برّأت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة برئاسة القاضي مفتاح سليم وأمانة سر حسين حماد متهم من تهمة التجمهر والشغب.
وقد قدمت المحامية حنان عبدالعزيز العرادي مذكرة دفعت فيها بعدم توافر أركان جريمة التجمهر لانتفاء الركن المعنوي للجريمة لدى المتهم.
وقالت: «لما كان القانون اشترط لكل جريمة ركنين ركن مادي وهو الفعل المكون للجريمة، وركن معنوي وهو العلم والادراك واللذين بتوافرهما يتوافر القصد الجنائي المعتبر به في القانون، فإذا تخلف هذا القصد لا مجال للقول بتوافر الركن المعنوي للجريمة في حق المتهم ومن ثم عدم توافر الجريمة في حقه».
وأضافت «ولما كان ذلك وكانت جريمة التجمهر لابد أن يتوافر لها القصد الجنائي، فوق الركن المادي لها وهو ما لا يتوافر في حق المتهم من علم بمشاركته في تجمهر وإدراك وإرادة تحقيق الغاية من هذا التجمهر، وهو الإخلال بالأمن العام وإنما كان وجوده وجوداً عرضيّاً في الطريق العام ،عندما خرج بحثاً عن ابنته التي خرجت وراء المعزين، وذلك بحسب أقوال المتهم في تحقيقات النيابة والتي أكدتها أقوال شاهدة النفي وهو ما يؤكد عدم توافر القصد الجنائي لدى المتهم، مما تنتفي به أركان جريمة التجمهر ما يجعله أهلاً لنيل البراءة من عدالة المحكمة».
المحامية العرادي دفعت أيضاً بعدم معقولية الواقعة بحسب التصوير الوارد في الأوراق، مبينة أنه لما كان القضاء الجنائي يتميز بأنه قضاء عقيدة وقناعة، وأن القاضي الجنائي له مطلق الحرية في تكوين عقيدته وقناعته على أن يكون ذلك من أوراق الدعوة، وله في سبيل ذلك استخلاص الصورة الحقيقية للدعوى مادام هذا الاستخلاص قائماً على أساس صحيح من الواقع والقانون، وله في سبيل ذلك أن يطرح كل ما لا يطمئن إليه وجدانه من الأدلة التى لا تتماشى مع العقل والمنطق السليم والسير العادي للأمور، ولما كان ذلك؛ وكانت الواقعة موضوع الدعوى بحسب ما أوردها شاهدا الاثبات، وهما الشرطيان القائمان بالضبط، بأنه قد تم إخطارهما بوجود تجمهر في منطقة أبوصيبع مؤلف من حوالي 250 شخصاً، وأنهما توجها لتلك المنطقة برفقة عدد من قوات حفظ النظام، فوجدا المتظاهرين حاملين أعلاماً سوداء وأعلام البحرين وأنهم يرددون عبارات لم يفهموها، وعندما شاهدهم هؤلاء المتظاهرون قاموا بقذفهم بالحجارة، فبادر
رجال الأمن بإطلاق الغازات المسيلة للدموع، فهرب المتجمهرون جميعا إلا المتهم الماثل أمام الهيئة، فاستطاعوا القبض عليه، مبينة العرادي في مذكرتها أنها تدفع أيضاً بتضارب وتناقض أقوال شهود الإثبات فيما بينها في النيابة وأمام المحكمة، ذلك أن أقوال الشهود أمام النيابة العامة أكدت أن المتهم لم يعتد عليهم وإنما كان دوره مجرد الحضور في مقدمة المتظاهرين، في حين أن أقوال شاهد الإثبات أمام هيئة المحكمة، والتي قرر فيها أن المتهم تعامل مع الشرطة بعنف وأخذ يرمي عليهم الحجارة، وهو تناقض يدعو إلى الشك في أقوال شاهد الاثبات، ولما كان الشك دائماً يفسر لصالح المتهم؛ فإنه يصلح لأن يكون أساساً للحكم بالبراءة، بناءً على إهدار الدليل المستمد من أقوال هؤلاء الشهود، وخاصةوأن أوراق الدعوى لا يوجد بها أي دليل سوى هذه الأقوال».
وأضافت «ثم ياتي التناقض الثاني في هذه الأقوال، عندما يقرر شاهد الإثبات أمام المحكمة أن التعامل مع المتظاهرين تم بالرصاص المطاطي، في حين أن أقواله بالنيابة أكدت أن هذا التعامل كان بالغاز المسيل للدموع، كما أن أقواله تناقض بعضها، عندما قرر في المحكمة بأن المتهم كان يقود المظاهرة، في حين أن أقواله في النيابة أكدت وجود المتهم وسط المتظاهرين، كل هذه التناقضات تثير الشك والريبة في أقوال شهود الإثبات، وهو ما يهدر حجيتها ويؤكد عدم صلاحيتها لأن تكون دليلاً للإدانة، وذلك وفقاً للقاعدة القانونية بأن الشك يفسر لصالح المتهم، وهو ما يؤكد إهدار أي دليل مستمد من هذه الشهادة، ما يجعل أوراق الدعوى خالية من أي دليل معتبر قانوناً، وهو ما يجعل المتهم أهلاً لنيل البراءة من المحكمة.
كما دفعت المحامية بخلو الأوراق من ثمة دليل للإدانة، وقالت: «لما كان ما تقدم وكانت أقوال شاهدي الواقعة هي الدليل الوحيد بالدعوى، ولما أصابها من تضارب، وعدم معقولية؛ فبالتالي لا ترقى في نظر القانون لأن تكون دليلاً للإدانة، مما تضحى معه الدعوى بلا دليل على صحة الاتهام، وخاصة أن تحريات المباحث التي طلبتها النيابة جاءت غير مؤكدة لصحة واقعة الدعوى، ما يجعل أوراق القضية خالية من أي دليل للإدانة، ولما كان الأصل في الإنسان البراءة مما يحق معه للمتهم أن يلتمس من عدالة المحكمة القضاء ببراءته».
ولفتت إلى أن المتهم رب لأسرة، وليست له أية أسبقيات جنائية، كما أنه ليست لديه أية أنشطة سياسية، وأنه موظف عام يعمل بقسم الأدلة المادية في النيابة العامة، وأن ذلك من شأن الحكم عليه تعريض مستقبله ومستقبل أسرته وأبنائه للدمار»
العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