إلى الشاعر محمد الماغوط، في غربته الأرحب والأجدر
نستفيق على الأرصفة نفسها
الأرصفة التي عِبْتَ على الوطن
عجزه عن توفيرها لمتشرد
ولكنها هذه المرة وفيرة
وتعج بأحذية أجنبية
تزينها وشوم من الدم
نستفيق على البراميل نفسها
التي دشنتَ فيها حوارات
هارب من ظله
وظلال مخططات تزدحم بها سماء المنطقة
نستفيق على نفس الخوف
الذي قلتَ أنه لا يُعرَّف
نستفيق على الوردة نفسها
التي لم تعد قادرة
على التنفس بشكل طبيعي
لفرط الغاز والعسس
نستفيق على الكلاب نفسها
التي بتنا أليفين معها
كلما غرزتْ أنيابها في العظم
نستفيق على نفس البلاغة
التي لا تقول شيئا
نستفيق على نفس الوعود/ الهواء
فيما هم منشغلين
بتأثيث مصائرهم بإلغاء مصائرنا
مازالوا يحذروننا من الحرية
مثل تحذيرهم من الاقتراب
من مومس فاتنة وتعاني مرض الايدز
مازالوا يحذروننا من الوعي
مثل تحذيرهم من التعرض
إلى إشعاع مراكز الاستخبارات
مازالوا يحذروننا من المعرفة
مثل تحذيرهم من التجديف على الله
مازالو يحذروننا من التبرّم
مثل تحذيرهم من الاعتراض على مشيئة الله
وكأن هذه الأوطان لا ينقصها شيء
سوى أن تظل مشرعة بشكل سافر
كمقبرة تتصدر بوابتها:
«ادخلوها بسلام آمنين»!.
الطلقة التي قطعت المسافة
من القرن الهجري الأول
حتى اليوم
تستفز فينا عوالم ووجوها
تستفز فينا أن الواحد منا
لم يعد قادرا على التمييز
بين بواب على مركز أمن
وضابط مهنته اغتصاب كل شيء
تستفز فينا الفارق الضائع
بين شاعر يبحث في القمامة
عن كسرة خبز
وآخر يبيع كل شيء
من أجل لا شي
جعفر الجمري
العدد 1315 - الأربعاء 12 أبريل 2006م الموافق 13 ربيع الاول 1427هـ