العدد 3060 - الجمعة 21 يناير 2011م الموافق 16 صفر 1432هـ

خطباء الجمعة يدعون الحكام العرب للاستفادة من تجربة «تونس» وإصلاح سياساتهم

حذروا من الظلم بكل أنواعه... ودعوا إلى الإفراج عن الأطفال الموقوفين

ركّز أئمة وخطباء الجمعة في خطبهم يوم أمس (الجمعة 21 يناير/ كانون الثاني 2011) على الأوضاع التي تمر بها تونس، بعد سقوط رئيسها الهارب زين العابدين بن علي، ودعوا حكام الدول العربية إلى أخذ الدروس والعبر من الانتفاضة الشعبية التي أسقطت بن علي.

وذكروا في هذا الموضوع أن سوء العلاقة بين الحاكم والمحكوم، يؤدي إلى انفجار الشارع وسقوط النظام، وهذا ما حدث في تونس.

وفي موضوع بحريني عن توقيف الأطفال في السجون، دعا عدد من خطباء الجمعة إلى الإفراج عن الأطفال الموقوفين، وأولئك الذين صدر بحقهم حكم السجن بتهم مختلفة.

وفي موضوع الظلم وعواقبه، حذّروا من الوقوع في الظلم بكل أنواعه، سواءً أكان الكفر بالله عز وجل، أو ظلم العبد لنفسه أو لغيره.

ونال موضوع الوعظ والإرشاد، الذي أصدر وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، قراراً بتنظيمه، نصيباً من الخطب أمس، وسط تأكيد على أن الوعظ والإرشاد لا يحتاجان إلى رخصة، أو أن يكونا تحت وصاية وهيمنة أي مؤسسة.


تونس وتجربة انتفاضتها

وفي موضوع تونس وانتفاضتها الشعبية التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في القفول السيد عبدالله الغريفي مساء أمس الأول، إن «ما حدث في تونس من ثورة شعب عانى طويلاً من دكتاتورية حاكم مستبد، وصبر طويلا، إلا أنّ هذا الصبر تفجَّر أخيراً غضباً، وعنفواناً، وسخطاً، ورفضاً، وثورة، ما دفع ذلك الحاكم أن يتسلَّل في الظّلام هارباً، يبحث عن ملجأ خوفاً من قصاص الشعب المظلوم طيلة عقود».

وأوضح الغريفي في حديثه مساء أمس الأول (الخميس) أنه «هكذا الشعوب المضطّهدة، المظلومة، المسلوبة الحقوق، ربّما تصبر وتتحمّل وتصمت، إلا أنّها لا تستسلم، ولا تموت، فالظلم ربّما يطول ويطول، ويقسو، ويشتدّ، ويعنف، إلا أنّه لا يدوم ولابد له من نهاية، وربما تُكلِّف هذه النهاية دماءً، وتضحياتٍ، وصداماتٍ، ومواجهاتٍ، غير أنّها لابد منها».

وأفاد بأن «شاه إيران، والرئيس العراقي المخلوع صدّام حسين، نموذجان ما غابا عن ذاكرة الحكّام، وجاء دكتاتور تونس نموذجا ثالثا، ولن يكون النموذج الأخير، وتقدّمت في التاريخ نماذج ونماذج، وقد دوّن القرآن نهايات الطّغاة والفراعنة والجبابرة الذين عاثوا في الأرض فسادا وظلما، وقتلاً».

وتساءل الغريفي «هل يتّعظ الحكّامُ المتسلّطون الذين ساموا شعوبهم ظلماً، وقهراً، وجوعاً، وفقراً، ماذا تريد الشعوب غير لقمة عيش، لقمة عيش، مأوى، كرامة، عدل، أمن، استقرار، حرّية، حماية دينٍ وقيمٍ وأخلاق، وأعراض». وأضاف في تساؤله «هل تشكِّل هذه مطالب عسيرة على الحكّام؟، وبيدهم من الثروات والإمكانات ما يوفّر كلّ الرّفاه والخير، والراحة والأمن، والأمان لشعوبهم، لماذا يصّر الحكام أن يملكوا البر والبحر والسّماء، وشعوبهم غارقة في الفقرِ، والبؤسِ، والعذاب، والعناء؟».

ولم يستبعد الغريفي أن ما حدث في تونس مرشّح أن يتكرّر، ما دام هناك ظلم، وقهر، واستبداد، وجوع، وعراء، وفقر، وما دامت هناك شعوب حيّة، ترفض الذّل والهوان.

وقال إن «ما حدث في تونس يجب أن يدفع الأنظمة الحاكمة أن تُعيد قراءة أوضاعها، وأن تراجع كلّ حساباتها السّياسية والأمنيّة، قبل فوات الأوان».

وفي موضوع تونس أيضاً، أفاد إمام وخطيب جامع قلالي الشيخ صلاح الجودر أنه «بعد التأمل في الأسباب الإلهية والنواميس الكونية فيما حدث في تونس، نرى أن هناك خللاً كبيراً في معرفة الحقيقة التي أودت إلى هذه النتائج، فما حدث في تونس يحتاج منا إلى إعادة قراءة الواقع، إذ كيف بشعب مثقف مسالم أن يثور في ثلاثين يوماً من دون سابق إنذار، بلاشك هناك أسباب كثيرة، أهمها ملف الإصلاح الاقتصادي والسياسي، والحالة المعيشية».

وأوضح الجودر «ملف الإصلاح الاقتصادي والملف السياسي، هي أهم الملفات التي تعتمد عليه الدول في تصحيح أوضاعها، والخروج من حالة الاحتقان لديها، فإذا اهتز ركن فإن البنيان لا يستقيم، فهناك دول جعلت الانفتاح الاقتصادي والاستثماري من أولوياتها وفي قمة برامجها، فأنفقت على التعليم والسياحة والخدمات الملايين، في الوقت الذي أغلقت فيه الجانب السياسي، حينها وقعت الكارثة، وهناك دول كثيرة تشهد على ذلك، ومنها تونس الخضراء».

وتابع «لا يمكن الحديث عن الانفتاح السياسي في أي مجتمع في ظل غياب الحريات، أو تكميم الأفواه، أو التضييق على الديانات، يجب أن يرتفع سقف الحريات، فتترك للصحافة حرية النقد ليتنفس الناس الصعداء، وليبدوا همومهم وأوجاعهم وآلامهم، وأن يترك للناس حرية ممارسة شعائرهم الدينية».

وبيّن أنه «أكبر القضايا التي تواجهها منطقتنا العربية هي مسالة الحريات، فإذا ما تم التضييق على الحريات، فإن الشعوب تفقد الثقة في حكوماتها، وتصبح في حالة استنفار دائم، فكيف للاقتصاد والتنمية أن يزدهرا وهناك تضييق على الحريات، ففي ظل غياب الحريات يظهر الفساد الإداري والمالية والأخلاقي في وزارات الدولة ومؤسساتها، وفي ظل غياب الحريات تحتكر مجموعة من البشر الثروات من دون حسيب أو رقيب، فتسيطر على الاقتصاد والاستثمار ويصبح حكراً على فئات محدودة، ما ينتج مجتمعاً طبقياً، الغني يزداد غنى، والفقير يزداد فقراً».

وذكر الجودر في معرض حديثه عن الحالة المعيشية كسبب ثانٍ يؤدي لثورة الشعوب، قائلاً «الاقتصاد القوي والاستثمار الكبير والكوادر المؤهلة علمياً وعملياً لا تكفي في ظل وجود أفواج من العاطلين عن العمل، إذ تصبح العملية الإصلاحية ضرباً من الخيال، فالناس ينظرون إلى ما يؤمن مطالبهم المعيشية والرفاهية الاقتصادية».

ورأى بأنه «ما وقع في تونس كان من المتناقضات الكبرى، فمع حصول الكثيرين على الشهادات الجامعية إلا أنهم من المدرجين على قوائم العاطلين عن العمل»، متسائلاً «أيعقل أن يُرمى حامل الشهادة الجامعية بعد هذه السنوات في الشارع؟!، أيعقل أن ترفض الجهات الحكومية شهاداتهم الجامعية ويتم المماطلة في الاعتراف بها لسنوات طويلة؟!، أيعقل أن يضل الموظف في درجته لأكثر من عشرين عاماً في الوقت الذي يرى فيه أصحاب الواسطة والمحسوبية في المراكز العليا؟!».

واعتبر أنه «بهذه الأساليب ينتشر في المجتمع الفقر والبطالة والجوع وتدني مستوى المعيشة للفرد والأسرة، وهي جميعها التي دفعت بالشعب التونسي للخروج طلباً للتغيير والإصلاح».

ودعا الجودر إلى أن «يُصلح حكام المنطقة ما بينهم وبين الله، حتى يصلح الله ما بينهم وبين شعوبهم، وأن يهتموا بشعوبهم وإقامة العدل فيما بينهم، والحرص على حل مشكلاتهم صغيرها وكبيرها»، وأضاف «على علماء الأمة وخطبائها أن يقوموا بالمسئولية الدينية، فالله قد أخذ عليهم العهد والميثاق لتبيينه للناس وعدم كتمه».

وفي سياق الحديث عن تونس أيضاً، قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ علي سلمان أمس: «يقولون إن تونس كانت تعاني من إنعدام عدالة توزيع الثروة، في حين أن تونس ليس لديها موارد مالية من موارد طبيعية كالنفط أو المعادن، وهذا يعني أن ليست لديها ثروة سهلة، ولكن في مقابل ذلك لديها اقتصاد ونجاحات اقتصادية أكثر بكثير من الدول العربية، وعندها خدمات صحية أكثر بكثير من الدول العربية، وهي أفضل الدول العربية في التعليم، وعندها مؤشرات نجاح متعددة، عندها حماية أكثر بكثير من الدول العربية بمساعدات مختلفة إلى الشعب التونسي... ومع ذلك فإن انعدام العدالة وغياب الحريات العامة قلب الأوضاع رأساً على عقب».

وفي الجانب البحريني من خطبته، انتقد سلمان الاستمرار في الاحتكام إلى القبضة الأمنية في معالجة القضايا والمشكلات السياسية في البحرين، مشيراً في الوقت نفسه إلى توقيف الأطفال.

كما انتقد سلمان عدم إدراج علاوة الغلاء ضمن الموازنة العامة للدولة، والتوجه لرفع الدعم عن المحروقات.

وإضافة إلى ما قاله الغريفي والجودر، أوضح إمام وخطيب جامع كرزكان الكبير الشيخ عيسى عيد أنه «عادة ما يؤدي سوء العلاقة بين الحاكم والمحكوم بين الشعوب والأنظمة الحاكمة إلى انفجار الشارع وسقوط النظام، وهذا ما لمسناه في كثير من البلدان وآخرها ما حدث في تونس الشقيقة».

ورأى عيد أنه «ما حدث في تونس كان نتيجة الظلم القاسي، اللامحدود على الشعوب هناك، إلا أن الشعوب احترقت بنار الظلم والقسوة والاستبداد فلم تتحمل الصبر فثارت براكينها ليفر الشاه المخلوع (في 1979) وزين العابدين بن علي (في 2011) خوفا من أن يصيبهما لهيبها، وانتهت مؤخراً أسطورة زين العابدين بن علي واستعادت الشقيقة تونس هويتها الإسلامية ليرفع الأذان من مآذنها ومن محطات التلفزة والإذاعة بعدما كان ممنوعاً عقوداً من الزمن».

وأكد عيد أن المهم في القضية أن «تستفيد كل الأنظمة وخصوصاً العربية منها من هذا الدرس العملي في تصحيح علاقتها مع شعوبها وتتجه جادة في إصلاح علاقاتها مع شعوبها وتصحيح أوضاعها الداخلية, واحترام إرادة الشعوب وترسيخ أنظمة العدالة والمساواة بين أفراد الشعوب ورفع كل ألوان التعسف والظلم والاستبداد، والاستهانة بكرامة الناس»، وأضاف أن على الأنظمة العربية «بناء دولة القانون, وإعادة بناء العلاقة مع الشعوب على أساس الثقة المتبادلة، والحقوق والواجبات المتساوية، ولابد وأن تتلقى كل الأنظمة والشعوب الدرس التونسي بعقول متفتحة, وإرادة صادقة حماية للجميع».


