حمل الزعيم الديني العراقي مقتدى الصدر القوات الأميركية مسئولية الوقوف وراء انفجارت السيارات المفخخة التي وقعت في مدينة الصدر الليلة قبل الماضية وراح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى.
وقال الصدر في مؤتمر صحافي أمس في النجف «أحمل مسئولية هذا الحادث الأليم القوات المحتلة باعتبارها آمرة لهذا الفعل ولكننا نعلم أن المباشر بهذا الفعل هم التكفيريون ولكن بغطاء جوي أميركي بطائرات تجسسية وطائرات من أنواع أخرى في وقت الحادث وانقطاع شبكة الهاتف وهذا دليل على تعاون المحتل مع التكفيريين لأجل زعزعة أمن هذه المناطق». وأضاف «اني أبرئ السنة والشيعة من هذه الأعمال».
وطالب الصدر هيئة علماء المسلمين والأحزاب المحسوبة على السنة إعلان براءتهم من الزرقاوي وأتباعه وتكفيرهم معتبرا ذلك أمرا ضروريا لا يمكن التنازل عنه. وانتقد الحكومة قائلا أن «الحكومة ملتهية ومشغولة بمصالحها وأنا لا انجر إلى مخططاتها وسأترك حتى العملية السياسية». ودعا إلى الإسراع بتشكيل حكومة ذات سيادة كاملة.
وسخر الصدر من تصريحات وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بشأن عدم تدخل القوات الأميركية إذا نشبت حرب أهلية وقال «إننا لا نريدك أن تتدخل إذا كانت هناك حرب أهلية أو لم تكن». وأشار إلى أن هذه أكذوبة محضة تدعيها أميركا وهي «أنه في حال انسحابها تكون هناك حرب أهلية وإذا وجدت هذه الحرب فإنها لا تتدخل... فما هو واجبها إذا لم تحم العراق من الناحية الامنية والعسكرية».
وأكد «أن هؤلاء التكفيريين اتفقوا مع المحتل على جعل ساعة صفر لإسقاط الحكومة والسيطرة على الوضع». ودعا إلى تشكيل لجان شعبية بالتنسيق مع الحكومة لحماية الشيعة والسنة وأكد «إننا يمكننا أن نواجه التكفيريين لكنني لا أريد أن انجر إلى حرب أهلية ونحن قادرون على ذلك وهناك غطاء شرعي لمواجهة التكفيريين وأستطيع مواجهتهم عسكريا وعقائديا لكني سأظل ادعو إلى التهدئة».
ومن جهته، أدان الحزب الإسلامي وهيئة علماء المسلمين التفجيرات التي راح ضحيتها 46 قتيلا و204 جرحى. وقال الحزب الإسلامي «كلما حاولت القوى السياسية استئناف المفاوضات لتقريب وجهات النظر نفاجأ بحادث دموي يحاول إفساد العملية السياسية وإلحاق المزيد من الأذى بالمواطنين».
وقالت هيئة علماء المسلمين «إننا نجرم ونكفر كل من يستحل سفك الدماء البريئة». وأوضحت أن «على أبناء شعبنا أن يعوا حجم المؤامرة التي بدأت في سامراء ومازالت مستمرة لشرخ جسمنا الرافض للاحتلال».
وقال الرئيس العراقي جلال الطالباني إن الطريقة التي اقترف بها العمل الدموي لا تدع مجالا للشك في أن الإرهابيين استهدفوا منطقة مدنية مسالمة لغرض إثارة الفتنة والسعي لإضرام نيران الحرب الأهلية. كما أدان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى سلسلة التفجيرات وحذر من التهاون مع الأعمال التي تستهدف وحدة الصف العراقي.
وفي غضون ذلك، قال مصدر أمني إن قوات الشرطة عثرت على أربع جثث لأشخاص قتلوا بالرصاص كتب عليها «خونة» في مدينة الصدر. وعثرت الشرطة أيضا على 5 جثث في القامشلي. كما أكد مصدر في وزارة الداخلية مقتل مدنيين اثنين وجرح تسعة آخرين في انفجارين منفصلين شمال وجنوب بغداد. وأعلن الجيش الأميركي مقتل جنديين أميركيين خلال يومين احدهما في بغداد والآخر في الانبار. وذكرت الشرطة أن عراقيا قتل وأصيب 15 آخرون ستة منهم من رجال الشرطة بجروح جراء انفجار سيارتين مفخختين في كركوك.
وقتل أربعة عراقيين بينهم ثلاثة من أفراد الشرطة وأصيب 15 آخرون بجروح في انفجار عبوة ناسفة في تكريت. وقالت الشرطة إن محافظ صلاح الدين حمد القيسي نجا من هجوم بسيارة ملغومة أثناء مرور موكبه في تكريت. وأضافت أن القيسي لم يصب في الهجوم لكن خمسة من حراسه أصيبوا بجروح خطيرة.
وذكر الجيش الدنماركي أن صواريخ مضادة للدبابات أطلقت على دورية دنماركية خارج البصرة من دون وقوع إصابات. وأفادت قناة «العراقية» أن قوات الأمن اعتقلت المجموعة التي اغتالت مدير دائرة البرامج في التلفزيون وسائقه السبت الماضي.
سياسيا، أكد عدد من قادة الكتل السياسية للعرب السنة وجود تقارب أميركي مع مواقفهم ومطالبهم بحيث وصفه بعضهم بأنه «نقطة تحول» في حين اعتبره آخرون مجرد «تلاقي مصالح» بين الطرفين.
وقال رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلق «نعم، هناك تحول في الاستراتيجية الأميركية حيال العراق وتفهما أكثر منذ وصول السفير زلماي خليل زاد». وأضاف «لقد نضج موقفهم ووضعوا اليد على الجرح. العلاج في يدهم فهم من أوصل العراق إلى هذا المأزق وعليهم إخراجه منه. لقد كرسوا الطائفية منهجا في التعامل لكنني اعتقد بأنهم نادمون على تمرير الدستور» في 15 أكتوبر تشرين/ الأول الماضي.
واعتبر أن «هناك صحوة أميركية لكنها للأسف جاءت متأخرة ونحن بحاجة إلى قرار شجاع من القوة التي أخلت بالتوازن بأن تتخذ قرارا يعيده».
ومن جانبه، قال رئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي إن واشنطن «تنظر إلى مصالحها التي قد تتفق مع الآخرين فالمواقف السياسية قابلة للتغيير وفق المستجدات الآنية والمستقبلية».
العدد 1285 - الإثنين 13 مارس 2006م الموافق 12 صفر 1427هـ