العدد 1360 - السبت 27 مايو 2006م الموافق 28 ربيع الثاني 1427هـ

مسنة أفغانية تحكي قصة فقد عائلتها في غارة أميركية

وصل وعد الرئيس الأفغاني حامد قرضاي بتوفير الأمن في جنوب أفغانستان حيث يصعد عناصر حركة «طالبان» عملياتهم العسكرية، متأخراً بالنسبة إلى بيبي حديقة التي فقدت عائلتها في قصف جوي أميركي على قريتها الأحد الماضي.

وخسرت الجدة التي غزا الشيب شعرها غالبية أفراد عائلتها، أولادها وأحفادها، في قصف جوي على عناصر من «طالبان» كانوا مختبئين في قريتها في منطقة بانجواي. وتتذكر بيبي حديقة أن كل أفراد العائلة كانوا في المنزل الأحد 21 مايو/ أيار. وكان نجلها الأكبر عبدالحق، وهو أب لتسعة أطفال، يستعد للذهاب إلى النوم عندما سطع نور قوي ناتج عن انفجار دمر عالم بيبي إلى الأبد.

وتروي الجدة لوكالة «فرانس برس» من مستشفى ميرويه في قندهار، حيث تلازم حفيدة لها نجت من الهجوم إلا أن إصابتها خطيرة، «رأيت عبدالحق يسبح وسط بركة من الدماء». وتتابع وهي تجهش بالبكاء «رأيته، رأيت أبناءه وبناته، كلهم قتلوا. يا الهي، كل عائلة ابني قتلت». ويتحول صوتها إلى صراخ وهي تقول «رأيت أجسادهم مخلعة». خلال بضع ثوان، خسرت بيبي حديقة وزوجها عبدالأحد عشرة أفراد من عائلتهما. ولم تتوقف مأساة العائلة عند هذا الحد. فقد واصلت طائرات أميركية التحليق فوق المكان حيث يوجد عدد من المنازل المحاطة بجدار، مطلقة النار.

وقتل هذه المرة نجلها الثاني فاز الحق مع زوجته واحد أبنائه وبناته الثلاث، ولم يتجاوز أي من هؤلاء العشرين من العمر. وفقد ابنها الثالث عبدالرزاق ثلاثة من أبنائه. وأصيب هو ما أدى إلى بتر ساقه. وأدركت السيدة العجوز مع طلوع الفجر، أن ابنها الأصغر زهير جان كان أيضا ملقى على الأرض جثة هامدة. فاق الأمر قدرتها على الاحتمال فأغمي عليها، قبل أن تدرك أن خمسة أفراد من عائلة شقيق زوجها قتلوا أيضاً.

وتوفي شقيق آخر لزوجها، وهو فتى، متأثراً بجروحه في مستشفى في قندهار على بعد 35 كيلومتراً من القرية وبلغ مجموع عدد الضحايا من العائلة 25 شخصاً. ويروي فتى في الثانية عشرة أن تسعة أشخاص آخرين من عائلة أخرى قتلوا أيضا في القصف الجوي على مدرسة دينية قديمة في القرية. وكانت العائلة تعيش في هذه المدرسة منذ الإطاحة بنظام «طالبان» من الحكم في نهاية العام 2001.

ويروي الفتى سيدرحيم أن عائلته حاولت اللجوء إلى الجيران بعد أن بدأ إطلاق النار من مروحيات أميركية في باحة المدرسة. ويقول من سرير المستشفى «سقطت قذيفة في الباحة (...) خرجنا من المنزل، ولكن بينما كنا نركض باتجاه منزل الجيران، عادت المروحيات وأطلقت النار مجدداً. فقتل الجميع». ولم ينج من العائلة إلا هو وشقيقه الأصغر وشقيقته.

وأعلنت اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، استناداً إلى شهادات ناجين، أن 34 مدنياً قتلوا خلال القصف الأميركي. بينما قدرت قوات التحالف وحاكم ولاية قندهار القتلى المدنيين بـ 16 بالإضافة إلى 15 جريحاً. وفتح الجيش الأميركي تحقيقا في الحادث، إلا انه ينفي بشدة أن يكون قصف القرية، مشيرا إلى انه استخدم قذائف من عيار 30 ملم مصوباً «بدقة» على عناصر «طالبان» الذين كانوا يتحصنون في منازل القرويين وأعلن أن أكثر من ثمانين عنصراً في الحركة قتلوا في الهجوم.

في مستشفى ميرويه، يقوم عدد من عناصر الشرطة بحراسة ثلاثة جرحى يقولون إنهم من «طالبان»، إلا أن الرجال الثلاثة ينفون ذلك. ويقول أحدهم، محمد ريس من ولاية باكتيكا في الشرق، «أنا لست من طالبان. جئت إلى القرية للمشاركة في حفل زواج أقرباء لي». وقال الثاني الذي بترت ساقه، بصوت خافت، انه جاء إلى القرية لزيارة أقرباء. ويضيف والدموع تملأ عينيه، «لدي ولدان، صبي وفتاة»، فيما يشير الثالث إلى انه غير قادر على الكلام.

ويقول أحد سكان القرية عبدالزاهر الذي يزور أقرباء له في المستشفى «لم نحارب الأميركيين لأنه قيل لنا إنهم يدعمون حقوق الإنسان»، مضيفاً «لو علمنا أنهم سيفعلون هذا باسم دعم حقوق الإنسان، لكنا حاربناهم من اليوم الأول كما حاربنا الروس»

العدد 1360 - السبت 27 مايو 2006م الموافق 28 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً