استغرب رئيس اللجنة الفنية بمجلس بلدي العاصمة حميد منصور من التوجهات لما أسماه اخترق المخطط الهيكلي الاستراتيجي للبحرين للعام 2030، قائلا: «لم يمضِ على اعتماد المخطط الهيكلي سوى عامين وتم اختراقه في كثير من المناطق».
وأضاف أن «ما يحدث على أرض الواقع يتعارض تماما مع المخطط الهيكلي الاستراتيجي للبحرين للعام 2030، فهناك مشاريع ضخمة يخطط لإنشائها في البحر في حين أن المخطط الهيكلي أشار إلى وجود بقاء هذه المناطق كسواحل عامة غير معمرة. وهناك على سبيل المثال ساحل كرباباد الذي يوشك أن يتم ردمه وذلك بعد أن تم تجميع كميات كبيرة جدا من مخلفات البناء على طول خط الساحل، فلو تم اتخاذ القرار بدفن الساحل فإن العملية لن تستغرق أكثر من أسبوع ليتم القضاء على الساحل نهائيا ما يعد خرقا صريحا للمخطط الهيكلي الاستراتيجي».
وتابع «وهناك منطقة شمال كرانة التي يتوقع أن تتم عملية الدفن فيها قريبا، حيث أنه من المعروف أن مشروعا كبيرا من المزمع إقامته على مساحة كبيرة داخل البحر، كما أنه من المعلوم أن أصحاب المشروع تقدموا إلى المجلس البلدي في المنطقة الشمالية بطلب الترخيص على إقامة المشروع».
وقال: «نحن لانزال في العام الثاني من اعتماد المخطط الهيكلي الاستراتيجي والمعلوم أن أسعار الأراضي في ارتفاع مضطرد وكذلك مساحة الأراضي التي من الممكن إقامة المشاريع عليها في تناقص مستمر، لذا فإن المتوقع أن تكون التجاوزات بصورة أكبر في السنوات المقبلة».
وعن دور المجالس البلدية في الحفاظ على المخطط، قال منصور: «لاتزال المجالس البلدية ترفع صوتها بضرورة الالتزام بما جاء في المخطط الهيكلي الاستراتيجي من خلال اللقاءات مع المسئولين ومن خلال طرح الموضوع باستمرار في وسائل الإعلام المتاحة».
ولفت «المطلوب من الحكومة أن تحافظ على قراراتها الاستراتيجية وأن تضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات الأخرى، ولاسيما أن المخطط تم اعتماده من قبل جلالة الملك، ومن المعيب أن يتم اختراق هذا المخطط الذي نتطلع إلى أن يحفظ حق الأجيال المتعاقبة. وبالمقارنة مع التزامات البحرين مع منظمة اليونسكو بخصوص عدم التعمير في مثلث الرؤية البصرية لقلعة البحرين باعتبارها جزءا من التراث العالمي فإن الأولى أن يتم الحفاظ على المخطط الهيكلي الاستراتيجي وعدم العبث به عبر المتنفذين لصالح أغراض شخصية».
من جهته أكد رئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة بمجلس بلدي العاصمة صادق رحمة أن المخطط الهيكلي للعاصمة أغفل وضع الحلول للمشكلات الرئيسة التي تعاني منها العاصمة، قائلا: «لدينا الأزمة الإسكانية التي نجهل حلولها وخصوصا مع ندرة الأراضي، ولكن المخطط لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد لهذه الأزمة، ما يجعلنا نضع علامات استفهام كبيرة على هذا المخطط».
وأضاف رحمة «لم يتطرق المخطط الهيكلي إلى التفاصيل الدقيقة إذ تم توفير خارطة من دون توفير الدارسة التي قامت بها الشركة المعنية، الأمر الذي تسبب في ضبابية في فهم المخطط، وخصوصا أن هناك مناطق غير محددة الملامح ولم يتم التطرق إليها كالمنامة القديمة. ولم تحوِ الدراسة أية بيانات عمرانية أو إنشائية ستنجز خلال السنوات المقبلة (2030)، كما أن المخطط أغفل تحديد ملكيات الأراضي المخصصة للدولة».
وقال: «كما أن خارطة المخطط الهيكلي التي عرضت على المجلس تحدد استخدامات الأراضي فقط. وهناك مجموعة من الملاحظات على المخطط الهيكلي لمحافظة العاصمة للعام 2030، وهي كالآتي: بالنسبة لشبكة الطرق، فإنه من المعروف أن هناك خطة لإنشاء شبكة مواصلات كالقطارات المعلقة التي تربط مختلف المحافظات، إلا أن المخطط الهيكلي لم يوضح خط سير هذه الشبكة. كما أن المخطط لم يحدد محطات الوقوف لهذه الشبكة حيث أن إقامة هذه الشبكات بحاجة إلى مساحات واسعة من الأراضي أو حتى المناطق المغمورة».
وانتقل رحمة إلى المناطق السكنية، لافتا إلى أن المخطط لم يحدد المناطق السكنية في العاصمة، وذلك للحفاظ على هويتها، وكذلك لم تتضمن الاستراتيجيات العشر أي خطط للحفاظ على هوية المناطق السكنية، وخصوصا أن العاصمة تشهد في الوقت الراهن تغيرا ديموغرافيا كبيرا يهدد هوية المنطقة، فما بالنا بما سيحدث في العام 2030. وعموما، خلا المخطط من أية دلالات لتطوير المنامة، وهنا يطرح تساؤل مهم وهو: ما هي سياسة إعمار المناطق التقليدية في ظل الإعمار المتطور في شمال المنامة؟
وفيما يتعلق بما أسماها «أزمة» مواقف السيارات، قال رحمة: «تشهد المنامة في الوقت الراهن أزمة في مواقف السيارات، إلا أن المخطط الهيكلي لم يتطرق إلى هذه المشكلة حيث لم تدرج حلول عملية للمشكلة كمواقف السيارات، وكذا الأمر بالنسبة إلى الحزام الأخضر إذ لم يتم طرح أية فكرة لتطوير منطقة الحزام الأخضر الذي يشغل مساحات واسعة في محافظة العاصمة، وكان الأجدر أن يحدد المخطط استعمالات هذه المساحات كإنشاء منتزه كبير كمتنفس لأهالي العاصمة دعما للحفاظ على البيئة وخصوصا أن المنامة مكتظة بالمباني ولا توجد بها مساحات للترويح عن ساكنيها».
وأضاف «لدينا سوق المنامة القديم، وهنا لم يتطرق المخطط إلى تطوير سوق المنامة القديم في السنوات المقبلة، أو خلق نوع جديد من الأسواق في محيط العاصمة، كما أن لدينا موضوعا مهما وهو البيوت التراثية وقد خلا المخطط من أي تصور بشأن البيوت التراثية المحصورة من قبل وزارة البلديات والزراعة والموجودة في حدود المنامة. وبالتالي بات مصير هذه البيوت مجهولا في السنوات المقبلة».
وعن الدفان الذي يعتبر أحد أهم المشاكل التي تعاني منها العاصمة أوضح رحمة أن المخطط الهيكلي «لم يطرح أي تصور بشأن الدفان في محيط العاصمة في المستقبل، ولم يحدد خطا نهائيا لهذا الدفان ما يجعل الباب مفتوحا على مصراعيه لأية عمليات دفان مستقبلية. ولم يتم الحديث عن الجزر المدفونة التي تعود ملكيتها للمملكة، وكان من المفترض أن يوضح المخطط ملكية واستخدامات هذه الأراضي، كما خلا المخطط من أراضِ للدولة في البحر تخصص للتعويض عن الاستملاكات المستقبلية».
وطرح رحمة مجموعة من التساؤلات «يمكن أن ندون أسئلة مهمة نحن بحاجة إلى إجابات شافيه لها وهي: ما هي دلالات تطوير المنامة؟ وما هو حجم الموازنة المطروحة للتطوير؟ وما هي سياسة إعمار المناطق التقليدية؟ وما هو مستقبل المناطق السكنية؟ وما هو مستوى الكثافة السكانية في الأراضي المتعددة الاستخدامات؟ وما هو مستقبل خط الدفان النهائي في العاصمة؟ وكيف سيتم تسجيل الجزر التي دفنت في العاصمة؟ وهل هي محجوزة للإسكان للمشاريع المستقبلية؟ وهل لدى الحكومة دراسة لشبكة الطرق حتى العام 2030؟ وما هي البيانات العمرانية والإنشائية في المخطط الهيكلي؟. المشكلة أن المخطط الهيكلي الذي خلا من التفاصيل لم يجبنا على هذه التساؤلات ونأمل أن نجد إجابات وافية لأن الموضوع خطير جدا وهو يتعلق بمستقبل أجيال ولابد أن تكون عندنا صورة شاملة عن المخطط».
العدد 2437 - الجمعة 08 مايو 2009م الموافق 13 جمادى الأولى 1430هـ