المرأة المصرية صاحبة تاريخ طويل يمتد عبر سبعة آلاف سنة كانت فيه شريكة للرجل في كل إنجازات الحضارة المصرية العريقة وربما لم تشهد حضارة من الحضارات القديمة مكانة متألقة ومتميزة للمرأة مثلما شهدت الحضارة الفرعونية.
فقد احتلت المرأة مكانة متميزة لدى المصري القديم وحظيت بمكانة محترمة في المجتمع الفرعوني كما تمتعت بحقوق اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية مساوية للرجل. وتؤكد الآثار المصرية القديمة بلوحاتها ونقوشها الرائعة هذه المكانة المتميزة للأم التي تحظى بالاحترام والتبجيل والفتاة والزوجة التي تخضع لقوانين أخلاقية صارمة ولكنها في الوقت نفسه تعبر عن آرائها بحرية ولا تحرمها أيضا من أن تحظى بالتقدير والاحترام.
وتقول الباحثة المصرية أسماء مناع «إن المرأة المصرية القديمة تمتعت بأهلية قضائية كاملة وكان لها استقلالها المالي عن الرجل».
وكان بإمكان المرأة المصرية في عصر الفراعنة أن تدير ممتلكاتها الخاصة والممتلكات العامة بل وأن تمسك بزمام الأمور في البلاد ولا يعني ذلك أنها امرأة تجردت من الأنوثة والجاذبية فقد كانت أيضا امرأة فاتنة وجذابة وكان هدف الفتاة أن تختار شريك حياتها بكامل أرادتها وحريتها وأن تصبح زوجة وأماً صالحة.
ولا يعني ذلك أن النظام الأسري كان يخضع لسيطرة الأم بل كان نظاماً يتقاسم فيه الزوجان المسئوليات المعتادة في إطار الحياة الزوجية إذ يشتركان معا في السراء والضراء.
وكانت حتحور تتحلى بوضع آلهة مبجلة في معبدها الرائع بدندرة وهي الأم الأولى للآلهة بصفتها البقرة السماوية التي ولدتهم وأرضعتهم جميعا وهي أيضا (حتحور) ربة الحب التي يشبهها الإغريق بآلهتهم افردويت ومن أجلها كانت تقام الكثير من الاحتفالات كما اتصفت أيضا بالقدرة على منح الآدميين الإحساس بالحب والعشق حتى يستمر التناسل والإنجاب في الحياة الدنيا.
أما إيزيس فهي أكثر الربات شهرة وصيتا بل إنها تجسد لنا صورة مصر نفسها وهي قرينة أوزوريس التي صاحبته وساندته ثم قامت بعد بنشر عقيدة الزواج الذي كان ضحية الشر.
وانتشرت شعائر إيزيس في جميع أنحاء البحر المتوسط خلال العصر الروماني إذ أقيمت لها معابد رسمية لتمجيدها ويعود هذا المجد الذي تمتعت به إيزيس إلى أواخر العصور الفرعونية إذ أقيمت لها معابد على ضفاف النيل وخصوصاً مجموعة المعابد الرائعة في جزيرة فيلة.
وتوجت المرأة المصرية كملكة فقد كانت الملكة الأم المصرية على العرش تقوم بدور بالغ الأهمية بجانب ابنها وكانت تمارس سيطرتها وتأثيرها عليه بصورة مؤكدة خلال فترة شبابه الأولى ومن أشهر الملكات الأم ولمصر مكانة متميزة الملكة حتب حرس زوجة الملك سنفرو وأم الملك خوفو.
وهذا التبجيل والاحترام نفسه قدمه أحمس محرر مصر من الهكسوس لأمة الملكة راع حتب فهي تولت الوصاية على أحمس ابنها وحلت مكانه بالعاصمة عند ذهابه للقتال وأقام أحمس لوحة كبيرة بمعبد الكرنك تبين قدرة هذه الأم والملكة المثالية لدرجة أنها تمكنت من التوحيد بين جيوش مصر.
ومن الملكات الأم ذوات الشخصية الفذة القوية الملكة تي أم الملك اخناتون وخصوصاً وقوفها بجانب ابنها في مجال الإصلاح الديني وأيضا الملكة توي أم رمسيس الثاني وكانت تحتل مكانة مرموقة بجانب ابنها.
وكانت أيضا الزوجة الملكة ومن أشهرهن نفرتيتي وكانت تظهر دائما بصحبة زوجها الملك اخناتون وهما يزاولان جميع شئون حياتهما اليومية في عدة لوحات مدونة كما كانت الملكة نفرتاري الزوجة الرئيسية للملك رمسيس الثاني وكانت تظهر بجواره في أثناء الاحتفالات الخاصة بتتويجه.
كما حظيت أيضا المرأة كفرعون ومن أشهر الملكات الفرعون نيتو كريسي من ملكات الأسرة السادسة.
ولكن أشهر ملكات مصر على الإطلاق حتشبسوت والتي حكمت مصر لمدة واحد وعشرين عاما وتسعة أشهر وتعد شخصية فذة وفريدة من نوعها وتميز عصرها بالرخاء والاستقرار.
كما كانت المساواة بين الجنسين أمرا عاديا وطبيعيا ولم تؤثر هذه المشكلة مطلقا في يوم من الأيام وهي ليست غريبة على شعب جعل من الآلهة إيزيس سيدة الجنس البشري والزوجة الوفية المخلصة والمحبة الودود.
وتعد مصر البلد الوحيد في العصور القديمة الذي خصص للمرأة وضعا قانونيا يتساوى مع الرجل. وشغلت المرأة المصرية الكثير من المهن والحرف إذ شغلت منصب قاض ووزير كما كانت الفتاة منذ عهد الدولة القديمة تسلك مجال الطب والجراحة ومهنة المولدة بعد أن تتلقى مبادئ العلوم الطبية وكذلك مهنة المرضعة وكانت سيدات المجتمع الراقي يشغلن وظيفة ادارة مصانع النسيج الكبرى. أما النساء اللاتي كنا يتلقين التعليم الذي يؤهلهن لشغل وظيفة كاتب فقد استطعن الالتحاق بالإدارة كما شغلت المرأة مهنة سيدة أعمال مثل السيدة نيفر وكانت صاحبة أراض شاسعة وعقارات مهمة وكانت هذه السيدة توكل لوكلائها التجاريين في عهد الدولة الحديثة مهمة ترويج المنتجات التي ترغب في بيعها.
وتشير أسماء مناع إلى أن المرأة المصرية شاركت في سلك الكهنوت بعد أن تلقت قسطا من التعليم الديني وكانت الكاهنات يمارسن الطقوس مثلهن مثل الرجال وكن يحصلن على أجور مساوية
العدد 1281 - الخميس 09 مارس 2006م الموافق 08 صفر 1427هـ