دعا رئيس مجلس بلدي الشمالية مجيد السيدعلي، إلى إجراء عملية سريعة للعمل البلدي، تمس قانون البلديات وصلاحيات المجالس البلدية، موضحاً أن المشروع البلدي أصبح في وضع خطير وبحاجة إلى إنعاش قبل احتضاره بعد أشهر. وقال السيدعلي أثناء حديث موسع أدلى به إلى «الوسط»: «أن دور وزير شئون البلديات والزراعة بدأ يستشري ويفعل، على رغم أن القانون يحصر دوره في أمور محددة تنسيقية وليست تنفيذية، فأصبح يتخذ قرارات من دون الرجوع إلى المجالس، في حين أن دوره يقابل دور وزير شئون مجلسي النواب والشورى».
وأضاف «ان وزراء البلديات يساهمون بشكل كبير في تحجيم العمل البلدي، بينما الخطاب الرسمي يؤكد أنهم معنيون بتطويره، وهذه إشكالية يجب التوقف عندها».
الهملة - أحمد الصفار
أكد رئيس مجلس بلدي الشمالية مجيد سيدعلي، أن المشروع البلدي يمر في حال خطر، وهو بحاجة إلى إنعاش لكونه سيحتضر بعد أشهر، إذا لم تجر له عمليات جراحية تمس قانون البلديات وصلاحيات المجالس البلدية.
وقال سيدعلي لـ «الوسط» خلال لقاء موسع أجرته معه، مس أهم جراحات وآلام العمل البلدي خلال السنوات الماضية: «المجالس البلدية اليوم واقعة تحت رحمة مزاجية المسئول، الذي هو مخير أن يتعاون معها أم لا، كما أنه ليس ملزما بحسب القانون».
وأضاف «من المفترض ألا تكون هناك وزارة للبلديات بوجود المجالس البلدية، وذلك أسوة بالكويت التي لا توجد بها مثل هذه الوزارة، فهناك مجلس بلدي مركزي، رئيسه متصل مباشرة بمجلس الوزراء».
رئيس بلدي الشمالية روى الكثير من فصول المعاناة مع الأجهزة الرسمية التي أسهمت بشكل أو بآخر في تصغير حجم المجالس البلدية في أعين المواطنين، وهنا تورد «الوسط» ما جاء على لسانه في حديث لم يخل من الصراحة.
الوزير يهيمن على المجالس
ما المأزق الذي وقعتم فيه خلال تجربتكم البلدية وتنصحون من سيلحقكم بتلافيه؟
- أعتقد أن المأزق الذي من الممكن أن نتحدث عنه في الدورة الأولى هو قضية عدم وضوح قانون البلديات رقم 35 لسنة 2001، وخصوصاً في الجزئية التي تتعلق بعلاقة الجهاز التنفيذي وجهاز وزارة شئون البلديات والزراعة، فقد كان لدى البلديين تصور لعلاقة معينة وتنسيق بين المجالس البلدية والجهاز التنفيذي، لضمان عمل الأخير كمكمل للقرارات التي يتخذها الأول.
هذه الجزئية عندما أثيرت اكتشفنا أنها ليست وفق ما تصوره البلديون، فقمنا بمخاطبة وزير البلديات بشأنها ووصل الأمر للديوان الملكي، ولكن مع الأسف فإن التفسيرات التي وردت في ظل غياب مذكرة تفسيرية للقانون، تجعل كثيرا من الجهات تمارس التفسير وتحاول أن تطبقه وتلزم المجالس به.
المأزق الآخر، أننا نلاحظ أن دور الوزير يستشري ويكبر ويفعل بشكل كبير على حساب المجالس البلدية، على رغم أن القانون يحصر دور الوزير في أمور بسيطة جداً، ومنها استلام القرارات والرد عليها، غير أنه في الواقع دوره أكبر جداً، إذ يتخذ قرارات من دون الرجوع إلى المجالس، ويمارس سلطته كوزير في أي وزارة أخرى، بينما يفترض أن وزارة البلديات دور الوزير فيها يقابل وزير شئون مجلسي النواب والشورى، أي أن دوره تنسيقي وليس تنفيذياً وفعلياً مباشراً.
