دعت 14 جمعية سياسية بحرينية إلى تطوير النظام السياسي البحريني وإرساء عقد اجتماعي لوضع لبنات البناء الديمقراطي، وأوصت الجمعيات بسحب مشروع قانون مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى سحب مشروع قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات باعتباره «متناقضا ومبادئ الميثاق الوطني وأحكام الدستور والأعراف الدولية». وأكدت الجمعيات السياسية في ختام مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي عقد في قاعة المؤتمرات في فندق الخليج يوم أمس على حق جميع قوى المجتمع المدني في المشاركة في العمل السياسي باعتبارها جزءا من العملية السياسية الاجتماعية.
المنامة-حيدر محمد، مالك المرخي
دعت 14 جمعية سياسية بحرينية إلى سحب مشروع قانون مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى سحب مشروع قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات باعتباره «متناقضا ومبادئ الميثاق الوطني وأحكام الدستور والأعراف الدولية». ومن جانب آخر، أكدت الجمعيات السياسية في ختام مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي عقد في قاعة المؤتمرات في فندق الخليج يوم أمس حق جميع قوى المجتمع المدني في المشاركة في العمل السياسي باعتبارها جزءا من العملية السياسية الاجتماعية. وأنهى المؤتمر الذي حضره أعضاء من مجلسي الشورى والنواب وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني وغياب جميع الوزراء وكبار المسئولين الذين وجهت لهم الدعوة لحضوره، أعماله بالدعوة إلى تعزيز الحريات السياسية والمدنية في المملكة. واتفق المؤتمرون على تطوير لجنة التنسيق الدائمة للجمعيات السياسية من خلال تشكيل تحالف يتسع لجميع مؤسسات المجتمع المدني وفعاليات المجتمع الأخرى لترسيخ تقليد مؤتمر الحوار الوطني للدفاع عن الحريات وتطوير قدراتها التنظيمية والتعبوية. وأشار البيان الختامي إلى أن «المؤتمر ألتأم تتويجا للحوارات التي استمرت طيلة العام الماضي بين قوانا السياسية، وتعبيرا عن الإرادة الوطنية لشعب البحرين في تأكيد وحدته الوطنية وتأمين مستلزماتها، وإصرارا على الإسهام الفاعل في إكساب المشروع الإصلاحي قوة دفع وتطوير جديدة، وللوقوف وقفة تقييم نقدية جادة لمسيرة الإصلاح بعد مضي نصف عقد من السنوات على انطلاقتها». وأضاف البيان قائلا: «لقد عبر شعب البحرين عن حاجته ودعمه للإصلاحات الشاملة يوم صوت على مشروع ميثاق العمل الوطني بإجماع شعبي رائع في 14 فبراير/ شباط .2001 وبهذا التصويت قدم الشعب لمليكه صاحب المبادرة الإصلاحية عربون ثقة كبيرة بحماية الإصلاحات من التراجع أو المصادرة وبضمان تطورها اللاحق». وبدا أننا دخلنا القرن الواحد والعشرين لنلحق بمستوى تطور الحضارة البشرية معوضين ما فات من عهد تغييب الحياة البرلمانية والحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان. وتأهبت الجماهير وقواها السياسية والاجتماعية المختلفة لتلعب دورها في إنجاز المهمات الحضارية وجني ثمارها الاقتصادية والاجتماعية. وانتقد البيان بعض الممارسات التي قال إنها تتسبب في إعاقة الحركة الإصلاحية، مشيرا إلى أن هذه المسيرة «لم تسر باطراد في جميع جوانبها. فخلال العامين الأولين ترسخت وتطورت الممارسات الديمقراطية على الأرض متقدمة على القاعدة الحقوقية القائمة. التي أصبحت تشكل إعاقة للعملية الإصلاحية. كما أحدث إقرار عدد من القوانين المقيدة للحريات وطرح مشروعات قوانين أشد تقييدا وخطرا على الحياة السياسية قلقا لدى جماهير الشعب وردود فعل متفاوتة من قبل ممثلي مختلف القوى السياسية والاجتماعية. ومع ذلك ظلت جميع هذه القوى تبدي شديد حرصها على دعم العملية الإصلاحية وعدم التفريط بالمناخ السياسي والمكتسبات الاجتماعية التي تحققت في هذه المرحلة».
قوانين تخالف الميثاق والدستور
ومضى البيان قائلا: «لقد أربكت حزمة هذه القوانين ومشاريع القوانين الحال العامة في البلاد ونشأ وضع يعرقل المسيرة الإصلاحية، وفرضت على القوى السياسية وجماهير الشعب واجب التصدي لها من أجل المحافظة على المكتسبات. وكان من تلك الإجراءات أن تم الالتفاف على مشروع قانون الأحزاب السياسية ليقر بدلا عنه قانون الجمعيات السياسية المتخلف عن التقاليد النضالية للحركة الوطنية في البحرين وواقعها الراهن وعلاقاتها العربية والعالمية. وعلى رغم اعتراض الجمعيات السياسية عليه بشتى السبل وطرحها البديل المتمثل في مقترح قانون التنظيمات السياسية الذي أجمعت عليه، وإجراء الكثير من اللقاءات مع الكتل النيابية وفي مجلس الشورى، فإنه وعلى رغم بعض التعديلات جاء هذا القانون ليضيق آفاق تطور الحياة الحزبية في المملكة». وجاء المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، ليكبل الكلمة المسموعة والمقروءة والمرئية ويهدد صناعها بالحبس وبما يتعارض مع الحقوق الدستورية في حرية التفكير والتعبير ومع المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «كما طرح مشروع قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات العامة الذي يتعارض مع مبادئ ميثاق العمل الوطني وأحكام الدستور والأعراف الدولية وأبسط حقوق المواطن التي تقرها الأعراف الدولية من حقوق التجمع والتظاهر». من جهة أخرى، رأت الجمعيات السياسية أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب «جاء متجاهلا المحاولات العالمية الجادة لتعريف الإرهاب وحاملا في نصوصه ما يجعله مصادرا للحريات الأساسية. فيما أتى مشروع قانون الجمعيات الأهلية متخلفا عن المستوى الذي بلغه تطور المجتمع البحريني وكابحا لعملية استكمال بناء المجتمع المدني ولعب دوره في الحياة الاجتماعية ومعطلا لطاقاته الخلاقة ومقيدا لحرية العمل التطوعي». وأقرت الجمعيات السياسية بوجود إنجازات كثيرة قد تحققت في البحرين «لكن غالبيتها مهددة. وأن هذا الوضع يلقي على كاهل كل القوى الخيرة في المملكة، سواء في جانب القوى السياسية أو القيادة السياسية أو السلطة التشريعية أو التنفيذية أو المجتمع المدني أو قطاع المال والأعمال واجب التصدي لمهمات الحفاظ على تلك المنجزات وحمايتها من القوانين المقيدة للحريات بقوانين متقدمة تسمح بتطويرها وبإسهام الجماهير وقواها بطاقاتها الخلاقة لاغنائها على طريق بناء دولة القانون والمؤسسات القائمة على التعددية السياسية والفكرية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الإنسان ولإعادة صوغ العقد الاجتماعي على أسس أكثر ارتقاء بقيمة الإنسان وقيمه الديمقراطية على غرار ما هو في الممالك الدستورية العريقة». وقالت الجمعيات السياسية انه في الوقت الذي يثمن المؤتمر الخطوات الإيجابية التي اتسم بها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والخطوات التي تمت سواء في مجال الحريات والعمل السياسي، فان المؤتمرون على أهمية تمتع المواطنين بالحريات العامة التي نصت عليها مبادئ ميثاق العمل الوطني وأحكام الدستور، ووجوب انسجام جميع القوانين معها ومع مبادئ حقوق الإنسان، والالتزام بالمبادئ والعهود الدولية بشأن الحريات العامة والخاصة للمواطنين. وقدمت الجمعيات السياسية حزمة من التوصيات كان من أبرزها اعتماد الأساليب السلمية في العمل السياسي ونبذ العنف من قبل جميع الجهات وعلى جميع المستويات والتصدي لظاهرة الفساد المستشري في أجهزة الحكومة ومؤسساتها، وصيانة المال العام وأراضي الدولة من التعدي لما يشكله ذلك من مس بمستقبل أبناء هذا الوطن.
تفعيل الإصلاحات الاقتصادية
وشددت الجمعيات على ضرورة تفعيل برامج وخطط الإصلاحات الاقتصادية بعد تعديلها وإكسابها أبعادا اجتماعية أعمق بحيث تنعكس آثارها الإيجابية على جميع المواطنين، وخصوصا الفئات الدنيا من الشعب والعمل على وضع أسس تشريعية وعملية صحيحة لحياة حزبية متطورة في البلاد تجعل من الأحزاب طرفا فاعلا في تسيير الشئون السياسية للمملكة وتقرير مصيرها. فلا ديمقراطية صحيحة من دون أحزاب حقيقية بمشاركة حقيقية فاعلة. وفي لفتة سياسية متطورة أجمعت الجمعيات على سحب مشروع قانون مكافحة الإرهاب باعتباره لا يلبي حاجة مجتمعنا في مكافحة الإرهاب، فضلا عن سحب مشروع قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات باعتباره متناقضا ومبادئ الميثاق الوطني وأحكام الدستور والأعراف الدولية. ونوهت الجمعيات السياسية بأهمية إعادة النظر في القوانين ومشاريع القوانين التي تشرع وتنظم وجود ونشاط مؤسسات المجتمع المدني، كقانون الجمعيات الأهلية، بما يعزز دورها الرقابي ويفسح المجال لدعم سلطات هذه المؤسسات بما يوازن بينها وسلطات الدولة.
حرية النقابات وإشهار «النسائي»
وعلى المستوى الحقوقي أكدت الجمعيات السياسية ضرورة السماح بإنشاء النقابات العمالية في القطاع الحكومي من جهة، وتأكيد حق جميع قوى المجتمع المدني في المشاركة في العمل السياسي. ووجه المؤتمر توصية بأهمية انضمام البحرين إلى العهود والاتفاقات والبرتوكولات الملحقة بها والمتعلقة بالحقوق العامة والشخصية للانسان مواطناً ومقيماً. كما يوصي المؤتمر بسرعة اشهار الاتحاد النسائي البحريني وفقاً للنظام الاساسي المعبر عن رؤية مؤسسية.
الوحدة صمام أمان للمشروع الإصلاحي
وإعلاميا «أكد المؤتمر أحقية الجمعيات السياسية في إصدار صحافتها الحزبية، والتأكيد على حرية الصحافة والصحافيين والغاء العقوبات التعسفية الماسة بحرية الصحافي المهنية». وشددوا على أهمية الوحدة الوطنية «فلن يستطيع الشعب تحقيق هذه المهمات السامية إلا بتحقيق وحدته الوطنية التي تسمو فوق أية انتماءات طائفية أو قبلية أو مناطقية بانتمائنا وولائنا أولا وأخيرا إلى البحرين». وكان المؤتمر بدأ بتلاوة القرآن الكريم، ثم ألقى أمين سر اللجنة التنسيقية للجمعيات السياسية محمد البوعينين كلمة اللجنة المنظمة، ثم تعاقب على طرح الأوراق كل من: رئيسة اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي مريم الرويعي، المحامي حسن أسماعيل، النائب عبد اللطيف الشيخ، عضو مجلس الشورى إبراهي
العدد 1244 - الثلثاء 31 يناير 2006م الموافق 01 محرم 1427هـ