توقيف الأطفال

وفي موضوع سياسي محلي، تحدث الشيخ عيسى عيد عن الحكم بالسجن على الطفلين الذين يبلغان من العمر 12 عاماً، بالسجن لمدة 6 أشهر، معتبراً أن «ما نسب إلى الطفلين من قبل وزارة الداخلية من تهمة ارتكاب جريمتي الاعتداء على سلامة جسم الغير, وإشعال حريق من شأنه تعريض حياة الناس وأموالهم للخطر، لا يتناسب وسنهما».

وأكد أن «إيداعهما بمركز رعاية الأحداث، وإبعادهما عن والديهما وذويهما لمدة 6 أشهر، وهما في أمس الحاجة النفسية إليهما في هذا السن, يتقاطع والمواثيق الدولية لحقوق الأطفال والإنسان، ولا يتوافق وحقوق والديهما, وكيف يؤخذ بإقرار طفل لم يتجاوز الـ 15 عاماً، سواء كان الإقرار والاعتراف على نفسه أو على غيره ويرتب عليه حكم قضائي؟».

وقال إن «إيداع الأطفال في مراكز التوقيف لعدة أشهر وتقديمهم للمحاكمات له أضراره النفسية والفكرية والاجتماعية عليهم، تتمثل في فقدان الطفل لثقته في نفسه وفي الآخرين ويولد في نفسه شعور الخوف والرعب طيلة حياته، كما إن له آثاراً خطيرة على مستقبله الدراسي، بل على المستقبل العلمي للبلد بأكملها».

وأمل عيد، «من باب الشفقة والرحمة على الطفلين، نأمل في الإفراج عنهما، وعن جميع الأطفال والأحداث المعتقلين والذين غصت بهم السجون، كما نأمل أن يتم الإفراج عن جميع الموقوفين والبدء في خطوات جادة لإعادة بنا جسور الثقة بين الحكومة والشعب».


المطر كشف خلل الطرقات

وفي حديثه عن الأمطار وما كشفته من خلل وعيوب في الطرقات والشوارع، قال إمام وخطيب جامع أبوبكر الصديق الشيخ علي مطر إن من فوائد المطر علينا «إظهار عيوب وخلل الشوارع والطرقات، ومشكلة تجمع المياه وخطرها على سير المركبات ومستخدمي الطرق كما حصل ذلك في عدة شوارع منها رئيسية، والنقص الواضح في مشاريع البنى التحتية»، مبيناً أن «على مدى ثلاثين عاماً، ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين، والمشاكل نفسها تتكرر، وما من حلول جذرية حقيقية، غير تلك التصريحات والوعود الجوفاء من المسئولين التي لا تقدم شيئاً ولا تأخره».

وذكر أن «نزول مطر خفيف ليوم واحد فقط سبب كل تلك المشكلات وتسبب في معاناة الناس، فكيف سيكون الحال لو استمر أسبوعاً واحداً، أو كان أكثر غزارة».

وتابع «نعم لنستبشر ولنفرح بهذا الغيث وإن كان هناك من تضرر بطريقة ما، بتسربات أو تلف لبضاعة أو مواد بناء وغيرها، فإن تلك الأضرار لا تعد شيئاً مقابل فوائد المطر الكثيرة المتعددة على الإنسان والحيوان والنبات والبيئة، وزيادة عذوبة ومخزون المياه الجوفية إلى غير ذلك من الفوائد».


الظلم أكبر المحارم

وتحت عنوان «الظلم وأنواعه»، تحدث إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، محذراً الوقوع في أي نوع من أنواع الظلم، سواءً أكان ظلم الشرك بالله، أو ظلم العبد لغيره أو لنفسه. وقال القطان «لم يحرم الإسلام شيئاً كالظلم، ولم يتوعد الله عز وجل أحداً كما توعد الظالمين، فلعنهم في كتابه، وحرمهم من الهداية».

وأوضح أن «الظلم وخيم المرتع سيئ المعاقب، جالب للعار والشنار، معرض صاحبه لدخول النار، وبسبب الظلم أصبح بعض الناس كالذئاب، لا يخافون الله، فيضلون الناس وأنفسهم».

وأضاف «وجود الظلم في الأفراد والمجتمعات، يجعلها غير آمنة، فبقدر ما يكون في الفرد والمجتمع ظلم، بقدر ما يكون الأمن غائب عنهم»، موضحاً معنى الظلم بأنه «وضع الأشياء في غير مواضعها»

وأفاد القطان بأن أنواع الظلم كثيرة «أكبرها وأشنعها الكفر بالله، أي ظلم أكبر من أن يجعل العبد لله نداً، أو أن يتوجه لغير الله في طلب المنافع، ونوع آخر من الظلم هو ظلم العبد لنفسه بارتكاب الذنوب والمعاصي».

وتابع «ومن أنواع الظلم، مظالم تقع بين الخلق في حقوق لبعضهم البعض، تعدّوا فيها، فهذه المظالم لا يغفرها الله إلا بتأدية العبد الحقوق التي عليه».

وذكر أيضاً «من الظلم ما يكون في الأموال، وأكل أموال الناس بالباطل، والمظالم بين المستأجرين والعمال، وتحميلهم ما لا يطيقون»، معتبراً أنه «تأخير الأجور ظلم، فهو يمحق بركة المال، وينذر بعقوبات، ويتسبب في مشكلات مجتمعية». وحذر القطان من الوقوع في «ظلم التعدي على أعراض الناس، بالفواحش القولية والفعلية المتعلقة بالأعراض، والكذب والقذف والدعاوى الكيدية».

ودعا القطان إلى الاعتبار بما أصاب الظالمين من العقاب في الدنيا قبل الآخرة، وتذكر ما يصيب الظالمين من عذاب في القبر، وحساب في يوم القيامة ووقوفهم على الصراط، واللعنات التي تنزل عليهم من كل من في الأرض والبحر.


قرار الوعظ والإرشاد

وفي موضوع عن قرار تنظيم الوعظ والإرشاد، الذي صدر عن وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، أوضح السيد عبد الله الغريفي أن «مهمّة الوعظ والإرشاد مهمّة شرعيّة، يفرضها خطاب الدين وأوامره، ويتحمّلها كلّ القادرين من أصحاب الكفاءات التبليغيّة، ولا يجوز لهم التفريط في أدائها، والقيام بمسئوليّاتهم».

وقال: «الوعّاظ والمرشدون لا ينطلقون في ممارسة مسئوليّاتهم في الوعظ والإرشاد من توجيهات وأوامر الأنظمة والحكوماتِ، وإنّما من توجيهاتِ الله تعالى وأوامره، وإنّ أيّ تفريطٍ أو تقصيرٍ في أداءِ هذه المسئوليّات يُعرَّضهم إلى غضب الله عزّ وجلّ، وعقوباته يوم الحساب»، مبيناً أنه «يجب على هؤلاء الوعّاظ أن يستشعروا رقابة الله تعالى، ويحذروا غضبه وعقوباته، لا أن تكون رقابة الحكومات، وعقوبة الأنظمة هي الهاجس الذي يلاحق ممارساتهم، والتزاماتهم، وأداءهم، وإلا كانوا من علماء السوء الذين يتّخذون العلم تجارة يبيعونها من الحكّام والأمراء».

