قال ولي عهد بريطانيا الامير تشارلز إن الرسوم التي تسخر من النبي محمد التي نشرتها صحيفة دنماركية تنافي «احترام ما هو عزيز على الغير». وقال في محاضرة ألقاها في جامعة الازهر التي منحته درجة الدكتوراه الفخرية في احتفال أقيم بها حضره شيخ الازهر محمد سيدطنطاوي «برهنت الازمة الرهيبة أخيراً وما صاحب ذلك من انفجار الغضب العارم بسبب الصور الكاريكاتيرية الدنماركية على مدى الخطر الذي يتأتى من اخفاقنا في الاستماع إلى الآخرين وفي احترام ما هو عزيز على الغير ومقدس عنده». وأضاف «السمة المميزة لأي مجتمع متحضر في رأيي هي ما يجزيه من احترام للاقليات والغرباء. اكرام الضيف وحسن استقبال الغرباء وعابري السبيل من مسافرين عنصر يلقى الاعتزاز به حقا في الحضارة العربية. ونحن في بريطانيا بذلنا جهدا كبيرا للترحيب بأتباع الديانات الاخرى وفي تمكينهم من المحافظة على هوياتهم الفردية وتكيفهم في الوقت ذاته مع الثقافة البريطانية».
وسلم رئيس جامعة الازهر أحمد محمد الطيب الدكتوراه الفخرية لامير ويلز في الاحتفال الذي حضره وزير الاوقاف محمود حمدي زقزوق. وقال الطيب إن الامير تشارلز يبذل جهودا مميزة من أجل التقريب بين الحضارات وانه صاحب مواقف ايجابية تجاه الاسلام والمسلمين. وقال شيخ الازهر مخاطبا ولي عهد بريطانيا في محاضرة ألقاها في جامعة أكسفورد العام 1993 «لاتزال كلماتكم الطيبة عن الاسلام ماثلة في الذهن حين قلتم ان حضارة الاسلام جزء من ماضي أوروبا وحاضرها في جميع مجالات البحث الانساني وانها أسهمت في إنشاء أوروبا المعاصرة وانها جزء من تراث أوروبا والغرب وليست شيئا منفصلا عنه». وأضاف «من المثير للعجب يا سمو الامير أن تكون في الاسلام كل هذه المميزات الحضارية الناصعة ثم يتهم بأنه يحث على التطرف ويغمط حقوق المرأة». وتابع أن «جامعة الازهر وتقديرا منها لشخص سموكم ورفيع ثقافتكم ونزاهة أحكامكم ترحب بسموكم وتبلغكم قرار مجلس جامعة الازهر بمنحكم الدكتوراه الفحرية».
ودعا الامير تشارلز في محاضرته بالازهر أتباع الديانات الاسلامية والمسيحية واليهودية التي قال إنها من رافد واحد يعود إلى النبي إبراهيم إلى تبادل الاحترام والتفاهم. وأضاف «معتقداتنا والمبادىء والمثل التي نؤمن بها تدعو إلى اقامة السلام لا إلى الحرب والخصام». ودعا إلى «أن نجتهد ما وسعنا الاجتهاد إلى القضاء على عوامل سوء الظن وعدم الثقة». وقال ولي عهد بريطانيا الذي ترافقه قرينته كاميلا «قلت في حديثي الذي أشرت اليه «محاضرة جامعة أكسفورد» إنه من المؤسف... أن نجد أناسا عديدين في الشرق والغرب ما فتئوا يكنون تعصبا لا هوادة فيه ولا لين تجاه ثقافة بعضهم بعضاً. وانعدام الثقة المتبادلة بين الطرفين مازال قائما يتمخض عن نتائج رهيبة. «وأفكر في التجربة التي يمر بها المسلمون الذين يعيشون في أوروبا ويعانون من مظاهر متعددة مستمرة من هوس العداء ضد الاسلام والمسلمين من قبل مواطنيهم من الاوروبيين. وأفكر أيضا في المسيحيين الذين يعيشون في بعض الدول الاسلامية والذين يجدون أنفسهم وقد كبلتهم قيود صارمة ومهينة أو قد يتعرضون للاساءة والاذى من قبل اخوانهم من المواطنين». وتابع «وأفكر أيضا في أعمال العنف والارهاب التي ترتكب في العالم بصورة تشوه الدين». ودعا الامير تشارلز إلى تفسير النصوص الدينية بما يخدم الحياة المعاصرة. وقال «لقد كان من عظمة الاسلام أن أدرك المؤمنون به هذه الحقيقة ادراكا عميقا كما أدركوا ما يواجهونه من تحديات. وأنتم أيها الافاضل في هذا الصرح العريق يمكنكم أن تسهموا بمثل هذا ليس بالنسبة للعالم الاسلامي فحسب بل وعن طريق المثل الذي تضربونه بالنسبة لكل الاخرين من آل ابراهيم». وأضاف «علينا أن نعود إلى احياء ما تمتع به العالم الاسلامي في عصوره الذهبية من عمق وحس مرهف ورحابة صدر في التفكر والرؤية واحترام واجلال للحكمة»
العدد 1295 - الخميس 23 مارس 2006م الموافق 22 صفر 1427هـ