تحتفل الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بمقرها في الرياض اليوم (الإثنين) بالذكرى الثامنة والعشرين لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في الخامس والعشرين من شهر مايو/ أيار 1981م.
وبهذه المناسبة العزيزة رفع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن بن حمد العطية، أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومواطنيه. وأعرب العطية عن تقديره واعتزازه بالدعم السخي واللامحدود الذي تلقاه المسيرة المباركة من لدن قادة دول المجلس حتى أضحى المجلس كيانا راسخا وواقعا متجذرا في دوله الأعضاء وفي عقول وقلوب شعوبها حيث تمثل انجازاته سجلا رائعا من الإنجازات، ومؤشرا بالغ الدلالة على صلابة الإرادة والعزم الصادق على المضي قدما نحو تحقيق الأهداف والتطلعات.
وأكد معالي الأمين العام لمجلس التعاون حرص أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على مواصلة تعزيز المسيرة المباركة للمجلس، وبالعمل على دعم آلياته، واستكمال صيغ التعاون في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية، ووضع الأنظمة المتماثلة في كل المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والقانونية والشبابية والرياضية والإعلامية والبيئية وغيرها.
وأوضح العطية أن الاحتفاء بذكرى تأسيس مجلس التعاون فرصة للتأمل في المسيرة والإنجازات التي تحققت منذ إعلان التأسيس في مدينة أبو ظبي الزاهرة التي احتضنت قمة التأسيس المباركة قبل ثمانية وعشرين عاما. ودعا العطية إلى استذكار صورة الواقع الخليجي بجميع أبعاده في عام التأسيس ومقارنتها بالوضع الراهن حيث أصبح مجلس التعاون مظلة حقيقة لأهل المنطقة في كل مناحي الحياة، وقاسما مشتركا اجمع قادة وشعوب دول المجلس على أهمية وحيوية أدوار. وأرجع العطية استمرارية نجاح مسيرة التعاون إلى صدق التصميم وعزم الإرادة على مستوى القيادات وقوة الدعم على مستوى مواطني دول مجلس التعاون. واختتم العطية حديثه بالتأكيد على أنه وبالرغم من الظروف الإقليمية الصعبة التي أحاطت بمسيرة المجلس منذ البدايات الأولى ولازمته خلال غالبية السنوات الماضية، إلا أن مجلس التعاون برهن على قدرته على استيعاب التحديات وتجاوز المصاعب أيا كان نوعها أو طبيعتها بل وتحقيق العديد من المنجزات خلال الثمانية والعشرين عاما الماضية التي جعلت من المجلس مكونا أساسيا ومهما في الحياة اليومية المعاشة من دول المجلس.
ولم يكن قرار تأسيس مجلس التعاون وليد اللحظة، بل تجسيدا مؤسسيا لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة، ويسرت الاتصال والتواصل بينهم وخلقت ترابطا بين سكان هذه المنطقة وتجانسا في الهوية والقيم. وإذا كان المجلس لهذه الاعتبارات استمرارا وتطويرا وتنظيما لتفاعلات قديمة وقائمة، فانه من زاوية أخرى يمثل ردا عمليا على تحديات الأمن والتنمية، كما يمثل استجابة لتطلعات أبناء المنطقة في العقود الأخيرة لنوع من الوحدة العربية الإقليمية، بعد أن تعذر تحقيقها على المستوى العربي الشامل. لقد حدد النظام الأساسي لمجلس التعاون أهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية، والتجارية والجمارك والمواصلات، وفي الشئون التعليمية والثقافية، والاجتماعية والصحية، والإعلامية والسياحية، والتشريعية، والإدارية، ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص.
يعتبر مجلس التعاون الخليجي اليوم أرسخ منظمة إقليمية عربية تضم في عضويتها ست دول تطل على الخليج العربي هي السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عُمان ومملكة البحرين، كما يعد كل من العراق باعتباره دولة عربية مطلة على الخليج العربي واليمن (الذي يمثل الامتداد الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي) دولا مرشحة للحصول على عضوية المجلس الكاملة حيث يمتلك كل من العراق واليمن عضوية بعض لجان المجلس كالرياضية والصحية والثقافية.
وتضم هذه المنظمة الإقليمية العربية الراسخة التي يحوز أمانتها العامة حاليا عبدالرحمن بن حمد العطية، ويتخذ المجلس من الرياض مقرا له، تضم 36.2 مليون نسمة بحسب الإحصائيات السكانية الأحدث، وعلى امتداد مساحة جغرافية تبلغ 2,673,000 كيلومترا مربعا، ويبلغ الناتج القومي الإجمالي لدول المجلس ترليون دولار أميركي خلال العام 2007.
لقد أثمرت مسيرة مجلس التعاون على مدى ثمانية وعشرين عاما العديد من الانجازات في جميع المجالات، وذلك بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل وإصرار وعزيمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على المضي قدما في دعم وتفعيل هذه المسيرة المباركة، حيث يحرص القادة من خلال لقاءاتهم، ومشاوراتهم المستمرة على إرساء وتثبيت قواعد كيان مجلس التعاون، وتقوية دعائمه لتحقيق طموحات وتطلعات مواطنيه، وتعميق مسيرة مجلس التعاون الخيرة داخل وجدان المواطن الخليجي والعمل على زيادة التعاون والتنسيق في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والصحية والاجتماعية والتعليمية والبيئية والرياضية.
إن آليات التعاون والخصائص القومية المتشابهة بين دول الخليج، تحتم على أعضائه الاستمرار خصوصا في ظل عدم نجاح غالبية التجارب الوحدوية العربية، مما يجعل ديمومة المجلس إنجازا متحققا طيلة العقود الثلاثة الماضية، ناهيك عن كونه ضرورة لا غنى لدول المجلس عنها وسط التكتلات الإقليمية والدولية القائمة حاليا.
وقد أسهم التجانس بين دول المجلس في تمكين مجلس التعاون من تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية، و سياسات ترتكز على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، واحترام سيادة كل دولة على أراضيها ومواردها، واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات، الأمر الذي أعطى مجلس التعاون قدرا كبيرا من الصدقية، كمنظمة دولية فاعلة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره.
ويهدف التنسيق والتعاون في مجال السياسة الخارجية إلى صياغة مواقف مشتركة موحدة تجاه القضايا السياسية، التي تهم دول مجلس التعاون في الأطر الإقليمية والعربية والدولية، والتعامل كتجمع مع العالم، في إطار الأسس والمرتكزات القائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشئون الداخلية ومراعاة المصالح المشتركة، وبما يصون مصالح دول المجلس ويعزز أمنها واستقرارها ورضا شعوبها .
كما يرسخ وجود مجلس التعاون موقفا موحدا من القضايا الإقليمية والعربية والدولية، حيث تتخذ الدول الأعضاء بالمجلس موقفا موحدا من قضايا العراق، فلسطين، وبتوافق تام مع توجهات الدول العربية.
وقد حقق المجلس انجازات سياسية واضحة خلال العقود الثلاثة الماضية، أهمها: الحفاظ على أمن دول المجلس واستقرارها من خلال التصدي لمُسببات عدم الاستقرار ومصادر الخطر التي تمثلت بشكل أساسي ومُباشر في الحرب العراقية الإيرانية، الأمر الذي تطلب تحركا جماعيا لدول مجلس التعاون، للحيلولة دون انتشار رقعة تلك الحرب.
وفي التسعينيات، مثّل عدوان النظام العراقي السابق على دولة الكويت واحتلالها، التحدي الأمني الأكثر خطورة منذ قيام المجلس، حيث حظي تحرير دولة الكويت بأولوية مطلقة، بعد التحرير، تطلب الموقف عملا دبلوماسيا مشتركا مكثفا، لمساندة الشرعية الدولية في سعيها لإلزام العراق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت. وتبنى المجلس ولا يزال مساندة ودعم دولة الإمارات العربية المتحدة في حقها باستخدام كل الوسائل السلمية لاستعادة سيادتها على جزرها الثلاث، طنب الكبرى ، وطنب الصغرى ، وأبو موسى، التي تحتلها إيران منذ عهد الشاه العام 1971م وحتى الوقت الحاضر. في الوقت ذاته الذي تسعى فيه دول المجلس إلى تحسين العلاقات مع إيران، وهو ما شرعت فيه دول المجلس منذ آخر الثمانينيات بوضع إطار جماعي للعلاقات معها، مما أسفر عن توقيع العديد من الاتفاقات والبروتوكولات ذات الطابع الاقتصادي والأمني مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مما يُمهد لحل القضايا العالقة بين إيران ودول المجلس.
وعلى صعيد الحوار مع الدول الصديقة والمجموعات الدولية يلاحظ المتتبع لمسـيرة الحوار الذي يُجريه مجلس التعاون مع الدول والمجموعات الدولية، أن هذا الحوار قد قطع شوطا لا بأس به، لا سيما الحوار الذي يُجريه مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك الحوار الذي يتم على مستوى وزراء الخارجية مع الدول والمجموعات الأخرى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام.
ومما لا شك فيه، أن لهذه اللقاءات المشتركة، أهمية قصوى في تعميق علاقات دول مجلس التعاون مع هذه الدول والتجمعات، وتأكيد حضورها في الساحة الدولية. إذ إن هذا الحوار المنتظم يُعمِّق التفاهم المشترك حول القضايا التي تتم مناقشتها في هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، حيث يتم اتخاذ وتبني أهم القرارات الدولية، التي تؤثر في مسيرة الشعوب والأمم.
انطلاقا من الأسس والثوابت التي ترتكز عليها السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون والتي من أهمها: حسن الجوار، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم القضايا العربية والإسلامية، وتطوير علاقات التعاون مع الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة. وقد أسهم التجانس بين دول المجلس في تمكينها من تبني مواقف موحدة تجاه العديد من القضايا السياسية، كان من أهمها ما يلي: التأكيد على احترام الشرعية الدولية، والدعوة إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي لأزمة الملف النووي الإيراني، مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية، بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها منطقة الخليج، ومُطالبة «إسرائيل» بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار.
الحرص على وحدة وسيادة العراق، ورفض أي توجهات لتقسيمه، على أسس عرقية أودين.
وعلى المستوى العربي تمثلت أبرز الإنجازات السياسية في اتفاق الدوحة: الذي رعته دولة قطر، ونجح في تحقيق إنجاز تاريخي بالتوقيع على اتفاق الدوحة، بين الفرقاء اللبنانيين لحل الأزمة اللبنانية، التي أدت إلى شلل في المؤسسات الدستورية، وكادت تفاعلاتها أن تصل إلى شفير حرب أهلية، وتم التوقيع على الاتفاق في الدوحة، في 22 مايو 2008.
تشكيل لجنة عربية لحل أزمة دارفور للترتيب والإعداد لرعاية مباحثات سلام حول إقليم دارفور بين الحكومة السودانية والأطراف المعنية لحل هذه الأزمة، في العاصمة القطرية الدوحة.
بالاطلاع على المنجزات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي تبرز بوضوح التسهيلات التي تمت بين هذه الدول من حيث الضرائب والجمارك وحرية الحركة إلى غير ذلك من تسهيل حرية المرور والسلع بين دول المجلس، بالإضافة لقيام المشاريع الاقتصادية المشتركة بين هذه الدول، ويتمحور التعاون الاقتصادي الخليجي على فلسفة التكامل الاقتصادي الشامل، ولذا تسعى دول المجلس حثيثا لترسيخ الاتحاد الجمركي والعملة الموحدة.
و في ديسمبر/ كانون الأول 2007 حذف نشاطان من قائمة الأنشطة الاقتصادية والمهن المقصور ممارستها على مواطني الدولة نفسها وذلك تمشيا مع تفويض المجلس الأعلى للجنة بذلك حيث سمح لمواطني دول المجلس بممارسة الأنشطة التالية في أي من الدول الأعضاء: الخدمات العقارية واستئجار الأراضي والمباني وإعادة تأجيرها وإدارتها، الخدمات الاجتماعية.
- وقررت لجنة التعاون المالي والاقتصادي في اجتماعها الثالث والسبعين (مايو 2007) وقف العمل بالقيود على ممارسة مواطني دول المجلس للأنشطة الاقتصادية وللمهن الحرة الصادرة في الدورة الثامنة للمجلس الأعلى، والنص بدلا عن ذلك على تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في ممارسة المهن والحرف والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، عدا ما نص عليه في قائمة الأنشطة الاقتصادية المقصور ممارستها مرحليا على مواطني الدولة نفسها.
وعلى صعيد تنفيذ البرنامج الزمني للاتحاد النقدي، يجري العمل حاليا على تطبيق الجدول الزمني النقدي، لتحقيق متطلبات الاتحاد النقدي وتحقيق مستوى عال من التقارب بين الدول الأعضاء في جميع السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والتشريعات المصرفية. وفي ضوء ذلك تم في ديسمبر 2005 موافقة المجلس الأعلى على معايير التقارب الاقتصادي اللازمة لقيام الاتحاد النقدي، بالإضافة إلى الانتهاء من مسودة التشريعات والأنظمة الخاصة بالسلطة النقدية المشتركة التي ستتولى مهام إصدار العملة ووضع وإدارة السياسة النقدية الموحدة، وقد استكملت اللجان المعنية مسودة اتفاقية الاتحاد النقدي والنظام الأساسي للمجلس النقدي، وستواصل العمل على استكمال المتطلبات الفنية الأخرى، وذلك تمهيدا لقيام الاتحاد النقدي لدول المجلس وإصدار العملة الموحدة.
كما اهتمت دول مجلس التعاون ومنذ إنشاء المجلس بالمجال التجاري وعملت على تعزيزه وتطويره بما يعود بالنفع على دول ومواطني دول المجلس فقد قرر المجلس الأعلى لمجلس التعاون منذ 1986، السماح لمواطني الدول الأعضاء بمزاولة تجارة التجزئة في أي دولة عضو ومساواتهم بمواطني الدولة والسماح لمواطني دول المجلس بتملك أسهم الشركات المساهمة بالدول الأعضاء وتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات وإزالة القيود التي قد تمنع من ذلك، وإقامة مركز التحكيم التجاري لدول المجلس وعلى نظام المركز، وقد أقيم المركز في مملكة البحرين وأعلن عن قيامه رسميا في مارس/ آذار 1995، وتأسيس لهيئة المحاسبة والمراجعة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمدينة الرياض.
خطت دول مجلس التعاون خطوات كبيرة في مجال التعاون والتنسيق الصناعي فيما بينها، وعملت على تدعيم كل ما يؤدي إلى تعزيز استمرار التنمية الصناعية بدول المجلس.
تم حتى نهاية سبتمبر 2008 إنجاز ما يزيد على 82 في المئة من أعمال المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي التي تشمل دولة الكويت والمملكة السعودية ومملكة البحرين ودولة قطر. ومن المفترض أن تستكمل هذه المرحلة مع نهاية 2008، ليبدأ التشغيل التجريبي للشبكة مع بداية العام 2009 . ومن المؤمل أن تنضم كل من دولة الإمارات وسلطنة عمان (المرحلتان الثانية والثالثة من المشروع) إلى المرحلة الأولى ليستكمل المشروع بمراحله الثلاث في العام 2010. كما يجري حاليا إعداد اتفاقات الربط الكهربائي التي تنظم العلاقة بين الدول المشاركة، وتحدد التزامات الهيئة والجهات الناقلة والجهات المعنية بتجارة الطاقة بدول المجلس.
وتقوم دول المجلس حاليا بالإعداد للمشاريع المشتركة للإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة للمياه، ويجري العمل حاليا على إعداد القوانين (الأنظمة) الاسترشادية الموحدة للمحافظة على مصادر المياه السطحية والجوفية وتحلية مياه الصرف الصحي، ودراسة جدوى لخطة طوارئ مائية مشتركة لدول مجلس التعاون.
أقر المجلس الأعلى لمجلس التعاون العام 1996 سياسة زراعية مشتركة لدوله، وتهدف هذه السياسة إلى تحقيق التكامل الزراعي بين دول المجلس وفق استراتيجية موحدة تعتمد على الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة وتوفير الأمن الغذائي من مصادر وطنية، وزيادة الإنتاج وتشجيع المشاريع المشتركة بمساهمة من القطاع الخاص.
وتم إقرار الأنظمة والتشريعات الضامنة للتكامل الزراعي، كما تم إنشاء العديد من المشاريع المشتركة التي ساهمت في تطوير العمل الخليجي المشترك وساهم في بعضها القطاع الخاص بدول المجلس.
حقق التعاون في المجال الصحي بين دول المجلس العديد من الإنجازات التي تخدم في مجملها المواطن الخليجي والتي من أهمها السماح لمواطني دول المجلس بممارسة النشاط الاقتصادي في المجالات الصحية كالمستشفيات الخاصة والمستوصفات الخاصة وعلاج المعاقين والطب الرياضي والطب النفسي والمختبرات الطبية، كما اعتمد المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السابعة عشرة بأن يعامل مواطنو دول المجلس المقيمون والزائرون لأي دولة عضو معاملة مواطني الدولة نفسها في الاستفادة من المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات العامة.
