العدد 3223 - الإثنين 04 يوليو 2011م الموافق 02 شعبان 1432هـ

أحوال الوطن العربي في كتاب لمستشرق ياباني

صدر كتاب «العرب من وجهة نظر يابانية»، للمستشرق الياباني نوبواكي نوتوهارا، ليلقي الضوء على شخصية الإنسان العربي، وعلى رغم صدور الكتاب في وقت سابق؛ إلا أنه يتسم بالأهمية الشديدة في الوقت الراهن، نظراً إلى الأحداث التي نعيشها والتغييرات الجذرية التي تشهدها البنية السياسية لبلادنا.

ويعد الكتاب بمثابة مرآة ضخمة للمجتمع العربي، فقد سعى الكاتب إلى تشييدها لنرى بها أنفسنا ونتأمل عيوبنا ونقاط ضعفنا، فالأمة أو الشخصية أو الهيئة الاجتماعية التي لا تقبل النقد تتهاوى، وتتدنى يوماً بعد يوم حتى تصل إلى الحضيض، على حد وصف مؤلف الكتاب.

وقدَّم المؤلف، بعد أن تعرف على العالم العربي منذ العام 1974، وزار العديد من بلدانه وأقام فيها لفترات انطباعاته المحايدة عن هذا العالم، ومن اللافت أن أول ما يقوله عن عالمنا العربي: «إن الناس في شوارع المدن العربية غير سعداء، ويعبر صمتهم عن صرخة تخبر عن نفسها بوضوح، وهو يعزو هذا الشعور إلى غياب العدالة الاجتماعية، لأنها أول ما يقفز إلى النظر»، وهذا ما يؤدي في نظره إلى الفوضى، كما أنه يلاحظ كثرة استعمال العرب لكلمة «ديموقراطية»، وهذا لا يعبر سوى عن شيء واحد، عكسها تماماً، ألا وهو القمع، ولهذا القمع أوجه عدة منها: منع الكتب، غياب حرية الرأي وحرية الكلام وتفشي ظاهرة سجناء الرأي.

ويشير نوتوهارا، كمراقب أجنبي، إلى أن العالم العربي ينشغل بفكرة النمط الواحد، على غرار الحاكم الواحد، لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أشكال ملابسهم وبيوتهم وآرائهم، وتحت هذه الظروف تذوب استقلالية الفرد وخصوصيته واختلافه عن الآخرين، ويغيب مفهوم المواطن الفرد وتحل محله فكرة الجماعة المتشابهة المطيعة للنظام السائد.

وعندما تغيب استقلالية الفرد وقيمته كإنسان يغيب أيضاً الوعي بالمسئولية عن الممتلكات العامـة، مثل الحدائق أو الشـوارع أو مناهل المياه ووسـائل النقل الحكوميـة والغابات (باختصار كل ما هو عام)، والتي تتعرض للنهب والتحطيم عند كل مناسـبـة، ويجد نوتوهارا أن الناس هنا لا يكترثون أو يشعرون بأي مسئولية تجاه السجناء السياسيين، الأفراد الشجعان الذين ضحوا من أجل الشعب، ويتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية، وعلى أسرة السجين وحدها أن تواجه أعباءها، وفي هذا برأيه أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسئولية.

وأضاف، أن الناس في العالم العربي «يعيشون فقط» بسبب خيبة آمالهم وبسبب الإحساس باللاجدوى أو اليأس الكامل، وعدم الإيمان بفائدة أي عمل سياسي.

وحينما تطرق إلى التجربة اليابانية إبان سيطرة العسكر على الإمبراطور والشعب وقيادتهم البلاد، قال الكاتب الياباني نوبواكى نوتوهارا: «إن هذه السيطرة قد أفضت إلى حروب مجنونة ضد الدول المجاورة انتهت إلى تدمير اليابان».

وأضاف، أن هذه التجربة قد علمت الشعب الياباني أن القمع يؤدي إلى تدمير الثروة الوطنية ويقتل الأبرياء ويؤدي إلى انحراف السلطة، لكن اليابانيين وعوا أخطاءهم وعملوا على تصحيحها، وتطلب ذلك سنوات طويلة وتضحيات كبيرة، وعوا أن عليهم القيام بالنقد الذاتي قبل كل شيء وبقوة، فالإنسان بحاجة إلى النقد من الخارج ومن الداخل مهما كان موقفه أو وظيفته الاجتماعية أو الهيئة التي ينتمي إليها، لأن غياب النقد يؤدي إلى الانحطاط حتى الحضيض.

وفي سياق حديثه عن العالم العربي، تطرق المؤلف إلى الكاتب المصري يوسف إدريس، الذي تعرف على المجتمع الياباني، وكان يتساءل دائماً عن سر نهضة اليابان وتحولها من بلد صغير معزول إلى قوة صناعية واقتصادية، إلى أن حدث مرة أن راقب عاملاً فيما هو عائد إلى فندقه في منتصف الليل يعمل وحيداً، وعندما راقبه وجده يعمل بجد ومثابرة من دون مراقبة من أحد وكأنه يعمل على شيء يملكه هو نفسه، عندئذ عرف سر نهضة اليابان، إنه الشعور بالمسئولية النابعة من الداخل من دون رقابة ولا قسر، إنه الضمير سواء أكان مصدره دينياً أو أخلاقياً.

ومن الأمور التي لفتت نظر المؤلف الياباني في مجتمعاتنا، شيوع القمامة في الشوارع، مع أننا نعد أنفسنا من أنظف شعوب العالم، ولقد دهش نوتوهارا مرة عندما زار منزل صديق له في منطقة تُعاني من سوء نظافة شديد كيف أن الشقة كانت كأنها تنتمي إلى عالم آخر

العدد 3223 - الإثنين 04 يوليو 2011م الموافق 02 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً