دعا اقتصادي في بنك «نومورا» الياباني إلى تحسين بيئة الاستثمار وزيادة شفافية الإفصاح عن المعلومات من قبل الشركات والمؤسسات المالية لتبيين قيمة الأسهم الحقيقية، قائلا إن نقص المعلومات هو أحد أسباب صعود الأسواق في المنطقة في الآونة الأخيرة، وثم تعرضها لهزات، وصفت بانها «خريف غضب».
وقال الاقتصادي طارق فضل الله انه على رغم أن اسواق دولة الإمارات العربية المتحدة وضعت مثالا لتصحيح متوقع للأسعار فإن المؤشر السعودي (التداول) استمر في تحقيق مستويات قياسية جديدة حتى الآونة الأخيرة ما أقلق الكثير من المحللين.
كما ذكر أنه من غير المحتمل الاعتقاد أن أداء مؤشر «التداول» سببه أن الشركات السعودية هي أكثر ربحية مقارنة بمثيلاتها في دول المنطقة أو لأن لديها مديرين جيدين أو احتمالات دخل ممتاز. وليس صحيحاً أن أسعار الطاقة المرتفعة لن تفيد الاقتصاد السعودي أكثر من اقتصادات أبوظبي وقطر.
وبدلا من ذلك، فإن تكيف السوق في الأشهر القليلة الماضية كان سببه عدم الكفاءة العامة في بيئة العمل وعدم مقدرة الإطار الموجود حاليا على السيطرة على حمى النشاطات الاستثمارية في السوق وأن التقلبات في الأسواق النامية تكون عادة مرتفعة نتيجة لغياب آلية التصحيح لمنع الأسعار من القفز مثل خيارات تسمح بالتحوط أو اقتراض أسهم لتسهيل عمليات البيع القصيرة الأجل.
وقال فضل الله: «قد ينظر إلى مثل هذه الإجراءات من قبل بعض السلطات التنظيمية على أنها سلبية ولكنها تستطيع العمل كصمامات أمان لتخفيض الضغوط ومنع تحركات غير عادية في أسعار الأسهم وتساعد على وضع اسعار معقولة».
وذكر فضل الله أن المعلومات هي مجرى الحياة للاستثمار والقول ان ضعف التقارير المالية في المملكة العربية السعودية ليس مبالغ فيه كأحد الأمور التي ساعدت كثيرا على إعطاء أسعار خاطئة للأسهم، إذ ان غياب أي بحث عام أوتلكؤ للشركات في عرض التنبؤات المستقبلية هو أمر يدهش بالمقارنة مع حجم السوق وتعطي سؤالاً عن أي قرار يتخذ.
وقال «إن غياب المعلومات يعطي فرصة ممتازة لنشر الإشاعات والحدس لصبغ توجه السوق ويساهم في نشر المعلومات المغلوطة من قبل المهيمنين على السوق. وبالاضافة إلى ذلك فإن مباركة الاعلام السعودي والنظرة الخاطئة من أي نقد أو تعليق هو غير مفيد ويضر بتطوير الاقتصاد ويمنع الحوار المفتوح». وقال فضل الله «خلال العام الماضي تم نشر تقرير واحد في دبي عن أكبر شركة في منطقة الخليج وهي الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) مقارنة بعشرات التقارير عن شركة «آي بي أم» وسوني اللتين مجموع قيمتهما أقل من شركة البتروكيماويات العملاقة سابك. وفي الحقيقة، فإن بحثا سريعا في الوكالات المالية أظهر أن هناك الكثير من البحوث هذا العام بشأن البنك الوطني الأول لبوتسوانا مقابل أي تقرير عن المصارف السعودية».
وأضاف، هل يمكن وصف مؤشر التداول بأنه «فقاعة» أو أنه ببساطة سار على دورة قصيرة من القيمة الزائدة فذلك يمكن معرفته ولكن على أي حال فإن الهبوط سيكون حادا.
وأعطى فضل الله رسما توضيحيا إلى أسهم 12 شركة ومؤسسة مالية سعودية مثل شركة سابك والراجحي المصرفية وشركة الاتصالات السعودية والبنك السعودي الأميركي وقال إن مجموع الزيادة في قيمة أسهم الـ 12 شركة من الشركات الكبرى في المملكة يبلغ نحو 170 مليار دولار «ويعطي انطباعا بأن مؤشر التداول قد يكون تجاوز قيمته بنحو 4000 نقطة». وأضاف أن الزيادة في قيمة الأسهم تجدها أكثر في أسهم نحو 60 شركة صغيرة مسجلة في السوق على رغم أن ردة فعل هذه الشركات قد يكون صغيرا بالمقارنة مع تأثير الشركات الكبيرة. وتحدث عن هبوط الأسهم في المملكة فقال: «إن هبوط الأسهم في المملكة العربية السعودية قد يكون أكثر لمعانا في التاريخ الحديث وأن انعدام آلية السوق وقلة الشفافية هما فقط اللتان أخرتا التعديل في أسعار الأسهم». وقال طارق فضل الله إنه من المؤسف له أن الظروف «تآمرت» لرفع أسعار السوق فوق نقطة التعرض للخطر وكذلك من وجود العدد القليل من الخيارات المستساغة للجميع من ضمنهم المستثمرون ومنظمو السوق وكذلك الشركات.
وأضاف «الشخصيات التي تتحدث من التلفزيون تعيد الأخطاء إذ تقترح شراء أسهم لا لشيء حقيقي سوى أن أسعارها هبطت من دون الإشارة إلى القيمة (الحقيقية) أو التحليل».
وقال فضل الله «ليس من مصلحة أحد ان ترتفع أسعار الأسهم بشدة من دون أساس لأن ذلك يعرض للخطر تضخيم توقعات المستثمرين وعدم وضع رأس المال في المكان المناسب وفي النهاية يقدم دخل من دون معيار وأن «الأمر الفضي هو أن اقتصادات دول المنطقة استمرت مزدهرة وأظهرت الحكومات حكمتها في توجيه الفوائض المالية في الوجهة الصحيحة حتى الآن». وذكر فضل الله أنه بالإضافة إلى ذلك فإن بعض الأسهم «غير السعودية» في دول المنطقة تتجه إلى مستويات تمثل قيمتها مقبولة على المدى الطويل وأن المستثمرين قد يبحثون تجميعها في أي تراجع قادم للسوق.
وقال «من سوء الحظ أن إيجاد أماكن أخرى إلى السيولة الكثيفة المتوافرة في المنطقة أصبح صعباً إذ يبدو أن الممتلكات (assets) العالمية والأسهم والعقارات والسلع أصبحت غالية وقد تكون على طرف تصحيح معتدل».
وأضاف «السيولة العالمية مستمرة في الزيادة ولكن أسعار الفائدة من اليابان مرورا بآسيا وأوروبا وكذلك الولايات المتحدة الأميركية مستمرة في الارتفاع مقوضة القيمة الآخذة في الوسع للممتلكات الخطرة (risky assets) على جميع الأصعدة».
وقال الاقتصادي المخضرم «إن تقييمات الأسواق النامية خصوصاً وصلت إلى مستويات لا تعكس الخطر المتأصل لهذه الأسواق المتقلبة ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبريرها حتى مع النظرة المستقبلية المتفائلة للاقتصاد». وأضاف «لهذا فإن البيئة الحالية قد تعطي فرصة مواتية لزيادة الإفصاح عن النقد والسندات وصناديق الأسواق الطبيعية واستراتيجيات الاستثمار البديلة ومنتجات رأس المال المضمون». وكان فضل الله دعا إلى تحسين إصدار المعلومات والشفافية وتقييد المضاربة في السوق وقال إن الأسهم في أسواق دول الخليج بدأت تتراجع إلى مستوياتها الحقيقية مع تحمل أسواق دبي والدوحة وأبوظبي للأوراق المالية سخط الشتاء الذي أعطى إشارة لبداية فترة جديدة في تقييم أسواق المنطقة التي صعدت قيمتها في الآونة الأخيرة إلى مستويات
العدد 1282 - الجمعة 10 مارس 2006م الموافق 09 صفر 1427هـ