن من يطلع عليه يجد فيه الفائدة والمعرفة.

عيسى محمد العيد

العدد 2429 - الخميس 30 أبريل 2009م الموافق 05 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً