قال مصدر مقرب من القاضي الذي يرأس محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين أمس إن القاضي رزكار أمين قدم استقالته احتجاجا على ضغوط من جانب الحكومة العراقية على المحكمة. وقال المصدر إن مسئولين قضائيين كبارا يحاولون إقناع القاضي الكردي العدول عن استقالته، مضيفا أن أمين محجم عن الاستمرار في منصبه بسبب اتهام زعماء عراقيين له بالليونة مع صدام في المحكمة. وقال إن أمين «قدم استقالته الى المحكمة قبل بضعة أيام لكن المحكمة رفضتها. والآن تجرى محادثات لإقناعه بالعدول عن قراره... انه يتعرض لضغط كبير. المحكمة كلها تتعرض لضغوط سياسية». من جهة أخرى يصدر الفريق الدولي لتقييم العملية الانتخابية بالعراق اليوم (الأحد) بيانا يتضمن النتيجة الأولية للعمل الذي قام به والملاحظات التي توصل إليها على ان يصدر تقريرا نهائيا خلال الأيام المقبلة.
السليمانية، عواصم وكالات
ساد الارتباك المحكمة التي تحاكم الرئيس السابق صدام حسين أمس مع إعلان رئيسها رغبته في التنحي، ما دفع بعملية المحاكمة المضطربة فعلاً إلى مزيد من الفوضى. وقتل جندي أميركي، في وقت اغتالت فيه القوات الأميركية عريساً عراقياً في الفلوجة. وقال مصدر قريب من القاضي الكردي رزكار أمين قبل عشرة أيام من ترؤسه لجلسة المحاكمة المقبلة في 24 يناير/ كانون الثاني الجاري إن القاضي «يريد الانسحاب». وقال المصدر الذي كان يتحدث في ساعة متأخرة أمس الأول: «إن القاضي سيرأس الجلسة المقبلة ثم يعلن أسباب انسحابه». وعندما سئل المصدر عن سبب رغبة القاضي الذي يقيم في مدينة السليمانية الكردية في الانسحاب من المحاكمة التي جعلته من أشهر الشخصيات في العراق بعد أن بث التلفزيون وقائع عدة جلسات سابقة للمحاكمة، لم يقل سوى «إنه أمر بالغ الصعوبة». و قال مصدر مقرب آخر من القاضي إنه قدم استقالته احتجاجاً على ضغوط من جانب الحكومة العراقية على المحكمة، مضيفاً أن أمين ينتظر الآن رد المحكمة. ولم يتضح إن كان أمين يترك المجال مفتوحاً أمام احتمال العدول عن رأيه أم أنه يطلب إدخال تعديلات على أسلوب إجراء المحاكمة مقابل البقاء في منصبه. ولم يتسن الاتصال بالمتحدث باسم المحكمة الجنائية للتعليق في عطلة نهاية الأسبوع التي أعقبت إجازات عيد الأضحى. وكانت مصادر قضائية عراقية أكدت أمس أن القاضي أمين باق في منصبه. وقال مسئول يعمل في المحكمة: «لم نسمع بهذا. إننا حتى لا نعرف ماذا يجري». وقال محام في بغداد يمثل فريق الدفاع عن صدام: «لقد فوجئت». وتساءل إذا كان أمين سيتنحى عن رئاسة المحكمة حقاً. وسلط مقتل اثنين من محامي الدفاع الضوء على صعوبة العملية في بلد يمزقه صراع يقرب من حرب أهلية. وشهدت محاكمة صدام التي بدأت في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي سابقة أخرى لتغيير أحد أفراد هيئة المحكمة المؤلفة من خمسة قضاة، ومن ثم فإن تنحي أمين قد لا يسبب من حيث المبدأ اضطراباً يذكر. وكان قاض قد انسحب لتفادي تضارب محتمل في المصالح بشأن الدور المزعوم لأحد المتهمين الثمانية في قتل أحد أقارب هذا القاضي. ولكن من الناحية العملية، فإن استقالة أكثر الوجوه ظهوراً في المحكمة خارج قفص الاتهام قد تسبب إحراجاً للحكومة العراقية، فيما يحرص المسئولون الاميركيون على أن يثبتوا للعالم أن العراقيين قادرون على إجراء محاكمة عادلة لرئيسهم السابق. وكان أمين (48 عاماً) قال في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إن عائلته تشعر بقلق عليه، وإن حارسين شخصيين يرافقانه بعد ضغوط من أصدقاء، ولكنه شدد على أن «القاضي يجب ألا يخاف أبداً لأنه يدافع عن العدل والقانون». ميدانياً، في بغداد قالت الشرطة إن قنبلة على جانب طريق قتلت اثنين من رجال الشرطة وأصابت أربعة أشخاص بجروح، عندما انفجرت بالقرب من دورية للشرطة في شرق بغداد، في وقت قال فيه شهود إن مسلحين قتلوا رجل الدين السني عبدالغفور الراوي، عضو هيئة علماء المسلمين واسعة النفوذ على مقربة من الرمادي، بينما كان متوجهاً إلى مسجد محلي ليؤم الصلاة. وفي بغداد أيضاً، قالت الشرطة إن مسلحين اغتالوا رجل الدين الشيعي هادي الوائلي الذي كان إماماً لمسجد المهدي في حي الحرية في العاصمة العراقية. وفي الرمادي، قال الجيش الأميركي في بيان إن أحد مشاة البحرية الأميركية توفي متأثراً بجروح أصيب بها من عيار ناري في قتال وقع يوم الجمعة. وفي الحلة، قالت الشرطة إن مدنياً عراقياً قتل وأصيب آخران بجروح عندما انفجرت قنبلة كانت تستهدف قافلة أميركية على جانب طريق رئيسي شرقي المدينة. وفي الفلوجة، قتلت القوات الأميركية عريساً عراقياً، فيما نجت عروسه عندما فتحت هذه القوات النار على السيارة التي كانت تقلهما. من جهة أخرى، أكد الرئيس العراقي جلال طالباني حدوث اتصالات هاتفية مع بعض الجماعات المسلحة العراقية، ولكنها لم تتطور إلى لقاء. في غضون ذلك، أعلن مصدر رسمي عراقي أمس أنه سيفرج اليوم (الأحد) عن 509 سجناء عراقيين من ثلاثة سجون موزعة في أرجاء العراق، وذلك بعد ثبوت براءتهم. وفي الأردن، أعلن المكتب الإعلامي التابع لمديرية الأمن العام أمس استمرار منع عبور المسافرين العرب إلى العراق، و«من ضمنهم الأردنيون، باستثناء الجنسيات الأجنبية وسائقي الشاحنات عبر جميع المنافذ الحدودية».
بغداد وكالات رفض رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق عبدالعزيز الحكيم ان تشكل الحكومة المقبلة بناء على «توافق» بين الأطراف العراقية وذلك في تصريحات نشرتها أمس صحيفة عراقية. وقال الحكيم لصحيفة «الصباح»، «مصطلح التوافق يعني قراءة سورة الفاتحة على الديمقراطية وحكم الغالبية والانتخابات». في المقابل طرح الحكيم مصطلح «حكومة المشاركة» محل مصطلح «حكومة توافق وطنية». وقال «نعتقد ان هناك مكونات يتألف منها الشعب يجب ان تشارك في هذه المرحلة على مستوى التخطيط والتنفيذ». ورأى ان الديمقراطية تقتضي وجود معارضة وقال «اكتمال بنية النظام الديمقراطي تتم من خلال ولادة قوى معارضة حقيقية» وهذا يتم عبر المشاركة وليس التوافق برأيه. من جهة أخرى قال الحكيم إن من بين الشروط التي تم وضعها في المرشح لمنصب رئيس وزراء العراق المقبل الكفاءة والقبول من مكونات القوى السياسية الرئيسية وقبول ترشيحه من قبل المرجعيات الدينية. وأضاف أن هناك شروطاً أيضا تتعلق بالوضع الدولي والاقليمي الذي يعد العراق جزءا منه ومدى التزام المرشح ووفائه بتعهداته... وأشار الى أن هناك شرطا آخر وهو ان تكون مسألة إقالة الشخص الذي يتم تعيينه في منصب معين بيد الائتلاف فيمكن أن يقيله من منصبه متى يشاء. وكان صدر الدين قبانجي المقرب من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق اكد الجمعة رفض تشكيل الحكومة المقبلة بناء على تسوية سياسية مشددا على اعتماد نتائج الانتخابات التي أظهرت تقدما كبيرا للشيعة. الى ذلك نقل العضو البارز في قائمة الائتلاف الموحد همام حمودي أمس عن المرجع الديني السيد علي السيستاني تأييده لحكومة تشارك فيها كل الأطراف العراقية وتعتمد على نتائج الانتخابات. وقال حمودي للصحافيين بعد لقاء مع المرجع الديني في النجف ان السيستاني اكد على «ضرورة إيجاد سبل لمشاركة الجميع في ادارة العراق (...) وعلى ضرورة الحفاظ على الاستحقاق الانتخابي واحترام نتائج الانتخابات». على صعيد متصل أوضحت المفوضية المستقلة للانتخابات أمس ان صدور النتائج «النهائية المصدقة» للانتخابات قد يتطلب أيضا بضعة أسابيع من دون ان تحدد موعدا معينا. وقال صفوت رشيد، احد كبار المسئولين في المفوضية، «ننتظر تقرير وفد الخبراء الدوليين الذي سيعلن في 15 يناير/ كانون الثاني(أي اليوم) لنقوم في اليوم التالي أو بعد يومين بنشر نتائج تحقيقاتنا في الشكاوى» بشأن سير العملية الانتخابية. وقال «إذا قرر القضاة (في المفوضية) النظر في هذه الشكاوى فان ذلك يستغرق ما بين 10 و14 يوما والا فتدعى الكيانات السياسية لتقديم اسماء مرشحيها للمقاعد التعويضية (45)» التي سيتم توزيعها. وأعطت المفوضية الكيانات المشاركة في الانتخابات مهلة يومين لاستبدال مرشحيها المشمولين باجتثاث البعث. وقالت المفوضية في بيان «يدعو مجلس المفوضية جميع الكيانات السياسية الى استبدال أسماء مرشحيها المشمولين بإجراءات اجتثاث البعث (...) وإرسال اسماء مرشحيها البدلاء خلال يومين فقط».
العدد 1227 - السبت 14 يناير 2006م الموافق 14 ذي الحجة 1426هـ