وجّهت الجمعيات الليبرالية (وعد والتجمع القومي والمنبر التقدمي) نداءً إلى جلالة الملك لإطلاق مبادرة ترمي إلى إخراج البحرين من أوضاعها المقلقة، وإعادتها إلى روح المشروع الإصلاحي الذي انطلق مطلع الألفية الثالثة، من أجل حياة حرة وديمقراطية كريمة لأبناء الوطن كافة، تكرس المملكة الدستورية ودولة المواطنة المتكافئة والمتساوية في الحقوق والواجبات التي تضمن العدل والمساواة والكرامة لجميع أبناء هذا الوطن الغالي.

وتأتي هذه الدعوة - وفقاً للجمعيات الثلاث - من منطلق الحرص الوطني الثابت والمبدئي على مصالح البلاد العليا في ترسيخ مبادئ الاستقلال الوطني والتطور الديمقراطي والإصلاح السياسي والاقتصادي والوحدة الوطنية، ومن منطلق الشعور بالمسئولية التاريخية في الحيلولة دون انحدار الأوضاع إلى منزلقات أمنية وطائفية لا تُحمد عقباها، ويصعب فيما بعد السيطرة عليها وعلى تداعياتها الخطيرة، والتزاماً بالنهج الوطني الجامع الذي يتسامى فوق التجاذبات والمصالح الطائفية والمذهبية وينشد العدالة والمساواة والخير لأبناء الشعب كافة، واستقرار المملكة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وقد اجتمع ممثلون عن قيادات الجمعيات الثلاث، إذ استعرضوا بإسهاب تطورات الوضع الوطني في البلاد، ولاحظوا بقلق بالغ أن هذه التطورات تأخذ مساراً خطيراً وسلبياً يجرّ معه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية نحو المجهول، إذ لا أفقَ واضحاً للإصلاحات السياسية، كما أن الاحتقان الأمني، وسط استمرار حالات الفصل والاعتقال والانتهاكات الإنسانية يخيم على البلاد، وهي أمور تخلق أجواء غير مؤاتية لإجراء الانتخابات النيابية التكميلية، ما دفع هذه الجمعيات لإعلان تعذر مشاركتها فيها لما ستؤدي إليه من إضافة عنصر جديد إلى عناصر الأزمة، وقد أوضحت هذه الجمعيات ذلك بتفاصيل أكبر في البيانات التي أصدرتها حول هذا الموضوع.

وأشارت الجمعيات الثلاث إلى أنها تمثل تيارات سياسية مهمة ساهمت طوال مسيرتها النضالية في تعزيز وحدة مجتمعنا واستقلال بلادنا والشرعية الدستورية التي يتمتع بها الحكم، كما ناضلت بالوقت نفسه إلى جانب جماهير الشعب من أجل مطالبها الدستورية والديمقراطية والاقتصادية العادلة، وقدمت الكثير من التضحيات على هذا الطريق، وهي تشعر اليوم وبقلق بالغ بمخاطر استمرار الأوضاع الحالية من دون معالجات وطنية سليمة، إذ تهدد هذه الأوضاع بإلحاق أفدح الأضرار بالسلم الاجتماعي والمشروع الإصلاحي والوحدة الوطنية وحياة الناس الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن السعي الحثيث من قبل البعض لتعميق الشرخ الطائفي وتقسيم المجتمع إلى مذاهب وطوائف.

وأوضحت الجمعيات الثلاث أنها شاركت بإيجابية كاملة في الحوار الوطني وكانت تراهن على ترجيح صوت العقل والرشد في معالجة الملفات التي طرحت في الحوار خصوصاً الملفات السياسية التي كانت ولاتزال تمثل جوهر الأزمة في البلاد، ولكن للأسف جاءت مخرجات الحوار لكي تبقي تلك الأزمة على حالها من دون حلول مُرضية وطنياً وسياسياً، وتراجع القائمون على الحوار عن رفع مرئيات المعارضة السياسية لجلالة الملك، وذلك خلافاً لما أكد عليه رئيس الحوار مع بدء جلساته.

ودعت الجمعيات الثلاث إلى «تأجيل الانتخابات النيابية التكميلية المزمع إجراؤها خلال شهر سبتمبر/ أيلول المقبل لحين تهيئة الأجواء السياسية والاجتماعية الملائمة، إعادة فتح الحوار بين الحكم والقوى السياسية في البلاد لبلوغ تسوية تاريخية قابلة للاستمرار، تنطلق من المبادئ الواردة في مبادرة سمو ولي العهد التي أعلنها خلال شهر مارس/ آذار الماضي وتكون خريطة طريق وقاعدة لهذه التسوية، إعادة المفصولين إلى أعمالهم فوراً وإطلاق سراح المعتقلين دون وجه حق، ووقف الانتهاكات الأمنية، وقف الخطابات الطائفية التحريضية أياً كان مصدرها، ولاسيما من خلال وسائل الإعلام الرسمية والصحف والمنابر الدينية، مبادرة علماء الدين في الطائفتين الكريمتين للقاء والتشاور لوضع مبادئ وأسس لمبادرات تعيد بناء اللحمة الوطنية بين أبناء الوطن كافة، بعد الانفراج الأمني والسياسي، يتزامن إعادة فتح الحوار، بالتزام الأطراف كافة بتهدئة الشارع ووقف المواجهات الأمنية».

وأكدت الجمعيات الثلاث رغبتها في لقاء جلالة الملك، والتي سبق أن عبرت عنها في الخطاب المرفوع إلى جلالته بتاريخ 23 يوليو/ تموز 2011، انطلاقاً من ثقتها في حكمة جلالته وقدرته على قيادة البلاد نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان وفق ما نص عليه الدستور وميثاق العمل الوطني والمواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتسليم البحرين للأجيال المقبلة وهي تنعم بالأمن والاستقرار والطمأنينة والرفاه للجميع