البرفسور ما كا تو ازاشيما محاط في مختبره الصغير برفوف تصطف عليها قوارير المواد الكيماوية واجهزة الطرد المحوري تدير انابيب الاختبار بينما يراجع التقنيون المعطيات على مكاتبهم .
المشهد نموذجي، ولكن ما يجري هنا ليس كذلك. ففي قاع صحن الاختبار هناك حوالي 12 جنين ضفادع مغموسة في الماء، وهي بحجم رأس دبوس ويستعملها ازاشيما لتخليق اعضاء الضفادع . تساعد التكنولوجية، التي ينصرف ازاشيما الى تطويرها، الاطباء على استعمال الخلايا الجذرية البشرية لإعادة توليد اعضاء بشرية تالفة. ومثل هذا الامر سيلغي الحاجة الى زرع اعضاء موهوبة من اشخاص آخرين . ويقول ازاشيما، استاذ البيولوجية التطورية في جامعة طوكيو، انه اذا تابعنا السر في هذا الاتجاه، سيكون من الممكن ان يبصر الاشخاص الذين فقدوا بصرهم من جديد.
بعد حوالي عقدين من مباشرة ابحاثه على توليد الاعضاء اكتشف ازاشيما في العام 1989 ان بروتينا يدعى اكتيفين يرغم جينات موجودة في الخلايا الجذرية لجنين الضفادع - التي تنتج انسجة واعضاء الجسم - على تشكيل كلى واكباد واعضاء اخرى.
وفي العام 1998 اصبح ازاشيما احد اوائل العلماء في تخليق عضو مختص بالحواس - عين ضفدعة - في صحن المختبر. وفي السنة الماضية اجرى عملية زرع ناجحة لعين تم تشكيلها في انبوب اختبار معيداً بذلك حاسة البصر الى ضفدع. وحتى الآن بلغ عدد الضفادع التي اعطاها ازاشيما وفريقه عيونا جديدة 60 ضفدعة وباتت70 في المئة منها قادرة على الابصار. وقال فيرجينيا كارل فايفر استاذ العلوم الاحيائية الطبية في بوليتكنيك ان « هذا نموذج جيد لهذا النمط من العمل الريادي. انه حقا في الطليعة». ويقوم ازاشيما بتخليق الاعضاء باقتطاع شريحة من الجنين مسؤولة عن نمو الانسجة وغطسها في محلول يحتوي على الاكتيفين . وتحشر قطعة الجنين المفعمة بالاكتيفين بين شريحتين وتحفز الاعضاء غير المعالجة على إنبات عضو . وتستغرق العملية حوالي خمسة أيام . ويؤدي تغيير نسبة تركيز الاكتيفين وخلطه مع عوامل اخرى كالحمض الريتونوي الى صدور تعليمات وراثية مختلفة داخل الخلايا. على سبيل المثال، ينتج التركز ا الاخف الاكتيفين خلايا دم وانسجة عضلية. اما الجرعات الاعلى فتنتج القلوب والاكباد والبانكرياس. و يعترف ازاشيما ان كل ذلك العمل الذي ينتج اعضاء ضفادع لا يزال بعيداً عن عمل الشيء نفسه على الاعضاء البشرية. فالضفادع أجنة تزيد كثيراً عما ينتجه الانسان، مما يعني ان عدد الخلايا الجذرية المتوفرة لاجراء ابحاث بشرية سيكون محدوداً اكثر.
هناك معارضة سياسية للابحاث بالخلايا الجذرية البشرية. فالرئيس الاميركي جورج بوش مثلاً طلب في 11 مارس الماضي من الكونغرس منع كل اشكال استنساخ (تخليق) البشر. وامر بوش في السنة الماضية بحجب التمويل الفديرالي عن الابحاث التي تنطوي على اتلاف الأجنة. وفي اوروبا تحرّم اربعة بلدان - النمسا والمانيا وفرنسا وايرلندا - كل ابحاث الأجنة، في حين ان بلدانا اخرى تسمح بها بدرجات متفاوتة.
وتقع اليابان في منزلة بين منزلتين، المنع والسماح، فتوافق على ارشادات صدرت في السنة الماضية وتشترط فقط ان تؤخذ الأجنة فقط من تلك المخصصة لمعالجة حالات العقم التي كانت ستتلف اصلاً.
وبصرف النظر عن الناحية السياسية يتوقع بعض السياسيين ان تساعد الابحاث التي يجريها ازاشيما على تمكين العلماء من معالجة امراض وخيمة مثل مرض الزهايمر الذي ينشأ عن انحلال الخلايا الدماغية. ويقول فايفر: « إن المبادىء التي يطورها ازاشيما في الحيوانات الدنيا ستكون قابلة للتطبيق على البشر»
العدد -1 - الخميس 27 يونيو 2002م الموافق 16 ربيع الثاني 1423هـ