لايزال قطاع المال الإسلامي مستمراً في منهجية التوسع التي دفعت هذا القطاع إلى نمو كبير خلال السنوات الخمس الماضية إذ فرض القطاع المصرفي الإسلامي نفسه على قطاع المال العالمي و بات انتشار المصارف الإسلامية واضحاً للعيان، كما باتت أدوات هذه المصارف أكثر فاعلية و تلقى إقبالاً واسعاً من مختلف شرائح المجتمع.

ولأن إنشاء أدوات تمويل عملية متوافقة مع الشريعة الإسلامية وسوق ثانوية قوية لها يتطلب توافر مصارف ومؤسسات مالية برؤوس أموال مناسبة فقد تضاعف عدد المصارف الإسلامية في السنوات الماضية بشكل ملفت في مختلف أنحاء العالم ففي سورية يتوقع أن يكون العام 2006 عام المصارف الإسلامية اذ تنظر الحكومة السورية في الكثير من الطلبات من أجل الترخيص لمصارف إسلامية ومن المتوقع أن يكون البت في هذه التراخيص قريباً جداً. وترى الأوساط الاقتصادية في سورية أن فتح الباب أمام دخول هذا النوع من العمل المصرفي إلى السوق السورية سيكون لها دور مهم في جذب المدخرات المالية وتطوير السوق المصرفية والمالية وتمويل المشروعات التنموية في سورية. كما يعتبرون السماح للمصارف الإسلامية بالعمل في سورية خطوة مهمة لأن هذه المصارف قادرة على تقديم مشروعات يحتاج إليها الكثيرون ممن يتقبلون التعامل معها، اذ إن شريحة واسعة من الشعب السوري يهتم بالمصارف الإسلامية كوسيلة وآلية لاستثمار أمواله ولذلك كان من الضروري إيجاد مثل هذه المصارف منوهين إلى أن الدول الأوروبية أقرت المصارف الإسلامية وسمحت لها بالعمل كما أن تجربة المصارف الإسلامية حققت نجاحات وانجازات واختراقات في تنمية العمل المصرفي في العالم العربي والإسلامي. وفي الوقت الذي ينمو فيه القطاع المالي الإسلامي بوتيرة متسارعة إلا أنه مازال يعاني من عوامل كثيرة تعرقله أبرزها ضحالة الأسواق الثانوية ومحدودية المنتجات المالية، وعليه فقد كشف المصرفي السعودي صالح كامل عزمه إنشاء مصرف إسلامي عملاق يحمل اسم مجموعة اعمار الدولية و يبلغ رأس ماله مليار دولار يدفع على دفعات بحسب الطلب ليكون أول مصرف إسلامي خاص من نوعه من حيث رأس المال، ومن المتوقع أن يكون من بين مؤسسي المشروع مصارف إسلامية ومصارف تقليدية وأفراد أثرياء وصناديق للمعاشات والتأمين والأوقاف.

وفي ماليزيا كشف بنك »إسلام ماليزيا« التابع لمؤسسة »بي.أي.إم.بي هولدنجز« المالية عن تلقيه موافقة البنك المركزي على قيام مجموعة دبي للاستثمار بالبدء في دراسة شراء محتمل لحصة نسبتها 49 في المئة في المصرف اذ ستربط هذه الشراكة المقترحة بين مركزين رئيسيين للتمويل الإسلامي. وفي البحرين أعلن بنك البحرين الإسلامي اختياره كممول إسكاني وحيد لأول مجمع سكني متكامل في مملكة البحرين »رفاع فيوز« اذ سيقوم المصرف بتمويل الراغبين في الاستفادة من المشروع عبر أحدث منتجاته »التمويل العقاري« والذي تم طرحه حديثاً من خلال برنامجه الجديد »إجارة منتهية بالتمليك« من الحلول الإسكانية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والتي تم طرحها في السوق المحلية حديثاً لجميع الراغبين من البحرينيين وغير البحرينيين والذي يمنح من خلاله تمويلاً عقارياً يصل إلى 200 ألف دينار بحريني وتمتد فترة السداد فيه حتى 20 عاما. ومن جهته أعلن مصرف الشامل عن إطلاق مضاربة »الشامل« في العقارات الصينية التي تبلغ قيمتها 100 مليون دولار أميركي، والتي تعتبر أول استثمار إسلامي على الإطلاق في سوق العقارات الصينية اذ ستقوم مجموعة CITIC الصينية - واحدة من بين أكبر الكيانات الاقتصادية المملوكة للدولة في الصين بإجمالي قيمة أصولها التي تربو على 86 مليار دولار بإنشاء استثمارات عالية الجودة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في مجال مشروعات تطوير الأراضي والعقارات السكنية والتجارية والصناعية التي تنطوي على احتمالات كبيرة لتحقيق أرباح على رأس المال.

وقد قام رعاة الصندوق بالمساهمة بنسبة 20 مليون دولار من إجمالي قيمة الاكتتاب رأس مال شركة الصندوق، اذ استثمر مصرف الشامل ومجموعة CITIC مبلغ 12,5 مليون دولار ومبلغ 7,5 ملايين دولار على التوالي.

ومن جهة أخرى أعلن في الإمارات عن إدراج بورصة دبي العالمية صكوك »مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي« والتي تمثل أكبر إصدار للصكوك في العالم بقيمة 3,5 مليارات دولار إذ تعد هذه الصكوك أول أداة مالية قابلة للتحويل في أسواق المال الإسلامية، كما يعد هذا الإدراج تتويجاً للنجاح الكبير الذي حققته عملية الإصدار.

وتتيح هيكلية الصكوك القابلة للتحويل استرداد ما يصل إلى 30 في المئة على شكل أسهم في الشركات التابعة لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة عند طرحها للاكتتاب العام في غضون العامين المقبلين، وفي حال عدم إجراء هذا الاكتتاب قبل موعد الاستحقاق النهائي، فإنه سيتم تعويض المستثمرين بمعدل ربح أعلى، ويتوقع أن تلعب بورصة دبي العالمية دوراً أساسياً ومحورياً في إدراج إصدارات الصكوك الإسلامية في المرحلة المقبلة