عمامتان وأربعة عشر تكنوقراطياً وامرأة»، أم «تكتوقراطيان وأربع عشرة عمامة وامرأة»، على أيهما تستوي سفينة «الوفاق» الانتخابية، أم أن «قائمة» من «المستقلين» «المتوقعين» «الغاضبين» من الأسماء المختارة ستفرض على «الوفاق» أمراً واقعاً.
تزخر مخيلة الوفاقيين بالأسماء، بينهم رجال دين، وتكنوقراط، وقدامى في النضال السياسي، و«قانونياً» للأمين العام حق الترشيح، ولمجلس شورى الوفاق حق القبول أو الرفض، وما بين «حق» الترشيح من الشيخ علي سلمان، و«حق» القبول والرفض من مجلس شورى الوفاق «صفقات» وعمليات «مقايضة»، بعضها كشف، والبعض الآخر مازال في طي الكتمان، صرح بذلك «مصدر مسئول» هدد بالمقاضاة والرد بالتكذيب، إن تم الكشف عن اسمه.
وحتى يعرف خيط الانتخابات الأبيض من خيطها الأسود، لنا أن نبعث بتهنئة ضمنية للبحرين قاطبة، إذ ستشهد خلال الأشهر القليلة المقبلة أول انتخابات تشريعية تشارك بها جميع القوى السياسية، ويقول قائل: ثمة بعض القوى أعلنت المقاطعة كـ «حق»، إلا أن نتذرع بأن نسب المشاركة في الدوائر الانتخابية ذات الغالبية الشيعية هي من ستكون الفيصل في إثبات هذا التوصيف، أو نقضه، وما لدينا من خيار، خلا أن ننتظر.
وفي خضم هذه الأجواء الملبدة، ثمة الكثير من النقاط والأسئلة التي لابد من أن تكون محاور للتفكير والبحث، منها:
«من الصعب أن تنتصر قوائم المرشحين التكنوقراط على رجال الدين، والحال إن كانت قائمة الوفاق «علمائية» فإنه سيكون من الصعب إيجاد تجانس سياسي بين كتلة الوفاق وبين باقي الكتل داخل المجلس التشريعي، كما ان فاعلية كتلة الوفاق داخل اللجان المتخصصة محدودة إن لم تكن معدومة.
ثمة من يتجه إلى اعتبار قوائم التكنوقراط أنها قوائم «مخترقة» ببعض الشخصيات الوصولية، مثل هذا الخطاب لاقى بعض الرواج إلا أنه خضع إلى السيطرة داخل الوفاق، إلا أنه في حال صدق مثل هذه التنبؤات هل ستشهد كتلة الوفاق انشقاقات داخلية بعد وصولها المجلس.
تعاني الوفاق من ندرة الفاعلية الانتاجية لكوادرها المتخصصة، ما يحيل إلى ضرورة التركيز خلال الأشهر المقبلة على إنجاز ما يمكن إنجازه من تشريعات ونظم ورؤى اقتصادية وتنموية وتعليمية، والهدف هو الحصول على أوراق لعب إضافية داخل المجلس المنتخب.
هناك اعتقاد سائد بأن اختيار الوفاق لمرشحين «دينيين تقليديين» سيتسبب في زيادة الاحتقان الطائفي داخل المجلس، ما يجعل الأمور أشد تعقيداً، وهو ما يتناقض مع مبررات المشاركة التي ساقتها «الوفاق» لنزوحها نحو المشاركة بهدف التخفيف من الاحتقان الطائفي.
ثمة من يراهن على أن ضغوطا عدة تمارس على الأمين العام للوفاق قد تتسبب في إجباره على إقحام بعض الأسماء لقائمة المرشحين على رغم عدم اقتناع مجلس شورى الوفاق بها.
ثمة رأي وجيه، يعتمد على أنه لابد للوفاق حتى تدرأ عن نفسها الاجتهادات الشخصية للمرشحين أن تتبنى برنامجاً سياسياً وانتخابياً واضح المعالم منذ الآن. وهذا البرنامج تدور حوله الكثير من النقاشات والاختلافات، بين أن يكون سياسياً دستورياً، أو أن يكون ذا طابع «خدمي» أو«قانوني».
ثمة حال من التلميحات المباشرة برفض الوصاية الدينية على المرشحين، بمعنى ألا تكون خيارات التصويت مثلاً حكماً «شرعياً» يخرج من خطب الجمعة، وفي هذه الاشكال مناطق حمراء داخل البنية التأسيسة الايديولوجية لجمعية الوفاق لا يقوى على التصريح بها مرشح «تكنوقراطي» يود تمرير ترشيحه.
المزيد من التحمل:
قد يسأل سائل، لماذا هذه الحدة على الوفاق منذ بدء إعلانها المشاركة؟، أليس من المفترض بعد أن صدرت السلط الإعلامية سهام نقدها اللاذع للوفاق على خيارها الفائت في الانتخابات الماضية أن تهلل للوفاق، وأن تزفها للمجلس النيابي.
أقول، نعم. لكن الصحيح أيضاً أن كل ما كان من الوفاق كان والبلاد تحفل بالمحاورة وبهدوء نسبي يبعث على الطمأنينة، كانت الوفاق في آوان إعلانها للمقاطعة في انتخابات 2002 كائناً سياسياً هادئاً في مجتمع يتصف بالهدوء. إلا أننا اليوم في هذه الأجواء من الاحتقان السياسي الداخلي والإقليمي والدولي لا نراهن على تجربة شيء ما، حتى نهلل للوفاق مشاركتها، وكما أن خيار المشاركة كان الخيار الأوحد للوفاق هذه المرة، فإن خيار النجاح داخل البرلمان هو أيضاً الخيار الوحيد أمامها، وإذا كان خيار المشاركة خياراً داخلياً للوفاق، فغن النجاح داخل المجلس النيابي يتطلب جهداً نخشى على الوفاق منه!
يترتب نجاح الوفاق داخل البرلمان على نجاحها في حسم الكثير من القضايا الأولية، تحديد الأسماء المرشحة للدخول في المعركة الانتخابية، تحديد البرنامج الانتخابي، تلاؤم البرنامج والمرشحين، وأخيراً تحديد آليات العمل الداخلية للكتلة النيابية داخل المجلس بما يكفل نجاحها في تحقيق ما ستعد الناس به.
إن إخفاق «الوفاق» منطقة لا لون لها، فليست منطقة حمراء أو صفراء، هي منطقة سوداء لا نطمه البتة للمرور من خلالها. لذلك، على الوفاقيين أن يدركوا حجم الضغوط على الإعلاميين، وأن يدركوا أن الأقلام التي تلسعهم بعض الشيء، تتمنى لهم، وللجمعيات السياسية، وللبحرين كافة كل الخير
العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