العدد 3267 - الأربعاء 17 أغسطس 2011م الموافق 17 رمضان 1432هـ

هل قايض الأميركيون حريتهم مقابل الأمن؟

أدى تعزيز الإجراءات الأمنية بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول في الولايات المتحدة مصحوباً بالموافقة الضمنية على التعذيب ورد الفعل الناقم على المسلمين إلى جعل المجتمع الأميركي أقل حرية ما كان عليه قبل عشرة أعوام، بحسب الخبراء.

ويبدو أن تآكل القيم الأميركية الأساسية والتكاليف الهائلة للأمن الداخلي التي تضاف إليها حربان في أفغانستان والعراق سمحت لـ «القاعدة» بتحقيق بعض أهدافها.

لكن غالبية الأميركيين لا تبدو ممتعضة من الأمر. ففي استطلاعات الرأي أعربت أكثرية منهم عن استعدادها للتنازل عن بعض الحقوق المدنية مقابل بلاد أكثر أماناً، فيما اعتبر ربعهم بالكاد أن تعذيب المشتبهين بالإرهاب ليس مبرراً في أي حال كان.

وقالت مستشارة منظمة (هيومن رايتس ووتش)، أندريا بارسو لـ «فرانس برس»: «أجاب عدد من الأشخاص بإيجاب حازم جداً لأنهم يعتبرون أن إجراءات على غرار التنصت من دون تفويض لا تحدث إلا مع الآخرين».

وتابعت «التاريخ أثبت أن هذا ليس صحيحاً. فما أن تملك الحكومة صلاحية لا تتخلى عنها على الإطلاق».

وقال مستشار منظمة حقوق الإنسان النافذة «أي سي إل يو»، مايكل جيرمان «إن هذه التعديات لا تقتصر على الحريات الشخصية لأفراد يتهمون ظلماً بل أيضاً على دولة القانون» بسبب «استخدام مفرط للسرية».

ويدرس الكونغرس مشروع قانون يجيز احتجازاً غير محدود من دون محاكمة، وهي مسألة كانت لتبدو قبل 11 سبتمبر من وحي الخيال وكذلك موافقة رئيس أميركي على تقنية «الإيهام بالغرق» وغيرها من وسائل «الاستجواب القاسي» التي يعتبرها البعض من صنوف التعذيب.

وقالت براسو «لم تكن الولايات المتحدة بلغت تلك المرحلة قبل عشر سنوات. لعبت دور قائد غير مثالي لكنه قائد في تعزيز حقوق الإنسان». وأضافت «يسعى الإرهابيون إلى تغيير بلاد أو شعب، وهذا ما يحصل».

وقال بن فيزنر من «أي سي إل يو» إن الرد غير متناسق مع التهديد نظراً إلى قلة الهجمات على الأراضي الأميركية منذ 11 سبتمبر. وأضاف أن الأكثر فتكاً بينها كان هجوم فورت هود بتكساس العام 2009 وأسفر عن مقتل 14 شخصاً وجرح 29، وهي حصيلة لا يمكن مقارنتها بحوإلى 30 ألف قتيل يسقطون في حوادث السير سنوياً.

وقال فيزنر «إنه تهديد حقيقي لكنه لا يهدد وجودنا»، وتابع «لكننا نتعاطى معه وكأنه الحرب العالمية الأولى».

واستدعت الحرب على الإرهاب تعزيزاً غير مسبوق لمراقبة البريد الإلكتروني والاتصالات الهاتفية والتحويلات المالية لمواطنين أميركيين وأجانب وتخزينها في قواعد بيانات هائلة.

غير أن المسئول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، رون ماركس أكد أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لا مفر منها، وهو اليوم خبير في مؤسسة الأمن الداخلي في جامعة جورج واشنطن.

وقال محذراً «لا عودة إلى ما قبل 11 سبتمبر. فالجني خرج من القمقم»، وتابع «سنضطر إلى مضاعفة انتهاك الخصوصية».

وأوضح أن «الهجمات شكلت صدمة لجميع الأميركيين، المشكلة هي أن الحكومة (...) استخدمت مع الأميركيين أدوات طورت منذ سنوات لتستهدف أعداء» البلاد ووجهت بشكل خاص ضد المسلمين والمهاجرين، على حد قوله.

كما أعرب ماركس عن «القلق حيال نظرة الجمهوري»، مشيراً إلى «فقدان المرونة» تجاه الأفكار المختلفة والحذر العميق من المسلمين.

وقال مدير مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في ميتشيغن، داود وليد إن الكثير من المسئولين الجمهوريين يستغلون هذا الحذر «كاستراتيجية حملتهم». وأضاف أن «الخطاب السياسي صار مناهضاً للإسلام بشكل صريح وبات جزء كبير من الشعب يتقبله»، مؤكداً أن «هذا الأمر مخيف»

العدد 3267 - الأربعاء 17 أغسطس 2011م الموافق 17 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً