توقع مصرف الامارات الصناعي أن تحقق دول الخليج 33,80 مليار دولار فائضا في موازناتها خلال العام الجاري نتيجة ارتفاع أسعار النفط مقارنة بـ 70,70 مليار دولار فائضا حققته خلال العام الماضي 2005.
وقال المصرف في صحيفته لشهر ابريل/ نيسان الجاري: إن عودة الزمن الذهبي، هو ما يمكن أن يطلق على الأوضاع الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي في العامين الماضيين، فبعد فترتي منتصف السبعينات وبداية الثمانينات، ها هي أسعار النفط تصل الى مستويات غير مسبوقة محققة لدول المجلس كافة عائدات هائلة وجدت انعكاساتها على مختلف أوجه الحياة في هذه البلدان.
وأضافت الصحيفة لقد عانت دول المجلس على مدى عقدين كاملين من انخفاض عائداتها النفطية، وذلك على رغم ارتفاع مستويات الإنتاج، إذ تدنت أسعار النفط الى مستويات قياسية تقل عن 10 دولارات للبرميل، وفي هذا إجحاف كبير بحق البلدان المنتجة والمصدرة للنفط، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي.
وقالت على رغم ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية تبلغ أكثر من 50 دولاراً للبرميل، الا أن ذلك لا يعبر سوى عن الحد الأدنى من السعر العادل للنفط قياساً لمعدل مكافئ الطاقة من المصادر الأخرى . مشيرة الى ان دول المجلس في السنوات الماضية عمدت الى احتساب سعر متدنٍ لبرميل النفط عند إعداد موازناتها السنوية، فدولة الكويت على سبيل المثال اعتمدت سعر 15 دولاراً للبرميل في العام الماضي، في الوقت الذي سجل فيه متوسط سعر نفط دبي 49 دولاراً أي ثلاثة أضعاف السعر المحتسب عند إعداد الموازنة السنوية. أما في العام الجاري، فقد اعتمد سعر 21 دولاراً للبرميل في دولة الكويت و 32 دولاراً في سلطنة عمان.
وقالت الصحيفة: إن السعر المتدني المعتمد في احتساب العائدات في بعض موازنات دول المجلس غير واقعي من الناحية العملية، فأسعار النفط السائدة في الربع الأول والتي تتجاوز 60 دولاراً للبرميل لا يمكن أن تؤدي الى تدني متوسط السعر طوال العام إلى 21 دولاراً للبرميل. لذلك، فان بيانات الموازنات الواردة أدناه سيتم احتسابها على أساس السعر الأعلى الذي احتسبته بعض دول المجلس عند إعدادها لموازناتها السنوية لعام 2006.
وقالت الصحيفة: إن هذه البيانات توضح مدى الدور المهم للموازنات السنوية في تنشيط الأوضاع الاقتصادية العامة في دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي زيادة مساهمة القطاعات كافة في الناتج المحلي الإجمالي. فالإنفاق العام في دول المجلس مجتمعـة ارتفع بنسبة 1,5 في المئة في العام 2006 مقارنة بإجمالي الإنفاق في العام 2005، الا أن استمرار أسعار النفط المرتفعة في هذا العام سيشجع على زيادة الإنفاق، كما تشير تجارب السنوات السابقة، إذ يتوقع أن يرتفع حجم الإنفاق بنسبة تتراوح بين 3 - 4 في المئة عن حجم الإنفاق الوارد في موازنات العام 2006. أما الإيرادات، فعلى رغم توقع تراجعها بنسبة 17 في المئة تقريباً، وذلك بسبب اعتماد أسعار متواضعة لسعر برميل النفط، الا أنه يتوقع أن ترتفع بدورها في هذا العام أو أن تبقى عند معدلاتها للعام 2005 كحد أدنى، مما يتيح الاستمرار في الحصول على عائدات كبيرة عموماً.
وأضافت نتيجة لذلك، فان الفائض التقديري المدرج في موازنات دول المجلس لهذا العام البالغ 33,80 مليار دولار والذي يبدو منخفضا عن العام 2005 بمقدار 52,2 في المئة، يتوقع له أن يزيد بشكل ملحوظ في حالة ارتفاع الإيرادات من العائدات النفطية.
وذكرت أن الزيادة الكبيرة في العائدات النفطية لم تأتِ فقط من خلال الارتفاع الكبير في سعر برميل النفط، وإنما نتيجة لزيادة الإنتاج أيضاً في معظم دول المجلس والذي ارتفع بنسبة 14,3 في المئة ليصل الى 16 مليون برميل يومياً، مقابل 14 مليون برميل يومياً في السنتين الماضيتين.
وقالت على رغم أن هذه الزيادة في الإنتاج مبررة من الناحية الفنية لتلبية الطلب المتزايد على النفط في الأسواق العالمية من جهة وللحد من ارتفاع الأسعار من جهة أخرى، الا أن ذلك يطرح على بساط البحث قضايا تنموية مستقبلية في غاية الأهمية تتعلق بتنويع مصادر الدخل القومي وإيجاد مصادر بديلة للدخل في دول المجلس.
وقالت الصحيفة: ان دول مجلس التعاون الخليجي حققت تقدماً ملحوظاً على طريق تنمية بعض القطاعات الاقتصادية غير النفطية في العقدين الماضيين، الا أن ازدياد الطلب من مختلف بلدان العالم على نفط الخليج سيؤدي الى سرعة نضوب هذا المورد الاقتصادي المهم، مما يتطلب العمل بنفس السرعة على إيجاد مصادر دخل بديلة باستغلال ما توفره أسعار النفط المرتفعة من عوائد مالية كبيرة في الوقت الحاضر. وفي هذا الجانب تملك دول المجلس إمكانات جادة لتطوير بعض القطاعات الاقتصادية التي تتناسب ووضعها في التقسيم الجديد للعمل الدولي في ظل العولمة وانفتاح الأسواق.
وقالت إذا ما عمدت دول المجلس الى تطبيق البرنامج الاقتصادي الوارد في الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، كقيام السوق الخليجية المشتركة في العام المقبل 2007 وإصدار العملة الخليجية الموحدة في العام 2010 وتوحيد السياسات الاقتصادية، فان ذلك سيشكل دعماً قوياً لإنجاز أهدافها الاستراتيجية. فالسوق الخليجية الموحدة سيكون لها ثقل كبير في العلاقات الاقتصادية الدولية، كما أنها تلبي أحد أهم متطلبات التنمية الاقتصادية في العصر الراهن والكامن في التعاون والتكتل الاقتصادي على المستويين الإقليمي والعالمي.
وأكدت إن عائدات النفط الهائلة ستفتح آفاقاً جديدة لتنمية كل دولة على حدة من جهة، ولإنجاز مهمات التكامل الخليجي وإيجاد تكتل اقتصادي قوي ذي مردود إيجابي على دول مجلس التعاون الخليجي كافة من جهة أخرى
العدد 1331 - الجمعة 28 أبريل 2006م الموافق 29 ربيع الاول 1427هـ