العدد 1164 - السبت 12 نوفمبر 2005م الموافق 10 شوال 1426هـ

هل سيقرأ رؤساء الدول الثماني تقرير الراصد الاجتماعي؟

بين الصخب والهمس والوعود التي لم يوف بها

تتطابق نتائج ائتلافات الراصد الاجتماعي في خمسين بلدا مع تحليلات المؤشرات المتاحة: ظلت الوعود غير موفاة الى حد بعيد، وما لم تجر تغييرات أساسية في المدى القريب، فإن الغايات الموضوعة للتنفيذ بحلول العام 2015 لن تتحقق. .. ففي مجال بعد مجال، سواء أكان ذلك في مجالات الصحة، التعليم، التغذية أم توفير الخدمات الأساسية كالنظافة العامة، ليس هناك من تقدم غير كاف! في هذا الحوار الذي أجرته "الوسط" مع محرر تقرير الراصد الاجتماعي روبيرتو بيزو، نطرح سؤالا رئيسيا هو: "هل سيقرأ رؤساء الدول الثماني الكبرى هذا التقرير؟"، وإن كنا ندرك أن هذا التقرير تناقشه لجان، لكن الإجابة التي حصلنا عليها من محدثنا هي أن هذا التقرير سيرفع من دون شك الى هيئة الأمم المتحدة، لكن لندخل في تفاصيل الحوار. عنوان التقرير، على رغم اتساع بنوده، حمل تسمية رمزية، لماذا سمي "صخب وهمس"... هل من دلالات معينة؟ - نعم، هو صخب وهمس، نقصد منه ذلك الحراك المتناقض نوعا ما في كثير من الدول العربية فيما يتعلق بتحديد الأولويات، إذ إن هناك تحديات نوعية تواجه الدول العربية في مجال القضاء على الفقر وتعزيز الديمقراطية وزيادة رقعة المشاركة السياسية وتكافؤ الفرص وتمكين المرأة، بالإضافة الى تحسين الخدمات عموما، فهناك تحديات نوعية، يمكن أن نعتبرها "عقبات"، وخصوصا إذا وضعنا في الاعتبار أن برامج وسياسات التنمية ليست من الأولويات في كثير من الدول العربية... زد عليها التغييب الواضح لمنظمات المجتمع المدني في صوغ القرار الوطني الاستراتيجي، وهذه حالة صخب، تماثلها حالة همس في مراقبة تطبيق الالتزامات والقرارات والتوصيات الدولية.

لماذا تتعطل التنمية؟

هل يمكن أن نفهم من ذلك أن غياب الأرقام الحقيقية والدراسات المسحية عن حالات الفقر والأوضاع الاجتماعية سببا رئيسيا في تعطل تطبيق المشروعات التنموية؟ - من دون شك في ذلك، فأهداف الألفية الثمانية المحددة هي القضاء على الفقر المدقع والجوع ونشر التعليم الأساسي الشامل وتعزيز التكافؤ وتمكين المرأة وخفض وفيات الأطفال وتحسين صحة الأم ومكافحة الأيدز والملاريا والأمراض الأخرى وضمان الاستدامة البيئية وتطوير شراكة دولية من أجل التنمية.

