العدد 1386 - الخميس 22 يونيو 2006م الموافق 25 جمادى الأولى 1427هـ

صغر أسواق الأسهم في المنطقة سبب رئيسي لانهيارها

واضاف برأيي أن السبب الرئيسي وراء انهيار الأسواق في المنطقة يعود إلى صغر الحجم الفعلي لهذه الأسواق مقارنة مع حجمها الاسمي وحجم الاقتصاد. فمنذ البداية لم تكن تركيبة الأسواق الخليجية مهيأة لطفرة هائلة على صعيد السيولة، فارتفاع أسعار النفط وزيادة الإيرادات النفطية رفع معدلات السيولة في الأسواق بشكل مفاجئ وبدرجة غير مسبوقة، ولم تكن السوق مهيأة لذلك، فالقدرة الاستيعابية الفعلية محدودة.

وهذا يعود بالأساس إلى أن هناك تركيزاً كبيراً في ملكية الأسهم وخصوصاً بالنسبة إلى الحكومات التي تسيطر على نسب كبيرة من الشركات المساهمة العامة، لذلك عندما انهالت الطلبات للشراء كان المعروض للبيع محدودا، وبالتالي تضخمت القيمة السعرية للأسهم المتاحة للتداول بصورة هائلة، ما جعل العملية التصحيحية الحادة والمؤلمة تطورا لا مفر من وقوعه.


صغر الحجم الفعلي لأسواق الأسهم في المنطقة سبب رئيسي لانهيارها... والأسواق الخليجية غير مهيأة لطفرة هائلة على صعيد السيولة

دبي - رسملة للاستثمار

هوت حديثاً أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل حاد منهية بذلك ثلاثة أعوام من الارتفاعات القياسية بدأتها العام ، ففي المملكة العربية السعودية وبعد أن وصل أداء السوق إلى أعلى مستوياته وسجل ألف نقطة في فبراير/ شباط الماضي، إنهار مؤشر سوق الأسهم السعودي ليفقد أكثر من في المئة من قيمته، وبصورة مشابهة، فقد سوق دبي المالي أكثر من نصف قيمته منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، كذلك تعرضت أسواق الأسهم في أبوظبي والكويت وقطر لخسارات مشابهة.

وقال علي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة رسملة للاستثمار، سمير الشهابي ان الكثيرين من مراقبي السوق يعزون سبب هذا الانهيار إلى عدة عناصر مثل ما يقال عن تلاعب كبار المضاربين في الأسواق بالإضافة إلى تغييرات مفاجئة في القوانين الرقابية، ولكن برأيي هذه جميعها، إن صحت، ليست هي السبب الرئيسي أو الجوهري وراء انهيار السوق.

واشار قائلا: «إنني أعتقد أننا لم نقم بتشخيص صحيح لعوامل هذا الانهيار ولهذا قد لا نعرف بعد أساليب العلاج المطلوبة الآن، فالعلاج الناجع لأي داء يتطلب أولا التشخيص الصحيح».

واضاف برأيي أن السبب الرئيسي وراء انهيار الأسواق في المنطقة يعود إلى صغر الحجم الفعلي لهذه الأسواق مقارنة مع حجمها الاسمي وحجم الاقتصاد. فمنذ البداية لم تكن تركيبة الأسواق الخليجية مهيأة لطفرة هائلة على صعيد السيولة، فارتفاع أسعار النفط وزيادة الإيرادات النفطية رفع معدلات السيولة في الأسواق بشكل مفاجئ وبدرجة غير مسبوقة،

ولم تكن السوق مهيأة لذلك، فالقدرة الاستيعابية الفعلية محدودة. وهذا يعود بالأساس إلى أن هناك تركيزاً كبيراً في ملكية الأسهم وخصوصاً بالنسبة إلى الحكومات التي تسيطر على نسب كبيرة من الشركات المساهمة العامة، لذلك عندما انهالت الطلبات للشراء كان المعروض للبيع محدودا، وبالتالي تضخمت القيمة السعرية للأسهم المتاحة للتداول بصورة هائلة، ما جعل العملية التصحيحية الحادة والمؤلمة تطورا لا مفر من وقوعه.

وذكر الشهابي ان الأسواق المالية في الخليج تخضع لسيطرة شركات عملاقة مملوكة بمعظمها من قبل الحكومات، ويعني ذلك توفر كمية محدودة من الأسهم المخصصة للتداول العام. فعلى سبيل المثال، تمتلك حكومة المملكة العربية السعودية أكثر من في المئة من القيمة السوقية لشركة سابك (الشركة السعودية للصناعات الأساسية).

أما شركة الاتصالات السعودية فتبلغ حصة الحكومة فيها ما يقارب في المئة. وتشكل القيمة السوقية لهاتين الشركتين أكثر من في المئة من القيمة الإجمالية لسوق الأسهم السعودية.

وقال يتكرر المشهد في الإمارات العربية المتحدة، وخصوصاً في سوق دبي المالي، حيث تشكل شركة إعمار، والتي يعود أكثر من في المئة من ملكيتها لحكومة دبي، ما يقارب في المئة من قيمة السوق الإجمالية. بينما تشكل شركة اتصالات، التي تبلغ حصة الحكومة فيها في المئة، نحو في المئة من قيمة سوق أبوظبي المالي. وذكر قائلا أما الآن، ونحن ننظر إلى المستقبل القريب، فلا يوجد، في رأيي، سبب استراتيجي لاستمرار امتلاك الحكومات لهذه الأسهم. فالسبب التاريخي لهذه الملكية لم يعد موجودا،

لقد أنشأت الحكومات شركات عملاقة في قطاعات اقتصادية حيوية ومهمة مثل الصناعات الأساسية والاتصالات في فترة لم تتوافر فيها القدرة عند القطاع الخاص للقيام بمثل هذه المشروعات، سواء كانت تلك القدرة تمويلية أو القدرة على المخاطرة أو حتى الطاقة على تحمل استثمارات طويلة الأجل كهذه.

واوضح الشهابي ان الحكومات قد قامت بدور رائد في إنشاء هذه الصروح الاقتصادية، ولكن هذه الشركات وصلت الآن مرحلة النضوج والربحية ولذلك انعدم المبرر وانتهت الضرورة لتملك الحكومات لهذه الشركات. وهنا نقر أن هذه الشركات تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني، ويجب لأية حكومة أن يكون لها صوت مؤثر في مثل هذه الشركات، ولكن أية حكومة، نظراً إلى موقعها السيادي،

تستطيع أن تؤثر على هذه الشركات بعد تخصيصها من خلال هيئات رقابية رسمية تؤمن ما تتطلبه المصلحة الوطنية من هذه الشركات. وهنا نكون قد فصلنا بين دور المالك والدور السيادي الرقابي الضروري لأية حكومة في اقتصادها المحلي.

وأوضح الى ان التدفقات الهائلة في السيولة في على الأسواق المالية الخليجية قوبلت ببيع الحكومات لأسهمها لما حصلت الفقاعة. بالطبع من السهل أن يفتي المرء بأثر رجعي، ونحن نقدر أن أي حكومة في العالم بطبيعتها لا تستطيع أن تتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية بشكل سريع جدا،

لأنها مضطرة أن تستبق أي قرار بدراسة شاملة وإجماع في الدوائر المختصة وهذا مستحيل في الظروف السريعة التطور كما حدث في أثناء فقاعة الأسهم الأخيرة. ولكننا يمكن الآن أن نستفيد من دروس الماضي والبدء بتصحيح الخلل لتجنب مثل هذه الفقاعة التي من الممكن أن تتكرر مستقبلا.

وقال إن السؤال اليوم هو كيف نعيد النشاط إلى هذه الأسواق. مشيرا الى أن صغار المساهمين في طريقهم للخروج من الأسواق ولن يعودوا إليها قريبا، فلقد دخلوا هذه الأسواق على أسس خاطئة ألا وهي أن الاستثمار بالأسواق المالية المحلية عملية مضمونة الربح وخالية من المخاطر، وبالطبع هذه الرؤية المغلوطة ظهرت لهم جميعا الآن وهم حاليا في وضع من يحاول أن ينقذ ما يمكن إنقاذه والهروب إلى مناطق أكثر أمنا. لهذا فإن الأموال التي ستدخل الأسواق الآن ستكون مؤسساتية،

أي العائدة إلى مؤسسات استثمارية متخصصة في المنطقة، وهذا لأن هذه المؤسسات تعمل بتجرد من العاطفة والإشاعات وتستثمر بناء على أسس تحليلية بحتة.

إن قوة الاقتصاد الخليجي واستمرار عملية الإصلاح الاقتصادية والتصحيح في أسعار الأسهم الأخير، كلها تشجع المؤسسات الاستثمارية أن تنظر بجدية إلى دخول الأسواق الآن. وقال ربما أن حجم المؤسسات الاستثمارية في المنطقة مازال متواضعا فقد لا تؤدي هذه العملية إلى ضخ مبالغ كافية إلى الأسواق، وهذا يجب أن يدفع الجهات الرقابية إلى التفكير بشكل جدي بفتح الأسواق بشكل كامل من دون قيود للاستثمار المؤسساتي الأجنبي، فالمؤسسات الأجنبية لديها الرغبة والسيولة لدخول أسواق المنطقة بشكل كبير، وهنا يمكن للحكومات مراقبة هذه التدفقات المالية لتجنب حصول فقاعة ثانية جديدة وذلك من خلال التحكم في بيع أسهمها في الشركات القيادية. فعندما يزداد الطلب تقوم الحكومات ببيع جزء من الأسهم لتتحكم بنسبة الارتفاع، فيمكن على سبيل المثال أن تبيع الحكومات أسهمها عندما ترتفع قيمة الأسواق إلى أكثر من في المئة سنويا لتمتص السيولة. وقال إن فتح الأسواق للاستثمار المؤسساتي الأجنبي وتخصيص الشركات سينتج أسواقا واعدة ومستقرة وعميقة ما سيدعم عملية تطور الاقتصادات الخليجية بشكل صحي وسليم

العدد 1386 - الخميس 22 يونيو 2006م الموافق 25 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً