كنصيب الأسد، حظي ملف التجنيس بدرجة يحسده عليها غيره من الملفات من خلال التجاوب والتفاعل وكثرة الندوات والملتقيات والمسيرات، فقد تناول عدد من الفعاليات والمحافل قضية ملف التجنيس مؤكدة خطورة الوضع الذي تعيشه البحرين بسبب التجنيس السياسي، وان من أكبر مخاطره تغيير التركيبة الديموغرافية، وتغيير ثقافة المجتمع.
قانون الجنسية
قانون الجنسية البحريني يقضي بحق الملك في منح الجنسية البحرينية لكل شخص كامل الأهلية إذا طلبها وتوافرت فيه الشروط الآتية:
أ- الإقامة المشروعة المستمرة في مملكة البحرين مدة 25 سنة إن كان أجنبيّاً، و15 سنة إن كان عربيّاً، و3 سنوات إن كان من رعايا دول مجلس التعاون الخليجي.
ويكتفى بنصف مدة الإقامة إذا كان مولودا لأم بحرينية بصفة أصلية أو متزوجاً من بحرينية بصفة أصلية مضى على زواجه منها 5 سنوات وله منها ولد.
ب - أن يكون حسن السيرة والسلوك.
ج - أن يقسم يمين الولاء والإخلاص لجلالة الملك والوطن.
د - أن ينوي استمرار الإقامة في المملكة وشراء مسكن له بعد تجنسه.
هـ - أن يعرف اللغة العربية معرفة كافية.
و- أن يكون له مورد رزق مشروع.
ز- التنازل عن جنسيته الأجنبية خلال سنة من اكتساب الجنسية البحرينية، ويعفى رعايا دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من ذلك.
ندوة المعارضة
أقامت الجمعيات الست ندوة «لا للتجنيس السياسي» التي أقيمت في الساحة المقابلة لنادي العروبة في 16 يوليو/ تموز 2003، وذلك ضمن المشروع الذي طرحته الجمعيات الست السياسية، وشارك في تلك الندوة رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي، ورئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان وناشطون آخرون أكدوا خطورة الوضع الذي تعيشه البحرين بسبب التجنيس السياسي، وان التجنيس له مخاطر كثيرة من بينها تغيير التركيبة الديموغرافية لشعب البحرين ومسخ الثقافة التي عاش وترعرع عليها أبناء هذا الوطن الأصليون.
مسألة إجماع وطني
وركزوا على أن مسألة التجنيس من أكثر المسائل التي تلاقي إجماعاً وطنياً بين كل فئات الشعب.
وأكد الناشط السياسي عبدالنبي العكري في ندوة «الحركة الجماهيرية في البحرين - الآفاق والمحددات» في ورقته التي قدمها انه «بعد صدور قانون الانتخابات النيابية وترسيم الدوائر الانتخابية ومرسوم مباشرة الحقوق السياسية والتجنيس السياسي الواسع، تيقنت الجمعيات الأربع أنه يراد من الدستور ومن هذه القوانين أن تقيم سلطة تشريعية فاقدة للصلاحيات ولا تعكس التمثيل الشعبي، وتحجم دور الجمعيات السياسية».
فيما لم يغب الحديث عن ملف التجنيس في قبة البرلمان إذ أكد عضو الكتلة الإسلامية في مجلس النواب محمد آل الشيخ أن كتلته بصدد متابعة فتح ملف التجنيس والطعن في رد الحكومة على تقرير لجنة التحقيق في التجنيس على اعتبار أن رد الحكومة لا يعدو كونه ردّاً إنشائياً، إذ إن الحكومة - على حد تعبيره - لم ترد على المخالفات المذكورة لا من قريب ولا من بعيد وإنما اكتفت بالرد على الأمر اجمالاً، معتبراً أن الرد يفتقر إلى عناصر المحاسبة المطلوبة على خلفية المخالفات والتجاوزات التي أوردها تقرير اللجنة، التي كانت ضبطت نحو أكثر من 11 مخالفة لنسبة 10 في المئة من عدد الملفات التي تم الاطلاع عليها من أصل نحو 7300 ملف.
ويذكر أن إعلان البحرين للاحصاء الدقيق والموثق عن حجم عملية التجنيس في البحرين من مختلف الأصول، التي جرت خلال نصف قرن، تشير إلى أن المجموع الكلي للذين يحملون الجنسية ابتداء من العام 1950 حتى مايو/ أيار 2001، 42997 فرداً ويشمل هذا العدد الأشخاص المتجنسين وزوجاتهم وأبناءهم المولودين عند تجنيس آبائهم أو من ولد بعد تجنسهم كما يشمل هذا العدد أيضاً الزوجات المتزوجات من أشخاص متجنسين أو من أشخاص بحرينيين بالولادة.
البدون وغير البدون
يسمح القانون في البحرين بمنح الجنسية بشروط منها الإقامة لمدة 15 عاماً للعربي و25 عاماً لغير العربي، لكن في السنوات العشر الماضية، منحت الجنسية بشكل استثنائي وغير معلن للآلاف من الأفراد والأسر من أصول قبلية محددة على رغم أنهم يتمتعون بجنسيات دول أخرى ولا تنطبق عليهم شروط الإقامة. ونتيجة حركة الاحتجاج في التسعينات، ونشاط منظمات حقوق الانسان في الخارج، والتغير في توجهات السلطة، تم منح الجنسية لمستحقيها ممن كانوا محرومين من الجنسية (البدون) على رغم أنهم لم يعرفوا بلداً غير البحرين - وهو ما أيدته منظمات حقوق الإنسان ولاقى ارتياحاً شعبياً كبيراً - إلا أن منح الجنسية بشكل استثنائي وغير علني للآلاف ممن لا تنطبق عليهم الشروط مازال يشكل قضية موضع قلق وخلاف، إذ تتكتم السلطة على المعلومات.
لجنة التحقيق
وقد شكل مجلس النواب لجنة للتحقيق في القضية. الا ان «قانون مجلسي الشورى والنواب» الذي أصدرته السلطة قبل انتخاب مجلس النواب يمنع هذا المجلس من مساءلة الحكومة عن أمور سبقت انعقاده في ديسمبر/ كانون الأول 2002. كما ان قرار تشكيل لجنة التحقيق يمنعها من النظر في التجنيس الذي تم وفقا للسلطات الاستثنائية، وعلى رغم تلك القيود الأساسية والمعلومات المحدودة التي حصلت عليها اللجنة، فقد كشف اعضاء فيها عن تجاوزات خطيرة في منح الجنسية. واشار تقرير اللجنة ان زيادة اعداد المجنسين كانت لها انعكاسات سلبية من الناحية الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية، وأوصى تقرير اللجنة بتعديل قانون الجنسية، واعادة النظر في من تم منحهم الجنسية خارج القانون، واعادة هيكلة ادارة الجنسية، ووضع معايير للاستثناء من شرط مدة الاقامة. وحمل التقرير المسئولية الكاملة لوزير الداخلية السابق الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة.
دوافع سياسية
يطرح البعض ان معظم من تم تجنيسهم - بشكل استثنائي - هم الذين يخدمون في الجيش والحرس الوطني وأجهزة الأمن، ويعيش كثير من هؤلاء مع عوائلهم في مناطق شبه معزولة، ما يؤثر عليهم وعلى المجتمع الذي يعيشون فيه لأن اندماجهم لم يحدث بالصورة التي تسير عليها البلدان التي تنتهج سياسة التوسع السكاني من خلال التجنيس.
مطالب شعبية
لعل المطلب الأول، الذي لايزال قائماً إلى يومنا هذا من جانب مؤسسات المجتمع المدني، هو فتح المجال العلني للمناقشة والحوار بقصد التوصل إلى حلول لهذه القضية، على أن يتم الآتي:
- أن يتم اجراء إصلاح إداري في الأجهزة المتعلقة بمنح الجنسية ومحاسبة المسئولين عن التجاوزات.
- أن يتم تعديل قانون الجنسية بحيث يحدد بشكل واضح شروط التجنيس بشكل استثنائي، ويقيد تلك السلطة بحيث يمنع إساءة استخدام تلك السلطة، ويحقق الشفافية بالاعلان الرسمي عن حالات منح الجنسية.
- أن يتم وضع الحلول واعادة النظر ضمن الإطار الإنساني لمن تم منحهم الجنسية خارج الشروط الاعتيادية.
- اتخاذ إجراءات لوقف أي تمييز في منح الجنسية، واي تفضيل للمجنسين الجدد في التوظيف والسكن والامتيازات.
- اعطاء الأولوية للمواطنين - ومن دون تمييز بينهم - للحصول على الوظائف والترقيات في أجهزة الجيش والأمن.
- اعطاء الأولوية في منح الجنسية بشكل استثنائي للمحرومين من الجنسية وللنساء ممن لديهن أبناء بحرينيون ولأبناء البحرينيات.
- تسريع اجراءات منح الجنسية للمستحقين، واصدار جوازات سفر للبحرينيين المحرومين من ذلك مثل أبناء وذرية الحاج صالح الستراوي الممنوعين حتى الآن من العودة إلى البحرين
العدد 1320 - الإثنين 17 أبريل 2006م الموافق 18 ربيع الاول 1427هـ