الوعود... غياب المؤشرات

لقد أطلق التقرير الأول في لبنان العام .,,2003 أعني تقرير الراصد الاجتماعي، والبحرين اليوم تشهد اطلاق ثاني تقرير، هل من اختلاف بين التقريرين؟ - أود القول إن شبكة الراصد الاجتماعي تصدر تقريرا شاملا وسنويا يراقب مدى التزام الحكومات بتطبيق القرارات والتوصيات الدولية، وفي عضوية هذه الشبكة ما يربو على 70 دولة، وخصوصا تلك الدول العربية التي وقعت اعلان الألفية وتعهدت بتحقيق أهداف التنمية الألفية بحلول العام .2015 وقعت ولكن هناك "وعود لم توف بها" هكذا قلتم في تقريركم؟ - "الوعود التي لم توف"... هكذا استهل تقرير الراصد الاجتماعي 2005 عنوانه الفرعي الأول، ليبدأ بعبارة قالها المفكر آدم سميت في العام 1776: "لا يمكن لمجتمع أن يكون مزدهرا وسعيدا حين يكون الجزء الأكبر من أعضائه فقراء وبائسين". هناك حقائق قاسية لا يمكن الجدال فيها، فخلافا لوعود الساسة الانتخابية التي غالبا ما تكون مبهمة ومفتوحة ويصعب تعليق الآمال على تنفيذها، فإن معظم الأهداف التي وضعت بصورة جماعية من قبل رؤساء الدول ورؤساء وزرائها والمعروفة باسم "أهداف التنمية الألفية"، على علاقة بغياب مؤشرات غاية في التحديد والملموسية، وبتقويم تطور المؤشرات ومقارنتها مع الوضع في كل بلد، والنتيجة التي لا سبيل الى تجنبها هي أنه لن يكون من الممكن تحقيق الأهداف من دون تحقيق تحسن كبير في الاتجاهات الحالية. وبحسب ما جاء في برنامج خطة عمل القمة الاجتماعية فإن للفقر مظاهر متنوعة بما فيها انعدام الدخل والموارد الإنتاجية الكافية لضمان ظروف معيشية مستدامة، والجوع وسوء التغذية والصحة "المريضة" والوصول المحدود الى التعليم وغيره من الخدمات الأساسية وانعدامها والوفيات جراء المرض والتشرد بلا مأوى والسكن غير الملائم والبيئات غير الآمنة والتمييز والإقصاء الاجتماعيين وانعدام المشاركة في صنع القرار في الحياة المدنية والاجتماعية والثقافية، وهو موجود في كل البلدان، إما بوصفه فقرا جماعيا في الكثير من البلدان النامية أو جيوبا وسط الأغنياء في البلدان المتقدمة، أو فقدان الظروف المعيشية نتيجة الركود الاقتصادي أو الفقر المفاجئ نتيجة كارثة أو نزاع أو فقر العمال ذوي الأجور المتدنية. في الواقع، أريد أن أقول إن منظمات وفعاليات المجتمع المدني تؤمن بشكل قاطع أن عملية الإصلاح العالم العربي هي عملية داخلية يتولى زمامها كل الفعاليات الوطنية - حكومية وغير حكومية - التي تتطلع لإصلاح جاد وحقيقي يلبي تطلعات الشعوب في التقدم والتنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والأمن والسلام. ولكنها في الوقت نفسه تدين القمع بالقوة لمحاولات الإصلاح من الداخل في العالم العربي خلال عدة عقود مضت. إن العقبة الرئيسية أمام الإصلاح هي افتقار غالبية الحكومات العربية للإرادة السياسية اللازمة. بالاضافة الى أن هناك الاستعداد للتفاعل البناء مع مبادرة دول الثماني و"المنتدى من أجل المستقبل" ومع ممثلي الحكومات العربية المشاركة في هذا المنتدى، مثلما أبدت في السابق تعاملا إيجابيا مع مبادرات وآليات إقليمية ودولية مختلفة. إن هذا الاستعداد للتعاون ينبع من الالتزام بالعمل من خلال جميع الآليات المتاحة من اجل المساهمة والمشاركة في تحقيق الإصلاح الجاد والحقيقي في كل دولة، وذلك من موقع مستقل ذاتي وفي إطار جدول أعمال واستراتيجية ساهم المجتمع المدني في بلورة مبادئها وعناصرها في السنوات الأخيرة، عبر إعلانات ومشروعات وبرامج عمل كثيرة. نحن مع مطالبة حكومات دول الثماني بالتخلي عن اتباع المعايير المزدوجة تجاه كل قضايا العالم العربي، وانتهاكات مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية في كل دولة، واتخاذ مواقف معلنة جماعية ومنفردة إزاءها، بما في ذلك المساهمة في مراقبة الانتخابات العامة ومحاكمات الرأي، وربط مستوى علاقات التعاون السياسي والاقتصادي بمعدل السير في طريق الإصلاح، ومدى وفاء كل حكومة بالالتزامات التي تقطعها على نفسها. إن التعامل مع المجتمع المدني في العالم العربي كشريك لا يجب أن ينحصر فقط في مناسبة اجتماعات المنتدى من أجل المستقبل، بل يجب أن يصير حقيقة يومية. فمن الضروري أن تدير الحكومات العربية - في كل دولة على حدة - حوارا جديا ومتكافئا مع المجتمع المدني بشأن سبل تنفيذ خطط الإصلاح والجداول الزمنية المناسبة. فمثل هذا الحوار لا يجب أن يشترط وجود وسيط من دول الثماني لكي يدور. وأن يحرص رؤساء الدول الثماني ووفودها عند زيارتهم للدول العربية، على عقد الاجتماعات مع فعاليات ومنظمات المجتمع المدني في هذه البلدان

العدد 1164 - السبت 12 نوفمبر 2005م الموافق 10 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً