على رغم أنه كان ملتهبا وشابته بعض المداخلات الساخنة التي تعدى بعضها البروتكولات وبعضها كان هجوميا، فإنه يعتبر أول حوار من نوعه تنظمه صحيفة محلية بين أطراف متصارعة لا تلتقي وجها لوجه لمناقشة موضوعاتها بسبب إشكال المقاطعة.
الحوار السابق بشأن قانون التجمعات لم يتعد هجوما من جهة على أخرى أو تجاهل قوى لأخرى وكانت صفحات الصحف فقط محلا لتلاقي التصريحات... ولكننا في «الوسط» آلينا إلا أن نجمع الأطراف الرئيسية بشأن تعديلات القانون التي مررها النواب لمجلس الشورى من اجل أن يجتمعوا حول الطاولة ويتناقشوا ويتحاوروا وإن سخنت درجة هذا الحوار بعض الشيء إلا انها هي الحال الصحية وخصوصا أن مرحلة مهمة في مجلس الشورى تنتظر هذا القانون قبل إصداره من الديوان الملكي.
يشارك في هذه الندوة الصحافية كل من النائب أحمد بهزاد رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب التي وافقت على مشروع التعديلات على قانون التجمعات رقم لسنة موضوع الجدال والشيخ خالد بن خليفة آل خليفة رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى التي ستناقش هذا القانون وتطرح على مجلس الشورى تقريرها وتوصياتها والعقيد محمد راشد بو حمود الوكيل المساعد للشئون القانونية بوزارة الداخلية التي قدمت هذه التعديلات ومن الجهة الأخرى أكبر المحتجين عليه وهم: نائب أمين عام جمعية الوفاق الوطني الاسلامية الشيخ حسين الديهي ورئيس المكتب السياسي لجمعية العمل الديمقراطي (وعد) ابراهيم شريف ... وكان هذا الحوار:
* ما تقييمكم للتعديلات التي أدخلها مجلس النواب على قانون التجمعات رقم لسنة ؟
- ابراهيم شريف: لقد شهدت هذه التعديلات تضييقا أكثر على الحريات التي كانت متاحة وفقا للقانون الأصلي وهي لم تراعِ مرئيات أكثر من خمسين جمعية سياسية ونفع عام التي تم إعدادها في نهاية العام والتي صيغت في مقترح قانون يوسع من الحريات تم اقراره من قبل المجتمعين، مع إقرارنا بأن هذه التعديلات أفضل من مقترح قانون قدمته الحكومة وسحبته لاحقا... ويشار هنا إلى أنه حتى المرسوم بقانون الأصلي لم يكن مناسبا فقد صدر في فترة المجلس التأسيسي وبناء عليه فإن القانون أو القانون المعدل بعد التجربة النيابية يجب ان يكون أفضل وأكثر اتساعا للحرية وإبداء الرأي من سابقه.
الشيخ حسين الديهي: كان ينبغي للعملية برمتها أن تكون إصلاحية وتتسق مع النهج الإصلاحي لجلالة الملك وبالتالي فهي تسير وفقا لوجود شيء معوج ويأتي العمل لإصلاحه، ونحن ننظر للقانون الأصلي (رقم لسنة ) على أنه ليس قانونا حسنا بل يحتوي على مساوئ ومعوقات لحرية التعبير والتجمع وكان ينبغي لمن يريد تغيير بنوده ان يصلح هذه السوء ويوسع من دائرة الحرية ولكن ما حصل هو زيادة معوقات حرية التعبير.
هذا التغيير جاء ليقيد الحريات ويخدش في جوهر الحق الطبيعي للمواطنين والحريات العامة وجاء ليخالف الكثير من الموازين والنظم والمواثيق الدولية التي تنص على حرية الاجتماع... هذا القانون جاء أيضا ليهدد الكثير من طموحات هذه المرحلة وشعاراتها وأمن الناس واستقرارهم.
خالد آل خليفة: إن أي قانون لا يعتبر منزها وهو ينتج عادة بعد الاستفادة من تجارب وممارسة ويتم تطويره وتعديله وفقا لما تقتضيه الحاجة والبيئة ومتطلبات المجتمع، وبالتالي فإنني أعتقد أن هذا اللقاء سيفتح آفاقا كثيرة لمراجعته مرة أخرى بالنسبة إلينا في الشورى... وعموما فإن التغيير الذي وضعه مجلس النواب على القانون الأصلي لا شك أفضل من مقترح القانون الذي قدمته الحكومة في العام الماضي ثم سحبته.
أحمد بهزاد: سبق أن حول مجلس النواب إلى لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في شهر نوفمبر / تشرين الثاني من مشروع قانون بخصوص تنظيم التجمعات والمسيرات ولكن وجدت اللجنة التشريعية في المجلس أن بعض مواده فيها شبهة دستورية كما رفضته كذلك مجموعة كبيرة من الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وأيضا كان لدى لجنتنا بعض التحفظات على بعض المواد في كون بعض بنوده لا تتناسب مع جو الإصلاحات والحرية وإن كنا قد اختلفنا في أحقية رفض المشروع على أساس الاختصاص... ولذلك فقد خرجت لجنتنا باقتراح سحب القانون المقدم من الحكومة وإجراء تعديلات على القانون الحالي رقم لسنة .
وقدمت اللجنة فعلاً مقترح التعديل للمجلس في نهاية الدور الثالث والذي بدوره قرر تشكيل لجنة مشتركة بين لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني واللجنة التشريعية لمناقشة هذا المقترح مع تقديم تقرير في غضون ساعة، وبعد العرض على المجلس ونظرا إلى ضيق الوقت (نهاية الدور الثالث) ولعدم ملاءمة التعديلات من اللجنة المشتركة فقد ارتأى المجلس تأجيل التصويت على المشروع في بداية الدور الرابع إلا أن الحكومة رأت عدم صلاحية مقترحها بالقانون الجديد نزولا عند رغبة المواطنين والجمعيات السياسية وبعض النواب، وقامت بتقديم مقترح تعديلات على القانون الحالي، فتمت مناقشته في لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني والتي أجرت بعض التعديلات عليها ومن ثم أجرى مجلس النواب تعديلات أخرى.
وقد اجتمعنا لأكثر من مرة مع ممثلين لجمعيات سياسية في اجتماعات غير رسمية ولقاءات وأكدت لهم ومن خلال الصحافة أننا لن نمرر قانوناً ما لم يعط الدراسة المتأنية وبعد مناقشته من مختلف الجمعيات، كما أود أن أرد على ما ذكره شريف بشأن تقديم مرئيات الجمعيات وتصورات لمشروع القانون بأننا فعلا تسلمنا ذلك من خلال خمسة ممثلين عن الجمعيات ولكنها كانت تتعلق بمشروع القانون الذي سحبته الحكومة لاحقا وليس التعديلات على قانون لسنة موضوع النقاش.
المعارضة تقول إن تعديلاتكم قيدت الحريات. فما هو ردكم؟
- أحمد بهزاد: لقد أعلنّا في اللجنة وكذلك في مجلس النواب أننا لا نريد أن نخسر أو نضيع المكتسبات الوطنية التي حصل عليها المواطن من المشروع الإصلاحي وأننا مع حرية الرأي والتعبير والاجتماعات والتجمعات والمسيرات ولكن ضمن النظم والقانون لمنع الانفلات... عندما أطالب بحريتي في أي مجال فيجب مراعاة حرية الطرف الآخر واللجنة ومجلس النواب حينما تبنوا المادة التي تحظر التجمعات «قرب» المستشفيات والمطارات والمجمعات التجارية فإن ذلك تم بعد قناعة منهم بعدم إعطاء حرية لفئة على حساب فئة أخرى... إذ ينبغي لكل طرف أخذ حقه من العملية الاصلاحية... ماذا لو أعاقت الاعتصامات مرور سيارة الإسعاف للوصول إلى المستشفى؟ ما مصير المريض؟
وأود ان أذكر أننا عندما كنا في زيارة للولايات المتحدة الأميركية لاحظنا تحديد أماكن خاصة بالتجمعات والمسيرات بل حضرت مظاهرة لمجموعة من الإيرانيين فوق مساحة محددة على الرصيف فقط وكذلك رأيت حالة مشابهة في بريطانيا إذ أعطيت مساحة محددة لفلسطينيين محددة بشبك حديد وأخرى ليهود محددة بشبك أيضا وعندما سألت ضابط الأمن هناك عن موقفه في حال ان خرج أي متظاهر عن الحدود، قال سنلقي القبض عليه من دون أي شك!
محمد بو حمود: أنا أتفق مع سرد أحمد بهزاد بشأن خط سير قانون التجمعات والتعديلات التي جاءت، وهذا الموضوع لا يعني المجلسين لوحدهما ولا الحكومة لوحدها ولا الجمعيات السياسية لوحدها بل يعني كل الشعب البحريني بجميع مكوناته وفعالياته.... والتجربة العملية لما تم بعد الانفتاح قدمت للشرطة وكذلك للمواطنين ملحوظات كثيرة بشأن التعامل مع قانون التجمعات لسنة بل تم توجيه انتقادات إلى رجال الشرطة والأمن بسبب تعطيل التظاهرات لأعمال مواطنين غير معنيين بهذه التظاهرات وخصوصا مع كثرتها ومع عدم تنظيمها.
ونحن نحاول قدر الإمكان التنسيق مع المنظمين والتعاون معهم من أجل تسيير المرور وعدم التأثير سلبا على مصالح المواطنين ولكن على رغم هذا الجهد والتعاون من الأطراف كافة تحدث اختناقات في السير... والقانون ينبغي له أن يراعي مصالح الجميع وليس فئة على حساب الفئات الأخرى سواء كانوا منظمي المسيرة أو الحكومة أو المواطنين الآخرين... وإلا كان هذا القانون مبتورا! ولابد لي من أن أحب للآخرين ما أحبه لنفسي وهذا ما علمنا عليه الدين الإسلامي الحنيف وهذا خلق أهل البحرين.
وبشأن اتهامات الشيخ الديهي بتعارض مقترح التعديلات مع الدستور والمواثيق فأورد ما يذكره العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة : «يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به ولا يجوز ان توضع القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو الصحة العامة او الآداب العامة او حماية حقوق الآخرين وحرياتهم» يجب أن نأخذ النص كاملا حتى لا نقول لا تقربوا الصلاة ونسكت!
دعونا ننظر إلى القيود التي وردت على التعديلات التي تم تمريرها على قانون التجمعات ونقارنها بنصوص الدستور والنصوص الحقوقية ولنرى إن كانت هناك مخالفة! ونحن مع إطلاق الحريات ولكن ليس عندما تتعارض مع حريات الآخرين...
* وهل انتم راضون عن تعديلات النواب في شكلها النهائي؟
- محمد بو حمود: ليس الامر أن نرضى أو لا نرضى! يجب ان يكون لكل جهة دور في هذا الأمر فنحن رفعنا وجهة نظرنا إلى السلطة التشريعية التي قامت بدورها ونحن سنلتزم بتطبيق ما تقره هذه السلطة وهذا اساس الفصل بين السلطات واحترامها... وكذلك الوضع بالنسبة إلى القضاة إذ يجب ان نحترم أحكامهم القضائية حتى لو لم تعجبنا هذه الأحكام ولا نملك ان ننتقدها أو نسفهها أو نشكك فيها.
ابراهيم شريف: يقولون إن الشيطان يكمن في التفاصيل! المادة الدستورية رقم تنص على أنه «لا يجوز تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه، ولا
العدد 1371 - الأربعاء 07 يونيو 2006م الموافق 10 جمادى الأولى 1427هـ