دعا اقتصاديون إلى تكوين التكتلات الاقتصادية الخليجية والعربية على غرار التكتل الأوروبي لاتخاذ إجراءات مضادة للاجراءات التعسفية التي قد تتبعها الدول المستهلكة للنفط والبتروكيماويات والألمنيوم في ظل التغيرات العالمية ودخول منظمة التجارة العالمية )الجات(. وقال رئيس اللجنة العلمية في جمعية الاقتصاديين البحرينية جعفر الصايغ: »إن إقامة تكتلات للدول الخليجية والعربية سيتيح لها فرصة التعاون الاقليمي بما يحقق خفض الاستيراد إلى أدنى حد ممكن مع تعظيم الصادرات وفقاً للمزايا التنافسية التي تتمتع بها كل دولة إضافة إلى تعظيم مجالات الاستثمار الداخلي لبناء قاعدة صناعية كبيرة تتيح توظيف الأموال الوطنية في استثمارات محلية«. وأضاف ان الدول العربية يمكن أن تحصل على أفضل مزايا تنافسية في إطار المعاملات المتبادلة مع الدول أو التكتلات الاقتصادية الأخرى. ودعا إلى إعادة ترتيب الوضع الاقتصادي الخليجي لمواجهة تحديات تحرير التجارة العالمية عن طريق الاصلاحات الاقتصادية وتوسيع القاعدة الانتاجية على أسس علمية حديثة وتعزيز البيئة الاستثمارية لتشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية وتشجيع عودة رؤوس الاموال العربية. واكد أهمية تشجيع مبادرات القطاع الخاص لإنشاء المشروعات العربية المشتركة وزيادة الاستثمارات في مجال تطوير المعرفة والتكنولوجيا إضافة إلى توفير القيادات والإدارات الاقتصادية الحكيمة لمواجهة التحديات في ظل التجارة العالمية. وقال: »فلسفة الجات تعتمد على الميزة النسبية، إذ وجد لكل دولة مقومات اقتصادية مختلفة عن غيرها تسمح لها بانتاج السلع والخدمات بأسعار وجودة أفضل من غيرها وبالتالي انسيابها من دون عوائق في ظل الحرية والمنافسة المتاحة ما يؤدي إلى النمو والرخاء الاقتصادي للدول المصدرة ولبقية دول العالم إذ تؤدي هذه الحرية إلى الاستخدام الامثل للموارد العالمية«. أسباب دخول «الجات» وقال »إن موافقة البحرين ودول الخليج على اتفاقات الجات جاءت لمواكبة التغيرات العالمية إذ أن عدم التوقيع على الاتفاق سيؤدي إلى فقدان التعامل مع 80 في المئة من التجارة العالمية«. وذكر »أن أية دولة لا توقع على اتفاقات جولة أوروجواي ستكون منعزلة عن التجارة العالمية لأنها تفقد التعامل معها«. واضاف »أن عدم انضمام اية دولة يجعلها تفقد العضوية في المنظمة ومن ثم لا تستفيد من المزايا الواردة في اتفاقاتها وأهمها معاملة الدولة الأكثر رعاية والاستفادة من التخفيضات الجمركية المتبادلة بين الدول الاعضاء«. واضاف »أن وظائف الجات إزالة كل القيود أو أي نوع من التمييز السلعي، فض المنازعات بين الأطراف المتعاقدة، رفع مستوى المعيشة للدول الأعضاء، السعي نحو تحقيق مستويات التوظف الكامل للدول الأعضاء، سهولة الوصول للأسواق ومصادر المواد الأولية، خفض الحواجز الكمية والجمركية لزيادة حجم التجارة الدولية إضافة إلى إقرار المفاوضات كأساس لحل المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية«. وأوضح أن الالتزامات المطلوب تنفيذها طبقاً لاتفاق الجات هي رفع جميع أشكال الدعم الحكومي، وقف القروض من دون فوائد، إنهاء ترتيبات المشتريات الحكومية، إنهاء جميع أنواع الحماية إضافة إلى تثبيت الرسوم المفروضة على الواردات وعدم رفعها مستقبلاً. الآثار الايجابية للجات وذكر أن الآثار الايجابية العامة للجات تتمثل في توسيع السوق، إتاحة المنافسة التي يمكن من خلالها تحسين الاداء وجودة الانتاج، اتخاذ دول الاعضاء إجراءات لحماية منتجاتها من ممارسة الإغراق والدعم. واشار إلى ان من ضمن الايجابيات توفير آلية لحل المنازعات التجارية تميل فيما يبدو لمصلحة الدول النامية إضافة إلى أن الاتفاق ينص على خفض كبير في الرسوم الجمركية على المنسوجات والملابس الجاهزة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وعن خصائص الدول المستفيدة من التجارة الحرة قال: »توافر الرؤية العالمية لدى الدول، استخدام كل الامكانات المتاحة، القدرة على تحليل المستقبل، الاهتمام بالجودة في المقام الأول، توفير الكفاءات التسويقية اللازمة للقيام بالتسويق الخارجي، القدرة على إدارة التغيير، القدرة على التفاوض التجاري الفعال إلى جانب مهارة اقتناص الفرص الدولية«. وأضاف »أما المقومات الرئيسية للمنافسة التي تؤهل الدولة من الاستفادة من المنظمة تتمثل في توافر التكنولوجيا المتقدمة وتوافر وسائل الاتصالات المتطورة وتوافر المعلومات ورأس المال وتوافر مراكز متطورة للتدريب والتعليم«. الآثار السلبية للجات وقال: »يتوقع أن يتيح الاتفاق نفوذاً كبيراً للدول الصناعية الكبرى وثقلاً يجعلها في وضع تفرض فيه سياسات تخدم مصالحها أو تمنع السياسات التي لا تخدم تلك المصالح إضافة إلى زيادة معدلات التضخم وزيادة كلفة الواردات في البلدان المستوردة بعد رفع الدعم عن هذه المنتجات«. وأشار إلى أن التزام دول الخليج باتفاقات التجارة العالمية سيلقي تأثيراً سلبياً على الصناعات المحلية من خلال حرمانها من احد الحوافز والمتمثلة في الأفضلية السعرية التي تتمتع بها في حال المشتريات الحكومية، وهذه الاتفاقات غير ملزمة الا لمن يوقعها. وأوضح أن أكبر التأثيرات السلبية يتقع على قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة لأن اتفاق (الجات) الاخير ينص على ان يتم التخلص من اتفاقات المنسوجات المتعددة خلال عشر سنوات ويترتب على ذلك إلغاء نظام الحصص الذي كان متبعاً في تصدير المنسوجات والملابس الجاهزة وهذا يعتبر مكسباً ستستفيد منه الدول النامية ذات الكثافة السكانية العالية والاجور المنخفضة ووفرة الخام بها حيث فوائد الميزة النسبية في ذلك. وأكد أن تحرير قطاع الخدمات في الخليج ضمن الاتفاق العام للتجارة في الخدمات وفتحها امام المنافسة من المتوقع أن يولد منافسة من الشركات العالمية للشركات الوطنية في السوق المحلية نتيجة لفارق الخبرة والامكانات المادية وكبر حجم هذه الشركات وبالتالي سيؤدي إلى اضرار بالصادرات الخدمية وزيادة العجز في ميزان الخدمات. تعرض الصناعات المحلية لمنافسة شديدة ورأى أن الصناعات المحلية ستتعرض إلى منافسة شديدة وخصوصاً تلك التي اعتادت على الانتاج تحت سقف الحماية الجمركية وتقديم الدعم للصناعات الموجهة للتصدير، ومن الطبيعي أنه لن تتمكن جميع الصناعات من الصمود امام هذه المنافسة ما يحتم على بعضها الاغلاق او الاندماج من اجل تعزيز قدراتها التنافسية. وقال: »إنه يمكن القول بشكل عام ان منظمة التجارة العالمية تسعى إلى تقنين نظرية البقاء للأقوى، بغض النظر عن اية اعتبارات إنسانية أو اجتماعية«. وأضاف »كما ان انعدام التوازن في التعامل مع القوانين على أساس إمكانات كل دولة غاب تماماً عن الحسبان فالدول الصناعية الكبرى مثلاً تنفق مليار دولار يومياً في المجال الزراعي أي ما يعادل 6 أضعاف ما تقدمه كمعونة تنمية للدول الفقيرة، وفي الوقت نفسه تطالبها بعدم دعم المزارعين وعدم تقديم أي دعم لتصدير محاصيلها«. أهمية اشراك المجتمع المدني ومن جهته، قال رجل الاعمال عبدالنبي العكري: »على البلدان العربية أن تأخذ في الاعتبار أن المشاورات العميقة والمتواصلة بين الحكومات وبين منظمات المجتمع المدني تمثل قيمة مضافة بالنسبة إلى عمليات التنمية الوطنية«. وذكر ان البلدان العربية تحتاج إلى مؤسسة المبادرات بما يسمح بتراكم الخبرات والتجارب وتعزيز التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني بشأن مسائل التجارة. ودعا إلى المزيد من الشفافية وتشجيع المشاركة والشرعية في عملية التفاوض بشأن مسائل التجارة في المنطقة العربية من خلال محاولة ايجاد فرص أمام منظمات المجتمع المدني في المفاوضات بشأن مسائل التجارة، وخصوصاً المتعلقة بمنظمات التجارة العالمية
العدد 1202 - الثلثاء 20 ديسمبر 2005م الموافق 19 ذي القعدة 1426هـ