اتسم التعاون العسكري بين دول المجلس بالعمل الجاد في بناء وتطوير القوى العسكرية الدفاعية بدول المجلس، ولقد تطور التعاون بشكل نوعي وكمي منذ بدء تشكيل مجلس التعاون وحتى اليوم، ولقد مر التعاون العسكري بمراحل عدة من بدئه، وكانت المرحلة الأولى هي مرحلة التأسيس ووضع أطر ومبادئ التعاون العسكري المشترك، وتوحيد التخطيط وتنفيذ التدريبات المشتركة، وكان أهم الإنجازات في تلك المرحلة هي إنشاء قوة درع الجزيرة العام 1985 وتنفيذ تمارين درع الجزيرة في كل دول المجلس بالتناوب كل سنتين، ومن ثم انتقل التعاون إلى مرحلة الدفاع المشترك وذلك من خلال توقيع الدول الأعضاء على اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون في الدورة الحادية والعشرين للمجلس الأعلى في ديسمبر 2000 ، انطلاقا من مبدأ الأمن الجماعي المتكامل والمتكافل لدول المجلس، معتمدة في ذلك على الله ثم على الإمكانيات الذاتية للدول الأعضاء لغرض الدفاع عن كيان ومقومات ومصالح هذه الدول وأراضيها وأجوائها ومياهها.
تنص أدبيات مجلس التعاون على وحدة وترابط أمن دول مجلس التعاون، ومبدأ الأمن الجماعي، وأن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ وأن أي اعتداء على أية دولة مسئولية جماعية يقع عبؤها على جميع الدول الأعضاء، ويجتمع أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية، بشكل دوري (سنوي)، صدرت عنه قرارات تهدف لتعزيز العمل الأمني المشترك، ووضع وتفعيل السياسات الأمنية التي تُعنى بالتصدي لكافة أنواع المخاطر والتحديات، ومكافحة الظواهر الإجرامية، وتحصين دول المجلس من إفرازات وانعكاسات تلك المخاطر، وتوثيق التعاون في مجال الدفاع المدني، مكافحة المخدرات، التحقيقات والمباحث الجنائية، مجال المرور.
وأقرت الاستراتيجية الأمنية الشاملة، لدول مجلس التعاون، في الاجتماع الاستثنائي الثاني لوزراء الداخلية، الذي عقد في مسقط في فبراير/ شباط 1987، وهي عبارة عن إطار عام للتعاون الأمني بين الدول الأعضاء بمفهومه الشامل. ولهذه الاستراتيجية أهداف عامة، كما حددت وسائل تنفيذها.
كما روجعت الاستراتيجية في الرياض، مايو 2007، بهدف تحديثها من قبل لجنة مختصة، وقد أقرّ وزراء الداخلية في لقائهم التشاوري التاسع بالدوحة، مايو 2008، مشروع تحديث وتطوير الاستراتيجية الأمنية الشاملة، وبحيث تعمل على تحقيق أهداف مهمة ومحددة منها، توطيد الأمن وحماية الحدود، وتنمية الوعي الأمني ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين تلك الأجهزة، ومواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية مثل المخاطر النووية والصراعات الإقليمية والكوارث، والتعرف على مصادر الخطر والتصدي لها، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، في مجال مكافحة الجريمة، وتعزيز مشاركة وتعاون القطاع الخاص في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتفاعل معها، وتنظيم العمالة الوافدة مع عدم التأثر باعتبارات لا تتفق مع المصالح العليا لدول المجلس.
وأقرت دول مجلس التعاون الإستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب في العام 2002، وأصدرت في العام ذاته إعلان مسقط بشأن مكافحة الإرهاب.
كما توصلت دول المجلس في العام 2004 إلى التوقيع على اتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب، وتم في العام 2006 تشكيل لجنة أمنية دائمة مختصة بمكافحة الإرهاب تعقد اجتماعاتها بشكل دوري (سنوي) كإحدى اللجان الأمنية المتخصصة، لتعزيز التنسيق والتعاون الأمني في هذا المجال .
كما أقرت اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين دول المجلس، وتم إقرار وتنفيذ تسهيل التنقل وانسياب السلع، حيث يعتبر ذلك أحد المقدمات الأساسية لتحقيق السوق الخليجية المشتركة، وتم تنفيذ مبدأ تنقل المواطنين بين الدول الأعضاء بالبطاقة الشخصية، والاتفاق على إصدار الدول الأعضاء الجواز المقروء آليا لمواطنيها، الربط الآلي المحدود للمعلومات الخاصة بتنقل مواطني دول مجلس التعاون بين المنافذ.
العدد 2453 - الأحد 24 مايو 2009م الموافق 29 جمادى الأولى 1430هـ