العدد 1255 - السبت 11 فبراير 2006م الموافق 12 محرم 1427هـ

التهديدات الجديدة في الشرق الأوسط

لم تتخط المشاعر المناوئة للأوروبيين تلك التي كانت تكنها بعض شعوب الشرق الأوسط للأميركيين منذ حرب السويس العام ،1956 عندما اصطفت كل من بريطانيا وفرنسا إلى جانب «إسرائيل» للسيطرة على قناة السويس بعد قرار الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر بتأميمها.

ومنذ اندلاع «حرب الرسوم الكاريكاتورية» يجد الأوروبيون أنفسهم في مواجهة حال من العنف تسعى الولايات المتحدة للعب دور الوسيط وتقليص حدة التوتر فيها.

وأثارت تلك الرسوم، التي أظهرت النبي محمد (ص) وهو يلبس عمامة بداخلها قنبلة، غضب مئات آلاف المسلمين، الذين ساروا في تظاهرات تحول بعضها إلى أعمال عنف. وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أحرق المتظاهرون السفارتين الدنماركيتين في كل من دمشق وبيروت. ولغاية الآن لقي نحو 11 شخصاً مصرعهم بسبب أعمال عنف لها علاقة بذلك.

التزمت واشنطن - لحد ما - الصمت بعد تلك الصور التي نشرتها صحيفة «جيلاندز - بوستن»، التي أعيد نشرها في الكثير من الصحف الأوروبية. وفيما استخدم بوش لهجة تصالحية، لاعبا دور الشرطي «الطيب»، فإن كوندليزا رايس فضلت لعب دور الشرطي «السيئ» من خلال هجومها على إيران وسورية، متهمة هاتين الدولتين بـ «تأجيج المشاعر خدمة لأهدافهما». وقالت إن «على العالم محاسبتهما على ذلك».

يتساءل المحللون ما إذا كانت التظاهرات التي جرت في بيروت ودمشق عفوية، ولكن الخبراء بالشأن السوري، بمن فيهم المسئولون في وزارة الخارجية الأميركية يشكون في ذلك.

إلى أي مدى يمكن إلى سورية وإيران الاستفادة من هذه القلاقل؟

بالنسبة لسورية فهي تحقق لها هدفان:

الأول: الإيحاء بأن لبنان سيظل غير مستقر بسبب خروج القوات السورية منه، مع خطر عودته إلى الفوضى والحرب الأهلية... ولطالما كررت دمشق بأن أمنها يعتمد جزئياً على الأمن في لبنان.

ثانيا: إن التظاهرات المناوئة للأوروبيين تخفف ولو مؤقتاً من حدة الضغوط التي تتعرض لها حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في ما يتعلق بالتحقيق في مقتل رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري.

أما بالنسبة لإيران فإنها تمنح الرئيس محمود أحمدي نجاد الفرصة للثأر من الدول الأوروبية التي وقفت إلى جانب واشنطن التي تعارض بقوة تحول إيران إلى قوة نووية. وعلى رغم أن حركة الأخوان المسلمين تشكل التهديد الرئيسي لنظام الرئيس بشار الأسد العلماني، فإن دمشق تنظر إلى طهران على أنها حليفها الطبيعي في وجه النفوذ الأميركي المتنامي في الشرق الأوسط.

وتطبق كل من دمشق وطهران مقولة: عدو عدوي صديقي. وإذا ما استمر العداء لأوروبا فإن العالمين العربي والإسلامي قد يفقدان صديقاً جيداً، حرص دائما على التدخل لصالحهما في الساحة السياسية الدولية منذ حرب السويس العام .1956

العدد 1255 - السبت 11 فبراير 2006م الموافق 12 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً