قال الباحث الاقتصادي جاسم حسين في ورقة قدمها بعنوان: "قراءة في تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004" إن ديوان الرقابة لم يتمتع بقدر كاف من الجرأة لإجراء مناقشة قانونية لقضية تحويل مبلغ للأغراض العسكرية من الوفرة المالية الذي تحقق في العام . 2004 وأضاف حسين الذي كان يتحدث في محاضرة "من المعروف أن الموازنة تمكنت من تحويل العجز المتوقع وقدره 440 مليون دينار إلى فائض مقداره 196 مليون دينار. إلا أن الحكومة قررت تدويل 85 مليون دينار من الوفر المالي لمصروفات المشروعات، فضلا عن 51 مليونا لمصروفات التسليح والتطوير وعليه تم تسجيل وفر صافي قدره 60 مليون دينار". وذكر أن ديوان الرقابة المالية للعام 2004 أشار إلى وقوع مختلف أنواع التجاوزات والمخالفات المالية في الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية. وتناول في الورقة التي قدمها عينة مختارة من التجاوزات المسجلة في تقرير ديوان الرقابة المالية. وقال حسين إن التقرير خص التجاوزات التي وقعت في وزارة المالية من دون غيرها من الوزارات "وربما يعود الأمر إلى أن المفروض أن تكون وزارة المالية شديدة الحرص على المال العام أو على أقل تقدير أكثر حرصا من غيرها". وأضاف: "على سبيل المثل وليس الحصر سجل التقرير قيام وزارة المالية بتدوير مبلغ قدره 85 مليون دينار من المصروفات المخصصة لموازنة نفقات المشروعات للسنة المالية 2004 إلى السنة المالية 2005 بطريقة غير سليمة. إذ تبين عدم تنفيذ 58 مشروعا، كما تم صرف نصف المبلغ المخصص لـ 64 مشروعا آخر. بالمقابل قامت الوزارة بتدوير اعتمادات لمشروعات لم يرصد لها موازنة أصلا "مثل اعتماد مبلغ قدره 53 ألف دينار لتجديد مبنى سفارة البحرين في العاصمة البريطانية"". وقال: "يلاحظ أنه لم تقم وزارة المالية بإخطار جميع الوزارات المعنية بالمبالغ المدورة لحسابها. إضافة إلى كل ذلك قامت الوزارة بتدوير مبالغ تعود لأكثر من سنة مالية ضاربة بذلك القوانين عرض الحائط". وذكر أن التقرير أشار إلى عدم قيام الوزارة بمراقبة دقيقة للمؤسسات التي تساهم فيها الحكومة، بدليل حصول خسائر مالية جسيمة في بعض هذه الشركات. على سبيل المثال بلغت قيمة الخسائر المتراكمة في "شركة البحرين العالمية للجولف" 2,2 مليون دينار حتى العام 2003 أي ما يعادل 32 في المئة من رأس مالها. وعن وزارة الخارجية قال: "لاحظ التقرير قيام رئيس البعثة الدبلوماسية البحرينية "السفير السابق" في العاصمة الأميركية بتأجير سكن خاص له بدل الإقامة في سكن ملك تابع للحكومة. وتسبب سكن السفير لمنزل مستأجر لفترة ثلاث سنوات ونصف السنة إلى تحمل خزانة الدولة مبلغا يقترب من 127 ألف دينار، والغريب أن رد الوزارة تضمن أن سكن رئيس البعثة طوال هذه الفترة كان مؤقتا وذلك بالنظر لأعمال الصيانة في المنزل التابع للحكومة". وعن وزارة الداخلية أكد أن التقرير نبه إلى وجود تصرفات غريبة في وزارة الداخلية مثل اعتمادها على نظام السجلات اليدوية لتدوين الإيرادات ما يفتح المجال أمام وقوع أخطاء. كما أشار إلى عدم احتفاظ الوزارة بقائمة متكاملة ومحدثة فيما يتعلق بالعقود المبرمة مع أطراف خارجية وتاريخ انتهائها. والأهم من ذلك لاحظ التقرير قيام وزارة الداخلية باستخدام مبلغ قدره 75 ألف دينار لأغراض لم يتم التصريح لها. وقد تمكنت الوزارة من الحصول على هذا المبلغ عن طريق صرف 175 ألف دينار وليس 250 ألف دينار المخصص أصلا لشراء سيارات مكافحة الحريق. وعن وزارة الكهرباء والماء، قال: "إن التقرير سجل حدوث تلاعب في تنفيذ مكرمة سمو رئيس الوزراء للعام 2004 بخصوص إسقاط المبالغ المستحقة على المواطنين والأسر المحتاجة. فقد تبين حدوث تلاعب حيث لم تحصل 352 أسرة "من أصل 2183 أسرة" محتاجة على المكرمة. بالمقابل تم تنفيذ الإعفاء على أفراد "بينهم أجانب" وجهات ومؤسسات غير مشمولين في المكرمة". وأوضح أن التقرير سجل أخطاء أخرى أيضا في وزارة الكهرباء والماء مثل وجود اختلاف بين التقرير الرسمي للذمم المدينة للمشتركين مقارنة مع التقارير المستخرجة من قاعدة البيانات نفسها "من جانبها، أرجعت الوزارة السبب إلى وجود خلل فني". وذكر أن التقرير تضمن انتقادات لاذعة لشئون السياحة لعدة أسباب، إذ تبين أن 75 في المئة من المنشآت السياحية في البلاد "327 من أصل 434 منشأة" تعمل من دون تراخيص صالحة. كما زعم التقرير أن "قسم التراخيص بإدارة المرافق والخدمات" لا يقوم بعمله على وجه الدقة، إذ لوحظ منحه تراخيص لبعض المنشآت السياحية على رغم عدم استيفائها لبعض المتطلبات الأساسية. كما نبه التقرير إلى حدوث مخالفات صريحة مثل تحويل بعض مطاعم إلى مراقص، فضلا عن تجاوزات أخرى مثل قيام بعض المطاعم السياحية بتأجير جزء من المطعم من الباطن وتحويل الطابق العلوي إلى غرف نوم. وأشار إلى أن التقرير انتقد المؤسسة العامة للشباب والرياضة لعدم وجود رؤية محددة بخصوص عملية صيانة المنشآت الرياضية، كما هو الحال مع الصالة الرياضية في الجفير. كما لاحظ التقرير وجود فائض في موازنة المؤسسة العامة للشباب والرياضة لأغراض الصيانة، وذلك على رغم محدودية المبلغ المخصص لأغراض الصيانة "تم صرف 141 ألف دينار في العام 2003 مقارنة بـ 300 ألف دينار قيمة الموازنة المعتمدة". وعن الرسوم والديون الحكومية، قال: "إن التقرير انتقد قيام بعض الجهات الحكومية بإجراء تغييرات في بعض الرسوم من دون الحصول على تفويض من مجلس الوزراء أو دون نشرها في الجريدة الرسمية. إذ إن من أصل 18 وزارة ومؤسسة حكومية أجريت عليها الدارسة قامت 11 جهة حكومية بفرض رسوم جديدة أو زيادتها أو خفضها بواسطة أوامر إدارية". وأضاف "كما سجل التقرير تباطؤ الكثير من الوزارات والهيئات الحكومية في جمع أموال عائدة لخزانة الدولة. على سبيل المثال قام شئون الطيران المدني بتأجيل تحصيل مبالغ مستحقة على بعض شركات الطيران والتي بدورها تستخدم مطار البحرين الدولي. كما أشار التقرير إلى قيام وزارة المواصلات بإعفاء عدد من الوزارات والسفارات الأجنبية من رسوم تراخيص الترددات". وعن شركة بابكو، قال: "لاحظ التقرير إبرام الشركة للكثير من العقود والتي تفوق قيمتها عن 100 ألف دينار متخطية بذلك مجلس المناقصات. كما لوحظ قيام بابكو بوضع قيم تقديرية لبعض العقود أقل بكثير من القيم الفعلية فضلا عن تفضيلها التعامل مع بعض الموردين. "تعود ملكية بابكو لحكومة البحرين بشكل كامل"". وذكر عن شركة ألبا "أن التقرير أشار إلى وجود ضعف في أنظمة الرقابة في الشركة من قبيل قبول عروض لا تتطابق والمواصفات المطلوبة فضلا عن قبول عطاءات من موردين بعد إقفال صندوق العطاءات. "المعروف أن الحكومة تمتلك 77 في المئة من أسهم شركة ألبا". وأوضح أن التقرير أشار إلى حدوث تجاوزات كثيرة ومتنوعة في الأوقاف الجعفرية تحديدا مثل تأخير مطالبة أعضاء مجلس الإدارة للإيجارات المستحقة عليهم. كذلك نبه التقرير إلى حالات من استغلال الأراضي من دون عقود "50 قطعة أرض"، إضافة إلى استمرار تجديد عقود إيجار بعض الأراضي بأسعار رمزية ومتدنية مقارنة بالأسعار السائدة في السوق. وقال: "إن تقرير العام 2004 لديوان الرقابة المالية تميز بالمزيد من الصراحة في الكشف عن التجاوزات في الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية، لكن المطلوب من الديوان العمل على كشف المزيد من المخالفات في الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية لأن المطروح على بساط البحث هو المال العام والذي بدوره هو ملك للشعب"
العدد 1178 - السبت 26 نوفمبر 2005م الموافق 24 شوال 1426هـ