العدد 3127 - الثلثاء 29 مارس 2011م الموافق 24 ربيع الثاني 1432هـ

«الدانة»... وفراق الأحبة تحت ضوء القمر وسكون البحر

بعد مرور 4 أعوام على غرق 58 أجنبياً في البانوش

بعد مرور أكثر من أربعة أعوام، لا تزال ذكرى غرق 58 أجنبيّاً، وإصابة العديد من ركاب تلك السفينة، ونجاة 72 راكباً من الموت في مياه البحرين الهادئة باقية.

إنها ذكرى غرق بانوش الدانة، تلك الحادثة التي وقعت في مثل هذا اليوم من العام 2006، ذلك البانوش العائد من غير ركاب.

فكعادتها خرجت تلك السفينة السياحية محملةً بالركاب الأجانب، إذ إنها أبحرت 22 مرة «ذهاباً وإياباً» من دون أي مشكلات. وفي جو سعيد مِلئُه الغبطة والسرور، التقى الأحبة والأصدقاء على ظهر الدانة، معلنين بدء رحلة سياحية تعوم في مياه البحرين الهادئة، وتحت انعكاسات ضوء القمر، وصفاء الجو، انطلقت الدانة، وكل من فوق متنها سعيدون، يتسامرون، ويغنون ويصفقون، بينما كانت السفنية تتمايل وسط أمواج راكدة.

كانت رحلة بحرية بدأت بالفرحة والسرور، لتكون من أجمل رحلات العمر، لكنها ما لبثت أن تغيرت، وتقلبت الأحوال بمشئية وقدر من الله، لتكون رحلة فراقٍ وحزنٍ يتجدد في كل عام في مثل هذا التاريخ.

وكان لغرق بانوش الدانة، بابٌ جديد يفتح للهيئات الحكومية والمشرعين، لتنظيم تقديم الخدمات السياحية وإصدار الرخص الخاصة بذلك، فيما كان نصيب الأسد في هذه الحادثة للقضاء البحريني، الذي اطلع على تفاصيل وحيثيات البانوش بدءاً من استقدامه من الدوحة في العام 1996 ومحاكمة مالكه (مستثمر بحريني) وربان البانوش (آسيوي)، وصولاً إلى رفع عدد من القضايا التعويضية لدى المحاكم المدنية من قبل أهالي الضحايا.

قضية بانوش الدانة، كان النصيب الأكبر لها ولآثارها هو متابعة القضاء البحريني للمتهمين بالتسبب فيها (حادثة الغرق)، إذ وجهت النيابة العامة إلى المتهمين الأول (مالك البانوش الغارق وهو مستثمر بحريني) والثاني (وهو قبطان السفينة آسيوي الجنسية) تهمتي القتل والإصابة الخطأ وفقاً لأحكام المادتين (342) و (343) من قانون العقوبات.

وقد قضت محكمة أول درجة (المحكمة الصغرى الجنائية الأولى) في 23 مايو/ أيار العام 2007 بإدانة المتهمين في القضية، وأمرت بحبس المتهم الأول مالك البانوش مدة 10 سنوات وقدرت مبلغ 10 آلاف دينار كفالة لوقف تنفيذ الحكم، فيما قضت المحكمة بحبس المتهم الثاني (ربان السفينة) مدة ثلاث سنوات مع النفاذ، كما أمرت بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة بلا مصروفات، وبهذا الحكم تعتبر المحكمة أخذت بأشد العقوبات تجاه المتهمين وخصوصاً الأول الذي لم يرتضِ الحكم، وتقدم وكيله المحامي عبدالرحمن غنيم باستئنافه، وبعد جولات دفاعية قادها غنيم، قضت محكمة الاستئناف الكبرى الجنائية في 3 ديسمبر/ كانون الأول العام 2007 بتخفيف حكم الإدانة بالنسبة إلى المتهم الأول (مالك البانوش الغارق)، من السجن مدة 10 أعوام إلى 5 أعوام، فيما أيدت حكم حبس المتهم الثاني قبطان البانوش (آسيوي الجنسية) مدة ثلاثة أعوام، إلا أن غنيم كان مصرّاً على براءة موكله، وأعلن حينها أنه سيتقدم بالطعن على الحكم لدى محكمة التمييز، وهي آخر محطات التقاضي.

وبصدور حكم الإدانة علق غنيم: «الحكم تجاهل أموراً كثيرة وتجاهل كل أوجه الدفاع التي قدمناها واستخدم أقصى العقوبة مع المتهم، وذلك على رغم انتفاء القصد الجنائي بالقتل».

وأضاف «فاجأتنا المحكمة بأقصى العقوبة، وكنا نتوقع البراءة أولاً، وإن كان هناك حكم بالإدانة على سبيل الاحتياط فكنا نعتقد أن المحكمة ستلمّ بظروف القضية وتعدد الأسباب التي أدت إلى غرق السفينة، ولا تلقي بتبعة النتيجة بهذا الثقل على موكلنا».

وتابع «أخشى أن يكون الحكم مؤثراً على الاستثمار، لأن الغاية التي كان يهدف إليها من حُكِمَ عليه بعشر سنوات هو تدشين نشاط سياحي جديد ولكن ما جناه ليس الأرباح».

في حين أرجعت المحكمة إدانتها المتهمين وقتها إلى «أنها ترى رابطة السببية بين خطأ المتهمين والضرر الواقع على المجني عليهم، باعتبار أن خطأ المتهمين على النحو السالف سرده قد توافر وثبت في حقهما، واتصل هذا الخطأ بالضرر المتمثل في إصابة وغرق المجني عليهم السالف بيانهم، واتصال السبب بالمسبب بأن حدثت هذه الإصابات والوفيات جراء غرق وانقلاب السفينة (الدانة)، الذي وقع نتيجة تضافر خطأ المتهمين على نحو ما سلف بيانه، بحيث لا يتصور وقوع هذه الإصابات والوفيات من غير قيام هذا الخطأ، وهو ما تخلص معه المحكمة لتوافر رابطة السببية بين الخطأ المنسوب إلى المتهمين والضرر المتمثل في إصابات ووفيات المجني عليهم، باعتبار أن ذلك من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع من غير معقب مادام تقديرها في ذلك راجعاً لأصل ثابت في الأوراق على نحو ما سلف بيانه، وفي ذلك ما يتضمن الرد على الدفع المثار من دفاع المتهم الأول بانتفاء رابطة السببية بين الخطأ وما آل إليه الحدث».

وأضافت أنها خلصت «لتوافر ركن الخطأ من قبل المتهمين وإخلال كل منهما بما تفرضه عليه أصول مهنته، الأول كمالك لسفينة الموت المدعوة الدانة والثاني ربانها ولمخالفتهما للقوانين والقرارات واللوائح، وثبوت حدوث ضرر المجني عليهما الذي نشأت عنه وفاة أكثر من 3 أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين، وتوافر رابطة السببية من اتصال الخطأ بالضرر، واتصال السبب بالمسبب»

العدد 3127 - الثلثاء 29 مارس 2011م الموافق 24 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:08 ص

      ماعلى حكمتك يارب نعترض !!

      الحين عاد مسوينها مصيبه قضاء الله ..
      ناس تتقتل من سنين ولا احد حاسب القتلة ..

اقرأ ايضاً