كشفت مصادر مطلعة في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي عن قيام الهيئة بإحلال نحو ثمانية مديرين ورؤساء أقسام بعضهم يحملون الثانوية العامة من «التأمينات» محل مديرين ورؤساء أقسام في «التقاعد» يحملون شهادات عليا (ماجستير وبكالوريوس).

ووصفت المصادر أن العملية كانت أشبه بـ «استبعاد» قام بها فريق «التأمينات» الذي تسلم زمام عملية الدمج لمديري فريق «التقاعد» بعد عملية الدمج بين الهيئتين، مشيرة إلى أن الأفضلية والأولوية كانت دائماً لموظفي «التأمينات» على حساب موظفي «التقاعد».

وأوضحت المصادر أن موظفي صندوق التقاعد والمديرين المستبعدين يدرسون حالياً رفع دعوى قضائية، وشكوى إلى مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ووزير المالية رئيس مجلس إدارة الهيئة، بخصوص ما وصفوه من ظلم تعرضوا له خلال عملية الدمج.

وقالت المصادر إن المسئول (وهو من الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي) الذي أوكلت لهم مهمة الإشراف على عملية دمج الهيئتين بعد صدور المرسوم بقانون رقم (3) للعام 2008 بشأن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، قام بتعيين ثمانية من موظفي قسمه «تقنية المعلومات» في مناصب عليا في الإدارة الجديدة بعد الدمج، كما استبعد المديرين السابقين في الهيئة العامة لصندوق التقاعد.

ومازالت قضية التعيينات الإدارية وعملية الدمج مثار جدل كبير داخل الهيئة، ومجلس إدارة الهيئة التي يرأسها وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة.

وقد احتجت لجنة الدمج المشكلة من قبل أعضاء مجلس إدارة الهيئة على قرار رقم (52) لسنة 2010 الصادر بتاريخ 15 يوليو/ تموز الماضي الصادر عن الرئيس التنفيذي بتعيين 20 قائماً بأعمال رئيس قسم، إذ رأت اللجنة أن هؤلاء «لا يمتلكون المؤهلات المطلوبة، وأن البعض منهم لا يمتلك سوى شهادة الثانوية العامة وعلى سبيل المثال القائم بأعمال رئيس قسم أنظمة الخدمات الإلكترونية والقائم بأعمال رئيس قسم معالجة بيانات المؤمن عليهم وأصحاب العمل وغيرهم، مع العلم بوجود رؤساء أقسام يقومون بالمهمة نفسها ويحملون المؤهلات».

وأكدت اللجنة لوزير المالية أن عملية الإحلال تمت بمخالفة المادة التاسعة من قانون تأسيس الهيئة رقم (3) لسنة 2008 والتي تنص على: «ينقل إلى الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي جميع العاملين بكل من الهيئة العامة لصندوق التقاعد والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بدرجاتهم ورواتبهم ومزاياهم ذاتها».

وأشارت إلى أن التعيينات تمت بصورة بعيدة عن قرارات مجلس الإدارة واللوائح المعمول بها والمقترحة من قبل شركة «أرنست ويونغ».

وكانت لجنة الدمج بالهيئة التي شكلت من أجل الإشراف على عملية الدمج، قدمت استقالتها إلى رئيس المجلس بسبب ما وصفته بـ «التعيينات غير القانونية» التي تمت في الهيئة، إذ شهدت اللجنة صراعاً حقيقياً وخلافاً كبيراً بينها وبين الإدارة التنفيذية التي يترأسها الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة (الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية سابقاً).

وأعدت اللجنة تقريراً متكاملاً عن التعيينات الجديدة في الهيئة لرفعه لوزير المالية للنظر في الأمر، الذي وعد بالتدخل وحل الإشكالية، بعد أن رفضت اللجنة الاستمرار في العمل قبل وقف التعيينات التي رأت أنها كانت لأشخاص غير مؤهلين في مناصب قيادية في الهيئة.

وتحدثت المصادر عن تعيينات كثيرة حدثت خارج الإطار القانوني - على حد وصفها - منها إعادة تعيين مديرين متقاعدين من الهيئة كمستشارين بأجور عالية، وإحلال رؤساء أقسام محل آخرين يحملون الثانوية العامة فقط. وأكدت المصادر أن الطرفين اختلفا على الصلاحيات وتفسير المواد القانونية، بشأن عمل لجنة الدمج، وقدرتها على التدخل في قرارات الإدارة التنفيذية.

وترى لجنة الدمج أن الإدارة التنفيذية للهيئة خالفت ما أوصى به مجلس إدارة الهيئة، من خلال عدم إخراج أي موظف محال على التقاعد قبل إجراء عملية الإحلال وتسليم العُهَد التي بحوزته لمن سيتسلم الزمام بعده، إلا أن الإدارة التنفيذية التزمت قرار مجلس الإدارة المتضمن إمكانية التمديد لبعض الموظفين لفترة لا تتجاوز 6 أشهر، إذ انتهى عمل الموظفين المقبولين بموجب برنامج التقاعد المبكر مع نهاية شهر يوليو الماضي.

ومن جانب آخر أشارت مصادر إلى أن ثمانية مديرين سابقين في صندوق التقاعد يتجهون لتحريك دعوى قضائية ضد التعيينات الجديدة، إذ تم تعيين أحد الأشخاص الجدد مديراً وهو يحمل شهادة فني بخلاف أحد الأشخاص الذي كان قد ابتعث لإكمال الدراسات العليا وعاد كما ابتعث ليرأس قسمين بعد دمج الهيئتين (التأمينات والتقاعد).

أهم ملاحظات لجنة الدمج على التعيينات التي وصفتها بـ «غير القانونية

وصفت لجنة الدمج المشكلة من أعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي قرار الرئيس التنفيذي للهيئة القرار رقم (5) لسنة 2010 بتعيين رؤساء ونواب رؤساء بـ «غير القانوني»، مؤكدة أن القرار صدر من دون اتباع اللوائح والآليات المعمول بها في اختيار وترشيح الموظفين خارج الصلاحيات الممنوحة له من قبل مجلس الإدارة، ونتيجة لعدم تطبيق المعاير الصحيحة في عملية الاختيار نتج عنه:

- ترقية اثنين من الموظفين إلى درجة نائب رئيس الشئون التأمينية لخدمات المشتركين ونائب رئيس الشئون التأمينية للمستحقات التأمينية من دون اتباع آليات الاختيار والتعيين المتبعة في صندوقي التقاعد والتأمينات والمعروضة على مجلسكم من قبل «أرنست ويونغ» للاعتماد.

- ترقية ثلاثة من إدارة واحدة «إدارة المعلومات بالتأمينات الاجتماعية» بينهم:

- نائب شئون العمليات للخدمات الإدارية والمالية يحمل ماجستير إدارة التقنية عين في وظيفة لا تمت إلى تخصصه بصلة ولا يمتلك المؤهلات التخصصية المطلوبة لإدارة الشئون المالية والمحاسبية، ولم يكن تعيينه متماشياً واللوائح والقوانين.

- نائب رئيس شئون العمليات لتقنية المعلومات يحمل مؤهل دبلوم أشعة ولا يمتلك المؤهلات المطلوبة لشغل الوظيفة، بينما تمت إزاحة المدير السابق الحاصل على ماجستير تقنية المعلومات وبكالوريوس في الحاسب الآلي، ولم يكن تعيين المذكور متماشيا واللوائح والقوانين المعمول بها.

- نائب رئيس شئون العمليات للمعلومات الإدارية والإكتوارية يحمل ماجستير إدارة أعمال لا يمتلك المؤهل العلمي ولا الخبرة الميدانية في مجال العمل الإكتواري ولم يكن تعيينه متماشيا واللوائح والقوانين المعمول بها.

- نائب رئيس شئون المخاطر يحمل ماجستير تقنية المعلومات تم نقله من إدارة المعلومات المتخصص فيها علمياً وميدانياً إلى وظيفة لا يمتلك فيها المؤهلات المطلوبة، ولم تكن متماشية واللوائح والنظم والقوانين ولا قرارات مجلس الإدارة.

وقالت لجنة الدمج إنه: «مما سبق توضيحه وبالرجوع إلى قرارات مجلس الإدارة المطلوب تنفيذها من قبل الرئيس التنفيذي بناء على صلاحيات التعيين الممنوحة له والآليات المعمول بها، يتضح جليا أن عمليات التعيين السابقة توضيحاً تمت بصورة انتقائية ومحسوبية بعيد عن مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة واستدلالا على ذلك ترقية ثلاثة نواب رؤساء من إدارة واحدة كان يرأسها مدير مشروع الدمج في الهيئة لا يمتلكون المؤهلات العلمية ولا الخبرات الميداني في المهام والمسئوليات الموكلة إليهم».