قال وزير الثقافة، عماد أبوغازي: «أنا لست وزيراً للمثقفين؛ فالمثقفون ليسوا بحاجة إلى وزير ولا وزارة. أنا وزير لثقافة المواطن المصري، ومسئوليتي ليست نقل ثقافة للمثقفين، ولا إرضاء المثقفين أو إغضابهم؛ فمهمة وزارة الثقافة هي إتاحة الأنشطة الثقافية لكل مواطن في مصر، هذا تصوري لوزارة الثقافة ودورها.
وأضاف أما المثقفون فهم مساعدون لوزارة الثقافة في تنفيذ هذا الدور، إذا رأوا أنه دورهم الحقيقي، معرباً عن اعتقاده بأن الغالبية ترى هذا الدور، وهم قوة لتطوير المجتمع، والوزارة تستفيد بهم ويدعمونها ويدعموا نشاطها، لكن الوزارة وزارة لكل المواطنين.
وأوضح أبوغازي - خلال لقائه بالقسم الثقافي لوكالة أنباء الشرق لأوسط - أن الأداة الأساسية لتحقيق ذلك هي ديمقراطية العمل الثقافي في مصر، موضحاً أن المفهوم المستقر هو أن السياسة الثقافية - التي تقوم على فكر الديمقراطية - تقتضي التوزيع العادل للخدمات والأنشطة الثقافية، قائلاً: «نحن نعاني من مركزية مفرطة في كل المجالات، فالعاصمة مستحوذة على ثروة المجتمع، وفائض الإنتاج فيه، ونسعى حالياً إلى كسر هذه المركزية، وتعديل الميزان ولو قليلا، فالقاهرة - في المئتي عام الماضية تتغول وتستحوذ على كل شيء، ولابد من تحجيم الجهود الموجهة لها، ولو بعض الشىء، لنتجه إلى المحافظات المختلفة».
وأضاف الوزير «لابد أن يتم توزيع النشاط الثقافي بشكل متكافئ على الجماعات المختلفة في المجتمع، وألا يكون هناك تمييز ثقافي، لا على أساس النوع ولا الدِّين، ولا المرحلة العمرية، ولا الجماعات الثقافية الفرعية، وذلك ركن أساسي في مفهوم الديمقراطية الثقافية».
وقال: «لقد توليت وزارة الثقافة في مرحلة حرجة، من الناحية الاقتصادية في الدولة، وكان على بالتالي أن ألتزم بسياسة الثقافة الفقيرة في كلفة الإنتاج، وأتصور أننا نستطيع- على رغم فقر الموارد - أن نقدم أنشطة مهمة للغاية بتكاليف بسيطة، بالتركيز على المحتوى والقيمة»، مشيراً إلى أننا لا نحتاج الآن الأبنية الفخمة الغرانيتية أو الرخامية لممارسة النشاط الثقافي - على نحو ما كان يحدث في السنوات السابقة - فلا نحتاج سوى إلى مساحة فارغة من الأرض نعمل بها، أو قطعة أرض خراب أقوم بتنظيفها وأبني بها مركزاً ثقافياً، أو حديقة أقيم بها كشكاً صغيراً أبيع فيه الكتب. نحتاج إلى عربات متنقلة، سواء كمكتبات اطلاع أو بيع أو مسارح. لقد أصبحت مصر محرومة من (الفرجة) الجماعية، التي تخلق حالة ثقافية. مشاهدة فيلم خارج المنزل أو مسرحية في المسرح، ونجهز بعض قصور الثقافة للعروض السينمائية».
وذكر وزير الثقافة أن النظام السابق هو من أشعل الأزمة مع الجزائر، وأن الشحن الذي أدى إلى الأزمة بدأ من مصر، وحدث رد الفعل عليه من الجزائر. مؤكداً أن هذه الأزمة قد انطوت صفحتها على المستويين الرسمي والشعبي، مشيراً إلى أنه لاحظ خلال زيارته الأخيرة للجزائر تحولاً كبيراً على المستويين الرسمي والشعبي، فيما كان استقبال وزيرة الثقافة الجزائرية، خليدة تومي، والمسئولين يعكس تغييراً واضحاً جداً في الموقف الجزائري.
وعما إذا كان من الممكن استغلال مقرات الحزب الوطني.. قال إننا طالبنا ببعض المقرات في القاهرة وخارجها، لكن لم يخصص شيء بعد لوزارة الثقافة، مضيفاً «إنني أشارك في العديد من الفعاليات الثقافية في مختلف المحافظات، وحريص على ذلك، وأشاهد المواقع بنفسي، في الإسماعيلية وأسيوط، وأنا مهتم بقصور الثقافة، إلى حد أن وصلني خطاب يعتبرني (السيد وزير هيئة قصور الثقافة)، وأنا أتمنى ذلك، فبالنسبة لي فقد ذهبت للمجلس الأعلى خطأ، فقد كان مكاني الطبيعي هيئة قصور الثقافة.
وأعلن أبوغازي أن السبب الرئيسي لإلغاء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هذا العام هو «التمويل» لا غير، دون أن تكون هناك أية أسباب خفية، وأن ما أخر قراره بالإلغاء هو رغبته في التأكد من أن الاتحاد الدولي للمنتجين لن يلغي المهرجان من قائمته أو ينزل بتصنيفه.
وأضاف، أن تمويل وزارة المالية الذي كان يصل إلى 12 مليون جنيه لابد أن ينخفض هذا العام، مع عدم قدرة وزارة الثقافة على إنفاق ما بين 5 إلى 6 ملايين جنيه من موازنة الوزارة على مهرجان واحد، موضحاً أن العالم كله سيكون مشغولاً بمصر في توقيت المهرجان، بمناسبة الحدث السياسي الذي ستشهده. وإذا ما تمت الانتخابات في موعدها المحدد، فلن يكون الوقت مناسباً للمهرجان.
وقال إن مهرجان القاهرة السينمائى غير جاذب للسياحة، وإن العالم كله سيكون- في توقيت المهرجان- مشغولاً بما يجرى في مصر، فيما سنقيم مهرجانات قبل موعد مهرجان السينما وأخرى بعد موعده، مهرجان الموسيقى في القلعة في يوليو/تموز، ومهرجان المسرح كذلك في الشهر نفسه، ومعرض للكتاب في رمضان، ومهرجان للسينما الإفريقية في يناير/كانون الثاني المقبل، لنبتعد عن الفترة المشغولة بالأحداث السياسية.
وعما إذا كان هناك اتجاه - داخل الوزارة- لإلغاء المسرح التجريبي، قال، لقد اتخذنا قراراً بتأجيل المهرجان دورة العام 2011 فقط، والمهرجانات كلها يتم الآن تقييمها، وسنرى ما يمكن أن يستمر منها، وما يمكن أن يتطور، وكيف يتم توجيه الدعم لهذه المهرجانات. نسمع الجميع، وفي النهاية أستشير المختصين في الأمر، ثم نتخذ القرار الجماعي.
وأوضح أنه الآن بصدد تشكيل المركز القومي للمسرح، وسيتم دراسة الأمر بعناية من قبل المركز، لبحث الشكل المناسب للمهرجانات وإقراره، وأضاف لقد أجلنا ملتقى الشعر الذي كان من المقرر عقده في شهر مارس/آذار الماضي، فتم تأجيله، وليس من المعروف ما إذا كانت هناك إمكانية لعقده أم لا، والمفترض أن تكون هناك خطة للمؤتمرات الدولية، وستتوقف على وضع الموازنات العامة خلال الفترة المقبلة، مؤكداً مبدأ «التقليص» خلال الفترة المقبلة.
وأعلن أبوغازي أن جوائز الدولة - في الفروع والمستويات المختلفة - التي ستعلن مطلع الأسبوع المقبل، مبنية على الترشيحات التي تمت قبل الثورة؛ أي حتى 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأن وزارة الثقافة لا تملك حق الترشيح، فالمجلس الأعلى للثقافة جهة المنح، ولكن الترشيح يأتي من جهات أخرى.
وأوضح - خلال لقائه الخاص بالقسم الثقافي لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن مواعيد الترشيح مواعيد قانونية وليست لائحية، ولا نستطيع أن نغيرها، ولابد أن يتم التصويت على أساس القانون الذي تم الترشيح عليه؛ فيما أعلن آلية جديدة للترشيح - بعد هذه الدورة - فضلاً عن آلية للتصويت، بحيث يكون التصويت خصوصاً، داخل كل قطاع، لا أن يصوت الجميع على كل الجوائز مثلما يحدث في الوضع الحالي.
وأضاف، إننا نبحث أيضاً كيف يكون هناك تعديل في القانون، ولكن ذلك لابد له من التنسيق مع وزارة التعليم العالي والدولة للبحث العلمي، لأن قانون جوائز الدولة واحد في المجالات كافة، مشيراً إلى محاولة سابقة - منذ عامين - لتعديل القانون، لكن تم الاكتفاء برفع القيمة المالية دون النظر إلى باقي البنود.
وقال إن العام الجاري (2011) لن يشهد تغييراً جوهرياً، إنما الدورات المقبلة هي التي ستشهد التغيرات؛ وخاصة أن جوائز الدولة محددة بقانون، وموازنتها مرصودة في موازنة العام المالي الجاري؛ فيما لا يسمح الوضع القانوني بالتأجيل. والعام الوحيد الذي أرجئت فيه الجوائز كان العام 1967؛ ما أدى إلى ترحيل عام في الجوائز التشجيعية
والتقديرية، ولن نستطيع أن نفعل ذلك مرة أخرى. مشيراً إلى أنه إذا ما تم إلغاء الجوائز، فسيكون من حق أي من المرشحين أن يرفع قضية، ويطعن في قرار الإلغاء، ويكسب الدعوى.
وأعلن أبوغازي أن الانتهاء من أعمال المسرح القومي تحتاج أكثر من 20 مليون جنيه، ومن المستحيل تسليم المسرح في 25 يناير المقبل، على نحو ما سبق أن صرح لوكالة أنباء الشرق الأوسط مدير المسرح، خالد الذهبي.
وأضاف أنه التقى مع رئيس مجلس إدارة شركة حسن علام والمسئولين التنفيذيين، وبحضور مدير المسرح القومي، وأن موعد التسليم كان يتراوح بين شهري أبريل/نيسان ومايو 2012، ولكن العمل يجري على قدم وساق ليتم افتتاح المسرح في 27 مارس 2012، يوم المسرح العالمي، مشيراً إلى أن المسرح سيتطلب احتياجات مادية كثيرة؛ فضلاً عن زيادة المبلغ المقرر لإنهاء الأعمال عما كان في بداية العمل، وهو ما يستدعي الحصول على موافقة مجلس الوزراء لسد هذا الفرق، وخاصة أنه قد يصل إلى 55 مليون جنيه. وقد يصل إجمالي الكلفة إلى 91 مليون جنيه أو 92 مليون جنيه، وما تم تغطيته إلى الآن 55 مليون جنيه للسنة المالية الجديدة.
وقال أبوغازي، إن وزارة الثقافة فقدت موارد تصل إلى 100 مليون جنيه في السنة، بسبب فصل الآثار عن الثقافة، وأن الآثار لم تكن تتلقى أية إعانات من الدولة، بل كانت مصدر توريد للدولة، وكانت مشروعات وزارة الثقافة كلها يغطيها دخل الآثار، ولكن المعاناة الآن قائمة بفعل ضعف الحركة السياحية
العدد 3211 - الأربعاء 22 يونيو 2011م الموافق 20 رجب 1432هـ