أكدت كوريا الشمالية أمس (الثلثاء) أنها تملك «آلافاً عدة من أجهزة الطرد المركزي» بعد أسبوع على قصفها بالمدفعية جزيرة كورية جنوبية فيما واصلت الصين مساعيها من أجل عقد اجتماع طارئ للدول الست المعنية بمحادثات نزع الأسلحة النووية لبيونغ يانغ.
وقالت وسيلة إعلام رسمية إن كوريا الشمالية التي أجرت تجربتين نوويتين حتى الآن لقنابل صنعت من البلوتونيوم إن «عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي» تعمل على تخصيب اليورانيوم في مصنع جديد قالت إنه ينتج الطاقة لأغراض سلمية.
ونقلت وكالة الإنباء الكورية الجنوبية عن افتتاحية نشرت في صحيفة «رودونغ سينمون» التابعة للحزب الشيوعي الكوري الشمالي «نقوم حالياً ببناء مفاعل يعمل بالمياه الخفيفة (...) ونستخدم نظاماً متطوراً لتخصيب اليورانيوم عبر آلاف عدة من أجهزة الطرد المركزي». ونقلت الوكالة أيضاً أن «تطوير (برنامجنا) للطاقة النووية المستخدم لأغراض مدنية ولتلبية الطلب على الكهرباء، سيكون أكثر نشاطاً».
وتمكن العالم الأميركي، سيغفريد هيكر في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من زيارة مصنع في موقع يونغبيون النووي الذي أعلنت كوريا الشمالية إعادة العمل به بعد العقوبات التي فرضتها عليها الأمم المتحدة العام الفائت.
وأكدت السلطات الكورية الشمالية لهيكر أن أجهزة الطرد المركزي تهدف إلى إنتاج اليورانيوم الضعيف التخصيب لتغذية مفاعل اختباري جديد بالمياه الخفيفة لا يزال قيد البناء.
وأوضحت السلطات الكورية الشمالية أن مصنعها يضم ألفي جهاز للطرد المركزي، في حين قال هيكر إنه لم يشاهد أكثر من ألف جهاز.
وذكر العالم الأميركي بأنه يمكن بسهولة تخصيب اليورانيوم حتى نسبة كافية لصنع أسلحة نووية رغم أنه لا يبدو أن هذه المنشأة الجديدة تنطوي على أهداف عسكرية.
ويقول محللون إن كشف كوريا الشمالية عن منشآت نووية وقصفها المدفعي يبدو أنهما نسقا للضغط على واشنطن وسيئول من أجل استئناف الحوار والمساعدات وكذلك تعزيز موقع نجل الزعيم الكوري الشمالي، كيم جون أون الذي يتوقع أن يخلفه في السلطة.
ولليوم الثالث على التوالي قامت بحريتا الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بمناورات جنوب الحدود تشمل 11 سفينة وطائرات و7300 عنصر.
وتقوم كوريا الجنوبية بشكل منفصل بتعزيز قواتها وسلاح مدفعيتها في الجزر القريبة من الحدود المتوترة.
وندد الإعلام الرسمي الكوري الشمالي بالمناورات البحرية قائلاً إنها استفزازية وتزيد من مخاطر الحرب. وقالت صحيفة «مينجو شوصان» الناطقة باسم الحكومة «لدينا قوة ردع كاملة للقضاء على أعدائنا على الفور»، مضيفة «إذا تجرأ الأعداء الأميركيون والكوريون الجنوبيون على إطلاق قذيفة واحدة على أراضينا أو مياهنا فسيدفعون الثمن».
وأثار رفض الصين إدانة القصف الكوري الشمالي علناً وهو الأول الذي يستهدف منطقة مدنية في كوريا الجنوبية منذ الحرب الكورية (1950-1953) موجة استياء في كوريا الجنوبية. كما أن دعوتها لإجراء محادثات لإنهاء الأزمة لم تلق ردوداً إيجابية حتى الآن من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.
وكانت الصين عرضت الأحد الماضي إجراء مشاورات طارئة بين الموفدين إلى المحادثات السداسية المتوقفة والمتعلقة بنزع أسلحة كوريا الشمالية النووية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، هونغ لي للصحافيين أمس «نظراً للظروف الراهنة من الضروري والمهم إعادة إطلاق الحوار والمشاورات في أسرع وقت ممكن». وأضاف «نعتقد أن الأطراف المعنية ستأخذ اقتراحنا بجدية وسترد بإيجابية».
لكن البيت الأبيض قال إن مثل هذه المحادثات ستكون بمثابة «علاقات عامة» إذا لم تغير بيونغ يانغ سلوكها. وقال المتحدث، روبرت غيبس الاثنين الماضي إن «الكوريين الشماليين يجب أن يظهروا جدية في إنهاء سلوكهم العدواني».
وحثت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس على تطبيق أشد للعقوبات الدولية رداً على الهجوم المدفعي. وقالت إنه على الصين أن تلعب «دور قيادة مسئولة» في نزع فتيل الأزمة.
كما تحفظ وزير الخارجية الياباني على الاقتراح الصيني. وقال سيجي مايهارا لصحيفة «وول ستريت جورنال»، «من غير المقبول بالنسبة إلينا أن نجري محادثات سداسية لمجرد أن كوريا الشمالية مارست عدوانيتها».
وأضاف «يجب أن نرى أولاً بعض الجهد الصادق من كوريا الشمالية بخصوص برنامجها لتخصيب اليورانيوم والحادث الأخير».
ولم يأت الرئيس الكوري الجنوبي، لي ميونغ باك على ذكر الاقتراح الصيني في خطاب شديد اللهجة ألقاه الاثنين. وتوعد كوريا الشمالية بجعلها تدفع «ثمناً باهظاً» لأي هجمات في المستقبل.
وقال خلال اجتماع حكومي الثلثاء «يجب أن نعترف بأن كوريا الجنوبية تواجه أكثر مجموعة عدائية في العالم».
ووصل نحو مئة من قدامى عناصر البحرية الكورية الجنوبية أمس إلى جزيرة يونغبيونغ وتوعدوا بالدفاع عنها. ونصبوا يافطة تقول «اعدموا كيم جونغ إيل وجونغ-اون» في إشارة إلى الزعيم الكوري الشمالي ونجله الذي يتوقع أن يخلفه في السلطة.
لكن الجهود الدبلوماسية متواصلة. فقد أعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أن وزير الخارجية كيم سونغ هوان سيحضر قمة في كازاخستان لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا اليوم (الأربعاء) وغداً (الخميس).
وقالت إنه يتوقع أن يلتقي وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف على هامش القمة.
كما وصل مبعوثان كبيران كوريان شماليان إلى بكين الثلثاء وفق ما أفادت وسائل الإعلام الكورية الجنوبية واليابانية. ونقلت وكالة كيودو اليابانية عن مصادر دبلوماسية في بكين قولها إن مستشار الدولة الصيني، داي بينغ قو سيزور كوريا الشمالية بحلول اليوم على أسرع تقدير.
العدد 3008 - الثلثاء 30 نوفمبر 2010م الموافق 24 ذي الحجة 1431هـ