تثير سياسة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد بعد سنة من وصوله الى الحكم، قلق الاقتصاديين الايرانيين الذين يتخوفون من تضخم كبير مفاجئ، ولو ان وعوده بالعمل على «توزيع عادل للثروات» تحظى بشعبية كبيرة.
ووجه خمسون خبيرا في الاقتصاد قبل أيام من ذكرى انتخاب أحمدي نجاد في يونيو/ حزيران تحذيرا في هذا الاتجاه، متخوفين من تضخم ينتج عن اعتماد الموازنة بدرجة كبيرة جدا على العائدات النفطية.
وفي حال تراجع هذه العائدات، سيتسبب الامر تلقائيا بتراجع استيراد المواد الاستهلاكية الضرورية المدعومة الى حد كبير.
وقال الاقتصاديون في رسالة موجهة إلى الرئيس الايراني ان هذا التراجع في حال حصوله سيتسبب «بتضخم بنسبة في المئة إلى في المئة وستلي ذلك صدمة اقتصادية قوية».
ورأوا ان استمرار ارتفاع العائدات النفطية لتصل الى مليار دولار هذه السنة، كما يتوقع الخبراء في القطاع (و مليار دولار بحسب وزير النفط)، مقابل مليار السنة الماضية، وضخ هذه العائدات بكثافة في الاقتصاد سيؤدي الى استمرار تغذية التضخم.
وبلغت نسبة التضخم خلال السنة الايرانية الماضية التي انتهت في مارس/ آذار . في المئة بحسب التقديرات الرسمية، الا ان مصادر غير رسمية تقدرها بالضعف تقريبا.
ورأى النائب المحافظ والعضو في اللجنة الاقتصادية البرلمانية غلام رضا صباحي الاربعاء ان «الحكومة والغالبية النيابية تجاهلتا لدى اقرار الموازنة انعكاسات زيادة النفقات استنادا الى العائدات بالعملات الصعبة». ذلك ان هذه النفقات تشمل دعما كبيرا من أجل الابقاء على سعر متدن جدا للتر البنزين يساوي سنتات من الدولار، وزيادة للحد الادنى لاجور الموظفين ذوي العقود القصيرة الأجل.
وأعلن وزير النفط الايراني كاظم وزيري همانه الجمعة ان ايران ستوقف استيراد البنزين وتقنن توزيعه اعتبارا من سبتمبر/ أيلول المقبل، موضحا انه «نظرا إلى انه لا يوجد بند خاص بمخصصات استيراد البنزين في موازنة النصف الثاني من العام (...) فمن الطبيعي وقف واردات البنزين وتقنين توزيعه».
الا ان نائبين ايرانيين بارزين قالا الاحد ان خطة ايران لوقف استيراد البنزين وتقنينه غير قابلة للتطبيق في الوقت الحاضر، لان المجتمع كله «سيعاني» في حال اعتمادها.
واشارا الى ان قانون موازنة العام الجاري يجبر الحكومة على تقنين البنزين فقط في حال اتخاذ تدابير من اجل تطوير النقل العام والسيارات العاملة على الغاز.
ومن العوامل الاخرى المتسببة بالتضخم، الامر الذي اعطي للمصارف بتخفيض نسبة الفوائد، وانشاء صندوق لمساعدة المتزوجين حديثا على ايجاد مسكن او تأسيس عمل. وبالتالي، سجلت الموازنة التي تم اقرارها للسنة الجارية ارتفاعا بنسبة في المئة وبلغت مليار دولار.
وقال محلل اقتصادي غربي في طهران رافضا الكشف عن هويته لوكالة «فرانس برس»: «ان ارتفاع أسعار النفط الى هذا الحد سيدفع الحكومة الى زيادة مصروفاتها».
واضاف «سيكون المنطق المعمول به ان لا حاجة الى التوفير للايام الصعبة».
وكان الرئيس الايراني تعهد لدى تسلمه مسئولياته في اغسطس/ آب بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والتوظيف، وبتعزيز القدرة الشرائية و«ايصال عائدات النفط الى موائد العائلات».
ومنذ ذلك الحين، افاد من زياراته المنتظمة الى المحافظات الإيرانية لتقديم مساعدات الى الاكثر فقرا بينها.
في الوقت نفسه، تستمر اسعار المواد الاستهلاكية بالارتفاع. ولاتزال الدولة تسيطر على الاقتصاد الذي كانت تتحكم بنسبة في المئة منه في . ولم يبدأ العمل بمشروع الخصخصة الخجول الذي وضع قبل وصول احمدي نجاد الى الحكم. واعلن الرئيس الايراني في الثامن من يونيو انه «اعطى الامر الى وزراء الاقتصاد والصناعة بوضع حد لاي عملية خصخصة تتجاهل حقوق الناس».
وقال «لا تسمح هذه الحكومة بنهب أموال الشعب باسم الخصخصة». ويقول المدير السابق لغرفة التجارة في طهران محمد رضا بهزديان، ان الرئيس «لا يؤيد مبدأ الخصخصة. فهذا يعني نقل الاستثمار والسلطة الى القطاع الخاص، الامر الذي يتعارض مع ايديولوجية الحكومة».
واوضح لوكالة «فرانس برس» ان حكومة أحمدي نجاد «تستخدم اموال النفط من اجل دعم الاقتصاد والاحتفاظ بسيطرتها على سير الامور»، مضيفا «هنا، الاقتصاد في خدمة السياسة»
العدد 1390 - الإثنين 26 يونيو 2006م الموافق 29 جمادى الأولى 1427هـ