هذه المرة ليست كباقي المرات. .. وما قيل لم يُقل من قبل... طُرحت قضية المطالبين بحقهم في سكن ملائم على صفحات الصحف، وملأت معاناة الأهالي والوعود المانشيتات والأوراق، ولكن لم تُنقل معاناة الأطفال الصادقة، «الوسط» هذه المرة تحدثت مع الأطفال، الذين ترجع مطالب أهاليهم لدى وزارة الإسكان إلى العام ،1992 لينقلوا مطالبهم، وأمانيهم وأحلامهم البسيطة... في ذلك اللقاء العفوي، انهمرت دموع الطفلة حوراء حينما قالت «كلنا نسكن في حجرة واحدة... ما في محل... فوضى، نزل تقديري من ممتاز إلى جيد، فنحن نعيش في خرابة». وتقول الطفلة إباء (9 اعوام): «بيتنا في المقشع، نسكن في بيت جدي، ولدي أخان أصغر مني، ونسكن في غرفة واحدة فقط في بيت جدي». وحينما سألت إباء عما تريد قالت «اريد سريراً... ليس لدي سرير... أنا واختي ننام على برنوص (بطانية)... فلايوجد مكان في الحجرة الا لسرير والدي أما نحن فننام على الأرض». وببراءة تضيف «أمي طلبت من ولي العهد توفير «سكن» عندما زار المقشع... إلا اننا لم نحصل على سكن بعد». وينتقل الحديث لمنال (12عاما): «نسكن في شقة من شقق مدينة عيسى، تتكون من حجرتين وصالة، حجرة للوالدين وكلنا (اخواتي واخواني) في حجرة أخرى، وننام ونأكل فيها ونذاكر وكل شيء... ونستقبل الضيوف فيها أيضا، ونافذاتها مكسرة... الصالة صغيرة... الحجرة ضيقة وننام على الأرض، ولدينا قريب ينام في شرفة الشقة (في البلكونة) ... اذهب لبيت جدي لاذاكر أيام الامتحانات، فلا استطيع أن اذاكر في البيت... فاخوتي كثر وكلنا نجلس في غرفة واحدة، حتى مشاهدة التلفاز تتم في هذه الغرفة... أما في الأيام العادية، فلا أطيق المذاكرة فالفوضى تملأ كل مكان، ولا توجد خصوصية لأحد». وتقول صبرية قريبة منال: «حالتهم مأساة... حتى المحيط الذي يسكنون فيه يخلو من الأمان... فثمة شباب يتعاطون المخدرات في العمارة، واشتكينا عند الشرطة مرات، ولا من حل،... وتوجد شقة لدينا في الطابق العلوي للعمارة، وهذه الشقة خالية ولا يوجد بها أحد، لذلك يستغلها الشباب للدعارة». تصمت قليلاً وتكرر «الثياب متناثرة في كل مكان... والحجرة ضيقة... ولا توجد مساحة... ويش هالعيشة اللي عايشينها... مأساة...». وتقول حوراء (16 عاما) بصوت حزين ومتقطع: «نسكن في بيت جدي في السهلة، وعدد من يسكنون في البيت 24 شخصاً، وأنا واخوتي وأمي وابي نسكن في غرفة واحدة». تصمت حوراء قليلاً ثم تبكي... وتقول «نبي نعيش في بيت بروحنا... ما نقدر نذاكر... نزل معدلي من ممتاز إلى جيد... من المسئول؟». أما الطفل عبدالله (11 عاما) يقول والابتسامة لم تفارقه منذ بداية اللقاء: «نسكن في شقة بها غرفتان وعددنا أربعة، وكلنا ننام في غرفة واحدة، والغرفة الأخرى فيها الاغراض...». ويفكر ثم يقول «نبي بيت أوسع، أريد غرفة لأجلس فيها مع اصدقائي». ويضيف «لا يستطيع والدي ان يستأجر شقة أوسع، فراتبه 140 ديناراً، و75 ديناراً تذهب الى ايجار الشقة، ولا يكفي ما يتبقى من المعاش». وبعفوية يقول «المنتخب الوطني خسروا مع انهم لعبوا على أرضنا... ومع ذلك اعطوهم بيوتاً فلماذا لا يعطونا... وطلبنا منذ العام 1992». ويلتفت عبدالله «لدي اصدقاء مصريون وأردنيون في مدرستي، وكلهم عندهم بيوت، فلماذا انا كمواطن لا املك بيتاً...». ويتحدث عبدالله بصدق الأطفال في السياسية: «الذين يأتون من الخارج يعطون سكناً ونحن لا نعطى...». ويحتج عبدالله «ليش أولاد عمتي عندهم كل واحد حجرة وانا ما عندي،». وفي نهاية اللقاء ناشد الأطفال جلالة الملك، لحل قضيتهم فبدوا يائسين من وجود حل آخر غير التدخل. ونترك النصوص القانونية لتعبر بعد هذا اللقاء إذ تنص المادة (9) من دستور مملكة البحرين،الفقرة (و): «تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين». وينص الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (25) على: «لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة يكفي للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته. ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة». وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المادة (11) على أن «الدول الأطراف في هذا العهد تقر بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجاتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية». وتنص المادة (27) من اتفاق حقوق الطفل الذي تعتبر البحرين طرفا فيه على أن «الدول الأطراف تعترف بحق كل طفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي» وينص في فقرة أخرى على أن «الدول الأطراف تتخذ، وفقا لظروفها الوطنية وفى حدود إمكاناتها، التدابير الملائمة من أجل مساعدة الوالدين وغيرهما من الأشخاص المسئولين عن الطفل، على إعمال هذا الحق وتقدم عند الضرورة المساعدة المادية وبرامج الدعم، ولا سيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء والإسكان»
العدد 1184 - الجمعة 02 ديسمبر 2005م الموافق 01 ذي القعدة 1426هـ