وفسيل وساقها مغمور
وجذور تحت التراب تنادت
عضدوا الجذع إنه مبرور
أنت يا نخلة سقاها جدود
أنت كالناس ساكن وصبور
فيك عز مؤلل وشموخ
وعطاء نقول عنه قصور
ينبت الطلع في أعاليك صيفاً
تنتشي منه في الصباح العطور
أنت مخضرة وان أتاك خريف
إيه تموز منك تبكي الشهور
توجوها بخضرة واحمرار
جعلوها كما العروس تدور
أسمر أنت جذعها كاسمراري
وقوي على الزمان هصور
نخلة حدثت بهزة مريم
ومسيح من الإله طهور
أنت عند الصباح أجمل خلق
بقوام تغار منه الطيور
أمنا أنت يا كريمة زرع
وجمال ما غيرته الدهور
انت من جنة أتيت إلينا
هبة أنت والنوى المهدور
أي عذر بقطع جذعك عندي
أي كف لقطعه معذور
هل جزيناك عن وفاء عقوقا
وبكينا لعذقك المبتور
أنت يا تاج فوق رأس أوال
سقط التاج والحيا والبذور
أنت ما أنت والخضار كساك
حلة تزدهي وعطراً يفور
باسقات تميس والحسن فيها
مثل غيداء تستحي أو كحور
بدلوك بكل نبت سقيم
شكى للأرض جذرك المغدور
واستساغوا قطعاً وحرقاً وجرفاً
فترى الموت واقفاً منصور
وإذا نخلة تقول دعوني
سوف يأتي الجنى وتأتي التمور
كيف ترضون قطع سوقي وبتري
ووقوفي لا تحتويني القبور
كتب الله أن نموت وقوفاً
وعطاشى حتى تموت الجذور
قد جزينا جزاء سنمار منكم
ما روينا وذاك ذبح الجزور
قتلونا بلا حياء وعذر
فتباكت اناثنا والذكور
اننا ذاهبات قبل أوان
نتحسر كفعلة المحسور
محمد حسن باقر
يبدو أن تداعيات الأزمة الدنماركية الإسلامية، المتمثلة في الرسوم المسيئة لرسول الأمة، أخذت منحى تصاعديا ملفتاً إلى الأنظار، بصورة سريعة غير متوقعة، نتيجة عناد وكبرياء الجانب الدنماركي للاعتذار لأكثر من مليار مسلم حول العالم بحجة حرية الرأي والتعبير، على رغم مطالب أطراف إسلامية عدة، من داخل الدنمارك وخارجها بطلب اعتذار رسمي من الصحيفة، غير أن الصحيفة لم تعتذر! ورفض رئيس تحريرها مقابلة كل هؤلاء الناس، وأعلن رئيس الوزراء الدنماركي أنه لا سلطة له على الصحيفة ضمن حرية الرأي والتعبير! وهو ما حدا بتواصل الإدانات العربية والاحتجاجات الإسلامية، للحملة الحاقدة على نبي الأمة محمد بن عبدالله (ص)، من قبل الإعلام الغربي عموما والصحافة الإسكندنافية خصوصا، التي نشرت رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للنبي (ص)، بلغت 12 كاريكاتيراً، تصور رسول الله، وهو يلبس عمامة مليئة بالقنابل والصواريخ، وتصوره وهو يصلي في أوضاع مهينة للغاية، وقد كشر الاتحاد الأوروبي عن أنيابه بوقوفه الظالم مع الدنمارك في الإساءة إلى المسلمين، وضد مقاطعة الدول العربية والإسلامية للدنمارك! ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل تصمد الدنمارك أمام الغضب الشعبي العربي والإسلامي؟ هل يصمد اقتصادها أمام المقاطعة الشعبية الإسلامية؟ وهل تصمد الدنمارك أمام الخسائر اليومية في التجارة البينية بينها وبين أسواق الشرق الأوسط والبالغ مقدارها مليوناً وثمانمئة ألف دولار؟ يبدو أن الدنمارك لم تكن تحسب النتائج الوخيمة لهذه المطاعن الكاريكاتيرية البذيئة والإساءة البالغة للإسلام والمسلمين على مرأى ومسمع من العالم، لأشرف الخلق، سيد الأولين والآخرين محمد (ص)، الذي وصفه الله في القرآن الكريم في مواضع عدة برسول الرحمة للعالم أجمع «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» (الأنبياء: 107)، وبرسول الأخلاق فقال له «وإنك لعلى خلق عظيم» (القلم:4)، وهو نبي العصمة أي المعصوم، إذ إنه في الإسلام، بل وفي كل الملل والشرائع، فإن عصمة الأنبياء والرسل عقيدة من العقائد المعلومة من الدين بالضرورة لتعلقهم بالوحي مصداقاً لقوله تعالى «وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى» (النجم: ،3 4)... تلك هي الصفات التي وصف الله بها سيدنا محمد (ص)، فهل يعقل بعد كل هذا الوصف الإلهي الجميل، أن تصف بعض الأقلام الحاقدة والبذيئة في أوروبا رسولنا الكريم بالإرهابي؟!
من الواضح للوهلة الأولى أن هؤلاء القوم لم يستوعبوا الدرس ولم يتعلموا العبرة من المؤلف التعيس لرواية «آيات شيطانية» سلمان رشدى وما جرى له من ملاحقات، واختبائه في شقته في وسط العاصمة البريطانية لندن كالفأر الهارب، ولم يتعلموا الدروس من الغضب الشعبي العارم في تدنيس المصحف الشريف في سجون أبوغريب وغوانتنامو!... قد يكون الحسد والغيرة والخوف من انتشار الإسلام السريع في أوروبا بما يعرف بظاهرة «الإسلاموفوبيا» والهاجس النفسي من مكونات الإسلام هو السبب والهدف من وراء هذه الحملة الهوجاء على رسول الأمة، وهذه الحملة لن تكون الأولى ولا الأخيرة، فالحرب مستمرة على الإسلام بشتى الطرق والوسائل، فكلما سقطت وسيلة حاربوه بوسيلة أخرى، بعضها ظاهرة وأخرى خفية، ولكن هيهات أن يستطيعوا النيل من الإسلام ورسوله الكريم طالما كان المسلمون إيجابيين ويقظين، ويتفاعلون بإيجابية مع قضايا أمتهم الإسلامية والعربية، لأن الإسلام دين الحيوية والنهضة والنشاط، لا الكسل والخمول واللامبالاة، فحري بنا باعتبارنا مسلمين الاستمرار في الدفاع عن رسولنا الكريم ضد الهجمة الدنماركية الشنيعة بوسيلة واحدة، وهي سلاح بسيط ولكنه فعال وفتاك، ألا وهو السلاح الاقتصادي، بالاستمرار في مقاطعة المنتجات والبضائع الدنماركية بجميع أشكالها وأصنافها الاستهلاكية منها والصناعية، ولكن بشرط الابتعاد عن أعمال التخريب والتدمير ومهاجمة وحرق الممتلكات العامة والخاصة بما فيها السفارات والقنصليات والمصالح الدنماركية في الخارج والتي قام بها بعض المسلمين الغاضبين في بعض العواصم العربية والإسلامية، فكل تلك الأعمال غير مقبولة شرعاً لأن الإسلام يحثنا على النظام والانتظام والعدل، ولا يحثنا على الغوغائية والفوضى، كما دعا إلى ذلك الشيخ القرضاوي في اتباع الغضب العاقل وليس المنفلت، وفي هذا السياق يجب علينا بوصفنا بحرينيين التفريق بين السلع والبضائع الدنماركية المستوردة من الدنمارك ومقاطعتها، وبين المنتجات الوطنية المصنعة محلياً برأس مال وطني كامل، والتي تحمل أسماء أو علامات أو شعارات دنماركية باتفاقات تجارية قديمة تزيد ربما على عقدين من الزمن وتشجيعها، بشرط التفكير الجاد في إنهاء هذه الاتفاقات المبرمة بين الطرفين في أسرع فرصة ممكنة، لأن هذه الإهانات ربما تتكرر مستقبلاً في الديمقراطيات (العقيمة)، إذ الولاء للمادة ورأس المال وحرية الرأي والتعبير، أكثر من الأنبياء والرسل والأديان، ويكون الخاسر الوحيد حينذاك هو الصناعة الوطنية والعمالة البحرينية.
ياسين زينل
بالنظر إلى قوة العمل في البحرين، سنجد الأرقام في الواقع، تضع مساراً واضحاً لسوق العمل الذي هو في الغالب، لا يحقق للمواطن المصلحة الأولى.
في القطاع الحكومي، يعمل ما يزيد على 30 ألف مواطن، فيما يستقطب القطاع الحكومي ما يزيد على 50 ألف من الأيدي العاملة، وتصل قوة العمل إلى ما يقارب من 40 في المئة بين المواطنين مقابل 60 في المئة (نسبتان تقريبيتان) للأجانب، وتصل نسبة مشاركة المرأة في قوة العمل 12 في المئة، ولكن في كل الحالات، تميزت دول مجلس التعاون الخليجي عنا كثيراً، فاستطاعت إصدار التشريعات الكفيلة والتعديلات على القوانين لحماية حقوق العمالة الوطنية، لكن في البحرين، يسير الموقف بشكل يوحي بالقلق!
العمل حق وواجب، فهو حق للمواطن يعبر به عن الحب والوفاء لوطنه؛ إذ يسهم العامل في بناء ذلك الوطن. والعمل قيمة اجتماعية سامية، لابد أن تكفلها الدولة للمواطنين حتى يتحقق لهم العيش الكريم، ولقد نظم قانون العمل البحريني فرص العمل، فجعل للمواطن الأولوية القصوى، انطلاقا من القول بأنه حق له على وطنه، وواجب على وطنه تجاهه. ثم تنتقل الأولوية إلى العربي من بعد المواطن، تثبيتا للحس القومي، وتعزيزا للانتماء العربي من جانب البحرين لمحيطها القومي العربي، ووضع القانون العامل الأجنبي في أدنى درجات سلام الأولوية من حيث فرص العمل في البحرين.
لكننا لو استعرضنا الوضع في البحرين لوجدناه مقلوبا!... إذ يظهر أن الإدارة العامة لا تثق في المواطن في بعض قطاعات العمل المهمة، فهي اعتمدت على تشغيل الآسيويين في سلك الشرطة، وجنسيات عربية مختلفة في قطاع الجيش والحرس الوطني، وهي قطاعات لو فتحت للمواطن لاستوعبت الكثير من طاقات العمل المعطلة أو المهدورة، ولأسهمت في رفع مستوى معيشة كثير من العوائل، لاسيما إذا علمنا بأن القطاع العسكري بمسمياته المختلفة يستحوذ على جزء كبير من الموازنة العامة، وله من الميزات الكثير؛ مما كان يحسن أن يستفيد منها المواطن بوصفه صاحب الأرض، وتلك أدنى حقوقه على وطنه.
أما في القطاعات الأخرى، فقد تشبع القطاع العام بالعمالة الوافدة الماهرة، ولم يطلب إليها نقل خبراتها إلى المواطن، كما هو الحال في دول مجلس التعاون، بل أوحى لتلك القطاعات بالتوطن لحاجة، ففهمت تلك العمالة الرسالة واستقرت في البحرين حتى مر على بعضها عقود من الزمن، وفاتت على المواطن فرصة الترقي الذي هو أولى بها.
وليس الحال بأحسن في القطاع الخاص، إذ تابع الحكومة في ذلك، وبسبب العمالة الوافدة، حوصر المواطن في رزقه، وتعطلت طاقاته، وتزايدت أعداد العاطلين، مما أثر في مستوى معيشة الأسرة البحرينية سلبا، فلو قمنا بمقارنة بسيطة لما يحصل عليه الموظف الأجنبي مقابل قرينه المواطن إذ يشغل الاثنين المنصب نفسه والدرجة نفسها ولكن عند النظر إلى المميزات والعلاوات لوجدنا الفرق شاسعاً فقد يتساويا في الراتب الأساسي ولكن يميز الأجنبي على المواطن في كثير من الأمور فتنفق الحكومة علاوة سكن، ومصاريف مدارس لأبنائهم علاوة اغتراب وتذاكر سفر له ولعائلته وغيرها من العلاوات التي قد تصل إلى ضعف الراتب أحيانا، كيف يعيش المواطن عيشا كريما في بلده وهو يحس بكل هذا التمييز والتفرقة؟! وهو يرى الأجانب يحضون بخير البلاد طولا وعرضا، مما يذكرنا بقول الشاعر:
يشقى بنوها والنعيم لغيرهم
فكأنها والحال عين عذاري
وعلى أي حال، فإن هناك حاجة ماسة إلى أن يقوم المجلس التشريعي بالنظر إلى أوضاع العمالة الوطنية في القطاعين العام والخاص وتشكيل الهيئات التي تكفل حقوق الموظفين والعمال وتعزيز دور النقابات، ومن المهم، تأكيد أن قطاعات مختلفة في الدولة أهملت المواطنين وميزت عليهم الوافدين، وهذا الأمر يجب تسبقه أبحاث ميدانية يقوم بها المعنيون يمكن أن تنفع الجهات ذات العلاقة.
نادية محمد شهاب
قال الشاعر المصري أحمد شوقي في أحد أبياته (قم للمعلم وفه التبجيلا... كاد المعلم أن يكون رسولا) وياليت أحمد شوقي يكون معنا ليرى إلى ماذا أل إليه حال المعلم ويقارنها بما قاله في ذلك البيـت الشعري! فهل وصل حال المعلم اليوم إلى مستوى الرسول؟! الجواب طبعا يحتاج إلى وقفة تأملية تستدعي النظر، كيف لا والمعلم المهموم أصلا مازال يستقبل أبدع الفنون من قبل الجهة التي يعمل فيها ممثلة بوزارة التربية والتعليم، فالمعلم المهموم مسكين عندنا فنصابه التعليمي يصل إلى 22 حصة أسبوعيا إضافة إلى الواجبات الكثيرة خارج الفصل وصولا إلى العمل الإضافي المنزلي الذي يأخذ من أوقات راحتنا الكثير في تصحيح الدفاتر وإعداد الأنشطة والوسائل إلى وقت متأخر من الليل أحيانا، ووصولا إلى أحدث صيحات الإبداع التي أخذت الوزارة في تنفيذها ممثلة في طريقة التوقيع للحضور والانصراف عن طريق البصمة الالكترونية! وهنا سؤال... ما الهدف من ذلك؟ هل الهدف من هذه الخطوة زيادة ضغط دم المعلم والذي هو أساسا مرتفع نضير الجهد الجبار الذي يبذله مع التلاميذ طوال السنة؟! كيف لا والمعلم المرهق آخر الدوام المدرسي وجد أن مخرج المدرسة قد تحول إلى خلية نحل تزيده هما على همومه؟! من المسئول عن هذا وكيف نقبل أن يحصل مثل ذلك لمن شابهت مكانته مكانة الرسل والأنبياء!
والطامة الكبرى ما تسعى إليه وزارتنا المبجلة بأن تزيد الدوام المدرسي نصف ساعة أخرى مستشيرة بذلك أولياء الأمور فقط؟! أليس هذا تهميش خطير للمعلم المهمش أصلا؟ هل المعلم غير ذي أهمية كي نبعده عن هذه التغيرات؟ أليس هذا إجحاف بحق المعلم؟ ولكن من الذي يسمع صوتنا ونحن منسيون في ذاكرة الوزارة المبجلة؟! وأخيرا أتوجه لأصحاب العقول النيرة لأن تحكم من الظالم ومن المظلوم.
محمد سعيد
مدرس بوزارة التربية والتعليم
العدد 1295 - الخميس 23 مارس 2006م الموافق 22 صفر 1427هـ