العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ

مواطن ينتظر السجن عاماً ونصف العام و400 جلدة!

«الحديثة» اكتشف مشروبات كحولية فأوقف الحمولة والسائق

لم يكن المواطن محمد ناصر ينتظر السجن لمدة سنة و6 شهور، و400 جلدة حين بعثته مؤسسة العالي للشحن والتبريد لينقل حمولة تعود إلى سفير جمهورية الصين الشعبية من مطار عمَّان. يروي صاحب مؤسسة العالي للتبريد والشحن موسى العالي تفاصيل الحكاية «نحن نتعامل دائماً مع احدى الشركات العالمية للشحن وهي شركة (.....)، وجاءتنا مهمة نقل شحنة بحيث تخرج السيارة من مملكة البحرين وتتوجه إلى الأردن تحديداً مطار عمَّان ومن ثم نقل شحنة من المطار إلى البحرين ومن ثم تتوجه الشحنة إلى العراق وتحديدا إلى سفارة الصين الشعبية».

ويقول: «كان الحمل يحوي أمتعة شخصية للسفير الصيني، ووضع عليها ختم السفارة الصينية في العراق لمنع فتحها على أساس أنها شحنة دبلوماسية».

يستدرك العالي قليلا ويتذكر تفاصيل قضية سائقه «عموماً، قال الموظف في مطار الأردن ان البضاعة دبلوماسية وبالتالي لا يمكن فتحها ويمكن نقلها بأمان... وفي طريق العودة، وبينما كان سائق الشاحنات الثقيلة لدينا في المؤسسة وهو محمد ناصر يسير بالشحنة عبر حدود المملكة العربية السعودية، تم إيقاف الشاحنة للفحص الروتيني».

أكثر من 200 قنينة خمر في الحمولة!

ويسرد العالي ما جرى في جمارك منطقة الحديثة «في الجمارك قام المفتشون بتفتيش الشحنة، ورأوا أنها تحوي ختماً لسفارة جمهورية الصين الشعبية في العراق، وأخبرهم محمد ناصر بأن المسئولين في مطار عمًّان أكدوا له أن الشحنة دبلوماسية وبالتالي لا يمكن فتحها».

ويستطرد «على أية حال، قرر السائق الرجوع لي على اعتباري المسئول المباشر معه، وحين أخبرني بذلك رجعت إلى الشركة المعنية لأنها المسئولة عن الشحنة فأخبرونا بأن يدخلوا الشحنة في الأشعة لمعرفة محتوياتها، وحين مرروا الشحنة اكتشفوا بأن فيها أكثر من 200 قنينة خمر».

ويشير العالي إلى أنه لجأ إلى الشركة لكي تتخذ الإجراءات اللازمة بهذا الشأن، وقامت الشركة بمخاطبة الجمارك بمسئوليتها عن الشحنة وأكدت للجمارك أن الشحنة تعود إلى سفارة جمهورية الصين الشعبية في العراق وعلى رغم ذلك بقي السائق محجوزا مع الحمولة في حدود منطقة الحديثة.

ويواصل العالي «ذهب مندوب من الشركة إلى منطقة الحديثة ودفع مبلغ غرامة على عدد قناني الخمر وظل السائق محجوزاً مع الحمولة. ومن ثم طلبوا رسالة من سفارة جمهورية الصين الشعبية تؤكد مسئوليتها التامة عن البضاعة وإلا تحمل السائق كل المسئوليات والعواقب التي تترتب على شحن الحمولة المخالفة. وقبل أن تصل الرسالة من سفارة جمهورية الصين طلبوا من محمد ناصر إفادة، وتعاطف الضابط معه وأخبره بدعمه وأنه يعلم بأنه لا يتحمل أي شيء بحكم وجود الختم عليها الذي يعود إلى السفارة المذكورة».

ويبين صاحب مؤسسة العالي للشحن والتبريد أن السائق محمد ظل محجوزاً لأكثر من أسبوع في الجمارك مع الحمولة على رغم تسلم الجمارك رسالة سفارة جمهورية الصين الشعبية التي تتحمل فيها جميع التبعات وتؤكد فيها مسئوليتها عن البضاعة وتطالب بضرورة الإفراج عنها وعن مندوب الشركة.

السجن سنة و6 شهور و400 جلدة!

ويأخذنا موسى العالي في تفاصيل القضية، موضحاً أن السائق محمد ناصر حول إلى الشرطة، وبعد عناء طويل و«بهدلة» على الجمارك، صدر الحكم بحقه وهو السجن سنة و6 شهور، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل حكم عليه بـ 400 جلدة!

ويؤكد العالي بأنه قصد قنصلية المملكة العربية السعودية ولم يحصل على أي رد، وتمنى أن تسعى الجهات الرسمية في المملكة وعلى رأسها جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد للتدخل للإخلاء عن سبيل هذا المواطن البريء الذي تنتظره أسرته على وجل وخوف.

إلى ذلك، صرح أحد أصحاب شركات الشحن المعروفة في البحرين لـ «الوسط» أنه صادف عدداً من الحالات المشابهة ومع جمارك منطقة الحديثة، وعند حدوث أي مشكلة يتوجه المسئولون مباشرة إلى الجمارك لتخليص السائق أولا، ومن ثم العمل على تخليص البضاعة المحجوزة وبعد ذلك تقوم الشركة بدفع مبالغ الغرامة.

وعلق رفاق السائق محمد ناصر في العمل على الموضوع، بقولهم انهم قصدوا جميع الأماكن لمساعدة زميلهم إلا أنهم وجدوا جميع الأبواب موصدة في وجوههم، وقال أحدهم: «هل أن المواطن البحريني رخيص إلى هذا الحد، ولماذا تم تخليص سواق أجانب وقعوا في مشكلات مشابهة ولم يستطع محمد ناصر الحصول على العدالة إلى الآن، حتى انه حاول الانتحار في السجن من شدة اليأس الذي أصابه وخصوصا بعد صدور الحكم الجائر بحقه».

وكانت الشركة أرسلت خطابا أبدت فيه تعاطفها الشديد بخصوص احتجاز محمد حسن ناصر في السجن مع كونه بريئاً كما جاء في الخطاب الذي حصلت «الوسط» على نسخة منه. وجاء في الرسالة أنه من سوء الحظ أن قام بنقل بعض البضائع التي لم يصرح بها الشاحن، ولكي تستطيع الشركة أن تقوم بالتدعيم الكامل في ترتيب الإفراج تقوم الشركة بتوكيل محام في الرياض، والاتصال بالسفارة البحرينية في الرياض وإعطاء تفاصيل كاملة عن القضية، وقامت الشركة بكتابة رسالة إلى أمير المنطقة وشرح براءة المواطن البحريني، وقامت بترتيب زيارة لفريق من الشركة التي يعمل فيها للاطمئنان على أحواله، وستقوم بالمساعدة في ترتيب زيارة وإقامة لأهل السائق.

محمد ناصر يتحدث إلى «الوسط» من سجن قريات

ومن سجن قريات في السعودية استطاعت «الوسط» الحصول على فرصة للتحدث مع المواطن محمد ناصر لبضع دقائق لمعرفة أحواله، وكان ناصر متأثراً وهو يتحدث عن القضية التي تورط فيها من دون أن تكون له يد فيها.

ويقول: «بعد أن حملت البضاعة، جاء المعاين في المطار في الأردن، وقال ان هناك شحنة دبلوماسية تابعة إلى سفارة الصين الشعبية في العراق، ولم يقم الشرطي بفتحها على اعتبار انها شحنة دبلوماسية، حتى ان البراد كان مختوماً بختم السفارة».

ويواصل باستعجال «سجل البيان الرسمي باسمي، ونقلت البضاعة وعند خروجي من الحدود الأردنية قال الموظف أن البضاعة دبلوماسية ولذلك لا يتم تفتيشها. وواصلنا السير حتى حدود المملكة العربية السعودية، وعند تفتيش البضاعة اكتشف المفتشون بعد تمريرها على الأشعة أنها تحوي قناني خمر».

يتنهد ناصر ويعود إلى الحديث «لم يكلمونا بأي شيء وكانوا يعاملوننا باحترام وأكدوا لنا أننا لن نتحمل أي شيء لأن البضاعة عليها ختم سفارة جمهورية الصين الشعبية، إلا أننا لم نستطع الخروج من الجمارك حتى جاء مندوبو الشركة ودفعوا غرامة وصلت إلى 29 ألفاً و 750 ريالاً سعودياً ومن ثم جاءوا بي إلى سجن قريات وحكموا علي الآن بالسجن سنة و6 شهور والجلد 400 جلدة!». لم يستطع ناصر إكمال الحديث وانقطع الاتصال.

ويبقى المواطن محمد ناصر ينتظر بفارغ الصبر - الذي نفذ منه - تدخلاً سريعاً من الجهات الرسمية في المملكة لإنقاذه من السجن والجلد... وتبقى أسرته تنتظر عودته من سفره الذي طال هذه المرة، فهل يعود بريئاً من تهمة لا يتحملها، أم ان المساعي ستبقى بعيدة المنال ويتجرع مرارة الحبس والجلد

العدد 1265 - الثلثاء 21 فبراير 2006م الموافق 22 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً