يمثل اثنان من اعمدة المجتمع البريطاني هما الشرطة وروبرت موردوك صاحب الامبراطورية الاعلامية، في وضع متهمين امام لجنة في مجلس العموم البريطاني في ما يمكن ان يشكل واحدا من اهم فصول فضيحة التنصت المدوية اصلا.
وفي قلب الجلسة اسئلة "من كان يعرف ماذا ومنذ متى؟" ستطرحها لجنتا الاعلام والشؤون الداخلية الحريصتان على المساهمة في القاء الضوء -- بدون عرقلة تحقيق الشرطة الجاري -- على قضية تهز البلاد وتحفز المعارضة وتزعزع استقرار حكومة ديفيد كاميرون الذي يواجه اسوأ ازمة خلال 15 شهرا في السلطة.
الزلزال سببته نيوز اوف ذي وورلد افضل منشورات موردوك. فالصحيفة التي تصدر الاحد تنصتت على ما يبدو منذ العام 2000 وفي اطار سعيها لتحقيق السبق الصحافي دائما، على اتصالات حوالى اربعة آلاف شخص بينهم سياسيون واعضاء في الاسرة الملكية ومشاهير.
واثار الكشف اخيرا عن تحر خاص يعمل لحساب الصحيفة قام بقرصنة هاتف تلميذة في الثالثة عشرة قتلت في 2002، موجة غضب.
ودعا جون بريسكوت الرجل الثاني في الحكومة العمالية السابقة الذي كان ضحية لعمليات التنصت هذه "في هذه الفترة من التوبة، قولوا الحقيقة".
ويفترض ان تستمع لجنة الشؤون الداخلية لقائد الشرطة السير بول ستيفنسون ورئيس مكافحة الارهاب جون ييتس. وهذان القائدان في الشرطة استقالا واكدا برءاتهما. لكنهما تركا واحدا من اشهر اجهزة الشرطة في العالم في حالة قلق متهمة بعدم الكفاءة وبالفساد.
ويربك السير بول رئيس الحكومة. فعند رحيله اعترف بانه وظف نيل واليس المسؤول السابق في هيئة تحرير نيوز اوف ذي وورلد مستشارا. لكنه قال ان الفضيحة لم تطل واليس خلافا لرئيس التحرير السابق للصحيفة اندي كولسن مدير الاتصال في مكتب كاميرون حتى كانون الثاني/يناير الماضي.
ويستمع عشرة نواب من كل التيارات السياسية في "لجنة الثقافة والاعلام والرياضة" الثلاثاء لروبرت موردوك وابنه جيمس اللذين رفضا الدعوة اولا.
كما ستستمع "لملكة الصحافة الصفراء" السابقة ريبيكا بروكس بشأن فضيحة التنصت.
ويتوقع ان تكون القاعة في جلسة الاستماع التي تعد واحدة من اهم الجلسات التي تجريها لجنة برلمانية، مكتظة بالحضور. وقد فتحت للعامة ولا تضم سوى خمسين مقعدا. وستنقل الجلسة مباشرة على شاشة في غرفة مجاورة.
وقد نفى الثلاثة علمهم بحجم عمليات التنصت التي نسبت الى "مراسل حر" و"تحر خاص".
ويشكل مثول موردوك البالغ من العمر ثمانين عاما، بحد ذاته حدثا.
فصاحب المجموعة الاعلامية الدولية نيوز كورب المعنية بالفضيحة، يقود امبراطورية يبلغ رقم اعمالها 33 مليار دولار في التلفزيون والنشر والسينما والانترنت والصحف.
لكنه معروف ايضا بانه "صانع ملوك"، يثير الخشية والاحترام في في بريطانيا حيث دعم رؤساء وزراء من كل الاحزاب منذ السبعينات معتمدا على سيطرته على خمسي الصحف. وقد دعم خصوصا مارغريت ثاتشر وتوني بلير وجورج بوش.
ويحاول موردوك بشتى الوسائل نزع فتيل الازمة، من تقديم اعتذارات الى اغلاق الصحيفة التي سببت الفضيحة نيوز اوف ذي وورلد وتخليه عن مشروع كبير للتوسع في بريطانيا عبر شراء بيسكايبي الذي تصدى له كل السياسيين، والتضحية باثنين من مساعديه.
والفضيحة التي سميت "موردوكغيت"، كما فضيحة التنصت ووترغيت التي سرعت سقوط الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون في 1974 "سببت ضررا لا يمكن اصلاحه" لامبراطورية موردوك، كما يقول مايكل وولف الذي كتب نبذة عنه.
الا ان احد الاعضاء المحافظين اللورد نورمان فولر قال ان "التقليل من اهمية الرجل سيكون خطأ فادحا".
اما ابنه الاصغر جيمس موردوك (38 عاما)، الخليفة المرجح لروبرت على رأس نيوز كورب، فقد عينه والده في المركز الثالث في ادارة هذه المجموعة قبل كشف الفضيحة.
وقد عبر مؤخرا عن "اسفه العميق" لانه انفق بسخاء على بعض ضحايا عمليات التنصت مجازفا باحتمال اتهامه بمحاولة شراء صمتهم.
من جهتها، ريبيكا بروكس (43 عاما)، "ملكة" الصحف الشعبية التي ازيحت عن عرشها، كما تردد وسائل الاعلام البريطانية، فقد كانت في موقع قوة بعد غزوها صحافة الفضائح بسرعة مذهلة وجاء سقوطها مدويا.
ففي العام 2000 تولت رئاسة نيوز اوف ذي وورلد واصبحت بذلك اصغر رئيسة تحرير في صحيفة بريطانية. ويبدو ان جزءا من عمليات التنصت جرى في تلك الفترة.
وكانت بروكس اعترفت في جلسة استماع سابقة في 2003 بان نيوز اوف ذي وورلد دفعت اموال لشرطيين للحصول على معلومات قبل ان تتراجع عن افادتها.
وقال زعيم المعارضة العمالية ايد ميليباند ان الرأي العام ينتظر من هذه الجلسة "تصريحات (من الثلاثي) حول ما جرى ولماذا لم يتخذ اي اجراء لتصحيح ذلك".
وفي مؤشر الى حجم الازمة، اختصر ديفيد كاميرون جولة في جنوب افريقيا ونيجيريا ليتمكن من الرد الاربعاء على اسئلة اعضاء مجلس العموم في جلسة طلب تأجيل العطلة الصيفية 24 ساعة من اجلها.
والفضيحة تتناول ايضا كاميرون لعلاقته باندي كولسون و26 لقاء عقدها مع مسؤولين في نيوز كورب. وقالت الصحف انه "نسي" ان يشير الى وجود بروكس في عيد ميلاده، وانه امضى عيد الميلاد الماضي في بيتها.
ولم يكن ينقص الفضيحة سوى جثة.
الا ان هواة نظرية المؤامرة يتساءلون اليوم عن الموت "الذي لم يفسر" لكنه "غير مشبوه" على حد قول الشرطة لشون هور.
وكان هذا الصحافي اول من كشف ممارسة عمليات تنصت "متأصلة" في نيوز اوف ذي وورلد عندما كان كولسون رئيس تحريرها.