وشدد الغريفي في قوله «قناعتنا الدينيّة أن لا تكون مهام الوعظ والإرشاد خاضعة لأوامر ونواهي المؤسّسات الرسميّة، خشية أن تكون محكومة لمزاجات الأنظمة الحاكمة ورغباتها، وسياساتها، الأمر الذي يحوِّل الوّعاظ والمرشدين، وأئمّة المساجد إلى موظّفين خاضعين لإرادات السلطات الحاكمة، حرصاً على مصالحهم المعيشيّة، ورواتبهم الوظيفيّة»، مشيراً إلى أنه «حينما تتزاحم هذه المصالح والرواتب مع المسئوليّات الشرعيّة، والواجبات الرساليّة، غالباً ما تهيمن تلك المصالح، وربّما بذريعة الضّرورة التي تفرض على هؤلاء الوّعاظ والمرشدين والأئمّة أن يجاروا إرادات وأوامر وتوجيهاتِ الأنظمة الحاكمةِ، وبالتدريج يتحوَّلوا إلى وعّاظ أنظمةِ وبلاطات، همّهم الأول والأخير أن يرضى عنهم الحكّام والمسئولون».

ونوّه الغريفي إلى أنه «حينما نصرُّ على ضرورة أن يكون الأئمّة والوعّاظ مستقلِّين عن هيمنة المؤسّسات الرسميّة، لا ندعو إلى أن ينفلت الخطاب الدينيّ، وأن تنفلت ممارساتُ الوعّاظ والمرشدين، فالخطاب الدينيّ يجب أن يكون خاضعاً لتوجيهات الدين وإرشاداته، وأن تكون ممارسات الوّعاظ والمرشدين محكومة لضوابط الشّرع، فتوجيهات الدّين، وضوابط الشّرع لا تسمح أبداً بالانفلات في الخطاب، ولا تسمح أبداً أن يتحوّل موقع الوعظ والتوجيه مصدراً للفتن، والعداوات، والصراعات، والإضرار بمصالح البلاد والعباد، وإلا وجب على النّاس أنفسهم أن لا يمكِّنوا واعظا يضّر بأوضاع الأمّة، ومصالحها، ووحدتها، وبدينها ودنياها».

العدد 3060 - الجمعة 21 يناير 2011م الموافق 16 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 1:13 ص

      ام بدر

      انشاءالله عاااااااااااااااد ياخذونها عبرة ويلحقون يصلحون كل شي قبل فوات الأوان ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 7 | 12:47 ص

      مصدوم

      هل الخطباء بس كلام وينهم عن البحرين

    • زائر 6 | 12:03 ص

      صاحبي

      اذا وجدت العالم على باب الحاكم فبئس العالم والحاكم
      وإن وجدت الحاكم على باب العالم فنعم الحاكم والعالم ولكنا في الوقت الحاضر لم تر إلا العالم امام باب الحاكم فقط .

    • abu zahraa | 11:42 م

      ابو زهراء

      صح الله السانك يا زاير 4

    • زائر 4 | 11:22 م

      تباين

      خطباء في وادي وخطباء في وادي آخر،

    • زائر 3 | 11:09 م

      إن في ذلك عبرة لأولي الألباب

      لو أرادو العبرة لعتبروا من الملوك السابقة الذين حكموا الأرض مثل فرعون والنمرود وغيرهم إن أخذه أليم شديد (ولقد أهلكنا أكثر منهم قوة وجمعا)
      الملك عقيم ... يقول أحد الملوك العرب القدماء لإبنه ولو نازعتني الملك لأخذت الذي فيه عينيك

    • زائر 2 | 10:57 م

      طيب الله فاك يا سيد عبدالله

      طيب الله فاك يا سيدنا العزيز على هذا الخطاب الراقي المتحضر النابع من تعليمات الشرع المقدس و الخوف من الله تعالى .
      دعواتنا لكم بالتسديد و المدد الألهي دائما
      تحياتي / أبو سيد حسين

    • زائر 1 | 9:18 م

      حكام وعلماء

      اذا وجت العالم على باب الحاكم فبئس العالم والحاكم
      وأن وجدت الحاكم على باب العالم فنعم الحاكم والعالم
      مع الأسف الشديد معظم دولنا العربية تضع لها علماء البلاط يديرون دفة الدين في دولهم وخذ من الفتاوى التي تبرر لهم أفعالهم تحت شعار طاعة أولي الامر !
      والله يقول لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

اقرأ ايضاً