القانون يتحدث عن استقلال إداري ومالي، بينما نلاحظ أن الوزير يمارس سلطته في نقل هذا الموظف أو ذاك، من هذه البلدية إلى تلك، على رغم أن ذلك يؤثر مباشرة على البلدية، فأين الاستقلال الإداري والمالي في ظل تصرفات من هذا النوع؟
والمسألة الأخرى تتمثل في أن تجاوب الأجهزة التنفيذية الممثلة في الوزارات الخدمية، لا يرتقي إلى المستوى الذي يتحدث عنه قانون البلديات، الذي ينادي بالمشاركة في وضع الخطط وفي ترتيب الأولويات، بينما ما نلاحظه هو أن الوزارات الخدمية تعمل على خطط موجودة قبل مجيء المجالس البلدية، لعدم وجود استعداد لتعديل هذه الخطط.
مستوى التشاور والانفتاح والتفاعل مع المجالس من قبل الأجهزة التنفيذية ليس في مستوى ما كنا نطمح إليه، وهذا يحدد بدرجة كبيرة عمل المجلس وتطوره.
والمثير أن الأجهزة التنفيذية في وزارة البلديات ذاتها المعنية بالاهتمام بالمجالس البلدية، ليست أفضل حالاً من الوزارات الأخرى، وهذه فعلاً إشكالية كبيرة، فمثلا إدارة التخطيط الطبيعي التابعة للوزارة مباشرة، تصدر مخططات وتعتمد تصنيف مناطق من دون الرجوع إلى المجالس.
تمثيل النواب غير واقعي
ومن المآزق نذكر أيضاً توقعات الناس الكبيرة من المجالس، وخصوصاً في منطقة مثل الشمالية ينقصها الكثير من الاحتياجات والخدمات، وفي الوقت نفسه خيمت أجواء المقاطعة على أجوائها، حتى أصبح من يمكن أن يدعي أن لديه تمثيلاً للناس هو المجلس البلدي، إذ أن النواب تمثيلهم غير واقعي إلى المنطقة الشمالية، فالمواطن ليس لديه سوى المجلس البلدي الذي انتخب أعضاءه وتفاعل معهم، ما زاد الضغط على الأخير.
الأهالي يتوقعون أن الأعضاء لديهم القدرة على عمل كل شيء وهم الذين يحاسبون، غير أن الكثير من هؤلاء الأعضاء وجدوا أنفسهم في ظروف صعبة جداً، لكون المجالس ليس لديها السلطة، لأن ليس بيدها الموازنات، كما أن القانون يفسر بطريقة مختلفة تماماً، والأجهزة التنفيذية ليست مستعدة للانفتاح على المجلس أو مشاركته.
نتمنى أن تكون هناك نظرة لتطوير المجلس البلدي ليمارس دوراً جد كبير، ونأمل أن يتحقق هذا الدعم من خلال ما رفعناه من مذكرات إلى المسئولين خلال لقاءاتنا بهم، فالمشروع يحتاج إلى وقفة تأمل ومراجعة ولا أعتقد بأن هناك أناساً أكثر كفاءة في تقييم العمل البلدي من الأعضاء الذين مارسوا التجربة.
تفسير القانون حسب رؤية الوزير
أين يكمن الخلل في التجربة البلدية في البحرين، هل هو في القانون أم الوزارة أم الجهاز التنفيذي أم ماذا تحديداً؟
- جلالة الملك تحدث عن أن نصوص القانون ربما تكون مقيدة أو كتبت بطريقة معينة، بيد أن روح القانون يجب أن تكون انعكاساً للسياسة العامة للدولة، ولكن ما لاحظناه وللأسف أن هناك فرقاً كبيراً بين الشعار والممارسة، فالمسئولون يتحدثون عن روح القانون بيد أنه في الواقع من خلال ما نرفعه من رؤى وتوصيات إلى جانب الملاحظات التي ترد إلينا من المستشارين القانونيين، نرى أن ليس هناك مجال للخروج عن النص، وعلى العكس نتلمس في بعض الأحيان تفسيراً قسرياً لمواد القانون لكي تتواكب مع نظرة المسئول أو الوزير.
الخلل يكمن في غياب المذكرة التفسيرية، فخلال فترة إطلاق القانون أو إصداره يجب أن تكون هناك مذكرة تفسيرية مرجعية، خصوصاً أن العمل البلدي أمر مستحدث على البحرين والمسئولين في الوزارات وتحديداً في الوزارات الخدمية التي لم تتعود أن يشاركها أحد في صنع القرار، وبالتالي فإنها تنظر إلى المجالس البلدية أنها تزاحمها، هذه المزاحمة إذا لم يكن لها توجيه على مستوى القيادات الرسمية للوزراء والمسئولين ليتعاطوا مع المجالس، فلن تتمكن الأخيرة من تحقيق شيء ملموس.
المجالس البلدية اليوم تحت رحمة مزاجية المسئول فهو مخير بأن يتعاون معها أم لا وليس ملزم بحسب القانون.
الأجهزة التنفيذية في جميع بلدان العالم تابعة مباشرة إلى المجلس البلدي، غير أنه في البحرين هناك استقلالية لهذا الجهاز عن المجلس البلدي وهذا خلل كبير.
العمل البلدي يشمل الكثير من الاختصاصات ومنها خدمات المياه والكهرباء والطرق والصرف الصحي وغيرها، بينما الجهاز التنفيذي عمله محدود جداً فكيف يمكن أن يكون هذا الجهاز منفذاً لقرارات المجلس في حين أن مجال عمله محدود.
إلغاء وزارة «البلديات»
من المفترض أن لا تكون هناك وزارة للبلديات بوجود المجالس البلدية، فمثلاً في الكويت لا توجد مثل هذا الوزارة، إذ ان هناك مجلساً بلدياً مركزياً ورئيس المجلس البلدي متصل مباشرة بمجلس الوزراء.
لا يمكن أن يكون هناك وزير للبلديات يعين الموظفين ويقرر كيف تصرف الموازنات ويسيطر على القدرة والموازنة الاستثمارية ويحدد ماهية المشروعات في ظل وجود مجالس بلدية مستقلة إدارياً ومالياً.
من الضروري أن يعرف المتتبع أننا لم نلحظ أي تطور أو تغيير في علاقة وموقع الوزير من المجالس البلدية، على رغم أننا عملنا مع ثلاثة وزراء للبلديات، فربما انخفض ظهور المشكلات خلال فترة الوزير الحالي علي صالح الصالح، ولكن واقع التعامل مع المجالس البلدية لم يختلف أبداً، إذا لم أقل إنه تدهور أكثر وصار دور الوزير محورياً أكثر وسلطاته اتسعت على حساب المجالس.
وزراء البلديات يساهمون بشكل كبير في تحجيم العمل البلدي مع كل أسف، بينما الخطاب الرسمي يؤكد أنهم هم معنيون بتطويره، وهذه إشكالية يجب التوقف عندها.
المشروع يحتضر
من خلال لقائك بأكثر من مسئول، هل تحسست من حديثهم أن هناك نية لإصدار مذكرة تفسيرية قريباً لقانون البلديات؟
- من ناحية قانونية لا يمكن أن تصدر مذكرة تفسيرية بعد إصدار القانون والعمل به، فعدم إصدار هذه المذكرة هو الخلل والآن في تصوري يجب أن يعدل القانون ويخرج مع التعديل مذكرة تفسيرية يعدها من أعد الأخير وليس أي طرف آخر لأنه سيطعن في التفسير كونه ربما يجير التفسير لمصلحة هذا الطرف أو ذاك.
ومن جهتنا لجأنا إلى إدارة الشئون القانونية في مجلس الوزراء، لحسم بعض الموضوعات وفوجئنا برد رسمي بأن الإدارة ليست معنية بتقديم استشارات قانونية إلا لأجهزة الدولة الرسمية مثل الوزارات والمؤسسات، ألسنا جهة رسمية تابعة لبلدية المنطقة الشمالية والتي تتبع من جهتها وزارة شئون البلديات والزراعة؟
عندما نلجأ إلى خارج المؤسسة الرسمية فإنها تكون غير ملزمة، وعندما نذهب إلى أجهزة غير رسمية لا تتعاون معنا في التفسير.
لا يمكن أن تزداد نسبة المشاركة في العمل البلدي بحسب ما يرغب جلالة الملك، إذا لم تزداد قناعة الناس بأهمية هذا المشروع، وحالياً بعد مرور ثلاث سنوات ونصف السنة لا اعتقد أن هناك قناعة كبيرة تدفع المواطن إلى صناديق الاقتراع، لذلك يجب تطوير القانون ح
العدد 1264 - الإثنين 20 فبراير 2006م الموافق 21 محرم 1427هـ