أصيب قطاع العقارات المصري بانتكاسة كبرى خلال أشهر الصيف الماضي، بعد أن هيمن الركود على أدائه، وبدأ فصل الشتاء القارص على القطاع دون أن يحقق أدنى مستوى من الانتعاش الذي كانت تأمله السوق على رغم ما شهدته من عمليات بناء مكثفة.
وقال خبراء ماليون وأصحاب شركات عقارية، إن مبيعات القطاع تراجعت بنسبة بلغت 40 في المئة مقارنة بالعام الماضي، نظراً إلى ارتفاع الأسعار ومغالاة أصحاب الشركات في قيمة سعر الوحدة؛ إذ وصل سعر شقة في مشروع مبارك للإسكان من قبل بعض الشركات المنفذة للمشروع نحو 160 ألف جنيه؛ ما دفع الفئة الأولى الطالبة للسكن من الشباب عن العزوف عن هذه الشركات.
وأضافوا، أن القطاع العقاري يمر بحال انفصام بين الطلب والمعروض؛ إذ إن المعروض كثير والطلب قليل، مرجعين ذلك للحلقة المفقودة بين العرض والطلب وهي سعر الوحدة.
كساد تام
وقال نائب رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، أحمد الزيني، إن القطاع العقاري أصيب خلال العام الجاري بحال من الشلل، لعدة أسباب منها، أن المعروض أكثر من الطلب، بالإضافة إلى حال الترقب التي تشهدها السوق من جانب مقتنصي الفرص، لافتاً إلى أن السوق شهدت خلال العام 2009 حالاً من الانتعاش قابلتها عمليات كساد تام خلال 2010؛ إذ تراجعت المبيعات بنسبة 40 في المئة مقارنة بالعام الماضي.
وتوقع الزيني أن يواصل القطاع حالاً من البيات الشتوي على مدار العام المقبل (2011) وربما تكون هناك فترة كساد أكثر لعدة عوامل منها سوء الحال الاقتصادية وتوقف حركة الدوران بين البيع والشراء، بالإضافة إلى عدم الاستقرار في سوق مواد البناء، موضحاً أن لدى العديد من الشركات الاستثمارية العقارية خططاً مستقبلية لابد من تنفيذها خلال الفترة المقبلة؛ ما يساعد على استمرار زيادة الطلب على مواد البناء، بدليل استهلاك السوق لجميع كميات الإنتاج.
ترقب شديد
ورأى رئيس شركة «ستايل» العقارية، وعضو شعبة الاستثمار العقاري بالغرفة التجارية، رمزي حسانين، أن القطاع العقاري دخل خلال المرحلة الحالية حالاً من الترقب الشديد نظراً إلى حال الكساد التي ضربت السوق لاقتناص فرص أسعار هابطة يتم عليها جني أرباح من قبل مستثمري القطاع العقاري.
وأضاف، أن القطاع أصيب بحال من الركود الحاد كانخفاض مستوى الدخل الذي قابلته حال من الجنون في ارتفاع الأسعار الاستهلاكية؛ ما أفقد أغلب المتعاملين مدخراتهم، متوقعاً أن يواصل القطاع حالاً من الكساد التام خلال العام 2011 نتيجة للأسباب الماضية وزيادة سوء الحال الاقتصادية وعدم استقرار السوق.
بيات شتوي
وقال رئيس إحدى الشركات العقارية العاملة في المدن الجديدة، هشام العطيفي، إن الكساد سيستمر في فصل الشتاء، أكثر فصول العام خمولاً بالنسبة إلى القطاع، مبيناً، أن هناك عدة أسباب وراء ذلك أولها أن الأراضي التي تم البناء عليها سعرها مرتفع جداً؛ إذ شهدت قبل الأزمة حالاً من الهياج على كل ما يخص القطاع العقاري في الأسعار، وارتفعت الأسعار بنسبة بلغت 400 في المئة، وثانيها بناء بعض هذه الوحدات على أسعار خامات عالية السعر مثل الحديد الذي بلغ 9 آلاف جنيه في هذه الفترة؛ ما جعل أصحاب الوحدات أكثر تمسكاً بهذه الأسعار، وثالثها أن 80 في المئة من القطاع العقاري حر لا يعتمد على البنوك في التمويل؛ ما يدفع أصحاب هذه الوحدات والشركات للتمسك بالأسعار التي يحددها صاحب الوحدة، بالإضافة إلى أن فترة تقسيط الوحدة محدودة للغاية تصل إلى عامين.
قطاع العقارات بالبورصة
وحقق قطاع العقارات على مدار الـ 9 أشهر الماضية ارتفاعاً طفيفاً، نتيجة الانتكاسات التي مر بها، وعلى رأسها المشكلات التي تعرّض لها سهم «طلعت مصطفى» بعد أزمة عقد «مدينتي» وما تبعها من أزمات أسهم أخرى مثل «بالم هليز». ودخل القطاع على مدار شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي العديد من السيناريوهات التي أدت إلى تقليص أدائه سواء على مستوى الأسهم أو الأداء الخارجي بالسوق، ومنها تأييد بطلان عقدي «مدينتي» و»بالم هيلز» وهبوط أسعار السوق الخارجية؛ ما أدى إلى تراجع أداء القطاع في البورصة خلال الربع الثالث من العام.
وارتفع مؤشر قطاع العقارات بالبورصة المصرية خلال شهر نوفمبر الماضي بنسبة بلغت 7.08 في المئة بما يعادل 84 نقطة؛ إذ استهل تعاملاته في مطلع الشهر على 1185 نقطة ليغلق في نهايته على 1269 نقطة.
وعلى صعيد الأسهم، احتل سهم «الشمس» للإسكان والتعمير مقدمة الأسهم التي حققت أعلى نسبة ارتفاع؛ إذ قفز بنسبة 50 في المئة بقيمة 1.88 جنيه، واستهل تعاملاته في مطلع الشهر على 3.76 جنيهات ليغلق في نهايته على 5.64 جنيهات. تلاه سهم «العامة» لاستصلاح الأراضي والتنمية والتعمير ليقفز بنسبة 40.5 في المئة بقيمته 10.78 جنيهات؛ إذ استهل تعاملاته في مطلع شهر نوفمبر على 26.61 جنيهاً ليغلق في نهاية الشهر نفسه على 37.45 جنيهاً.
وجاء في المركز الثالث سهم المجموعة المصرية العقارية بنسبة 38.3 في المئة بما يعادل 6.6 جنيهات؛ استهل تعاملاته على 17.23 جنيهاً ليغلق على 23.83 جنيهاً، تلاه سهم «العربية» لاستصلاح الأراضي بالمركز الرابع؛ إذ قفز بنسبة 21.92 في المئة بقيمة 10.59 جنيهات، واستهل تعاملاته في مطلع نوفمبر 48.31 جنيهاً ليغلق في نهايته على 57.9 جنيهاً.
اتجاه عرضي
وتوقع الخبير المالي،مصطفى الأشقر، أن يواصل القطاع العقاري السير في اتجاه عرضي مع مطلع العام المقبل إثر استمرار تداعيات الأزمة المالية على السوق الخارجية، بالإضافة إلى النقص الحاد في السيولة. وأضاف أن القطاع واصل تراجعه في ترتيب الأسهم التي يتم التداول عليها؛ إذ احتل مرتبة متدنية بين القطاعات. وأوضح، أن القطاع العقاري واصل نزيف نتائجه لعدة عوامل في ظل الأنباء السيئة عن أسهم مجموعة طلعت مصطفى و»بالم هليز»؛ ما أفقد القطاع العديد من الارتفاعات التي حققها.
وأشار إلى أن استمرار أزمة «طلعت مصطفى» أدى إلى حال من عدم الاستقرار بالقطاع وهروب أغلب المتعاملين إلى أسهم أكثر استقراراً؛ إذ فقدت أغلب الأسهم الكثير من قيمتها السوقية وتعرض المساهمون لخسائر كبيرة
العدد 3019 - السبت 11 ديسمبر 2010م الموافق 05 محرم 1432هـ