العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ

قاعدة «العديد»: مقر العمليات المقبلة ضد العراق

سماء الدوحة تشهد حركة نقل عسكرية كثيفة منذ أشهر

تتزايد الدلائل على ان الولايات المتحدة تعد لعمل عسكري محتمل ضد العراق. وفي حين تتصاعد حدة التصريحات الصادرة من واشنطن والعازمة على الإطاحة بنظام صدام حسين، تتم في موازاة ذلك استعدادات عسكرية اميركية مكثفة تشمل توسيع منشآت عسكرية في منطقة الخليج وتجهيزها، والاتفاق مع شركات ملاحة دولية لنقل العتاد والذخائر والأسلحة من الولايات المتحدة الى الخليج.

وتبرز في هذا الصدد قاعدة «العديد» الجوية في قطر بوصفها إحدى المنشآت الرئيسية التي سوف تستخدم في العمليات العسكرية في حال قررت الولايات المتحدة شن هجوم على العراق. وهناك اعتقاد واسع بأن هذه القاعدة قد تكون مركزاً للعمليات العسكرية المقبلة.

تقع قاعدة «العديد» في الصحراء على بعد حوالى 40 كلم جنوب مدينة الدوحة. وهي مجهزة بمطار عسكري يحتوي على مدرج هو الأطول في العالم، قادر على استيعاب 120 طائرة عسكرية في آن. كما تحوي القاعدة التي يرابط فيها حالياً قرابة ثلاثة آلاف جندي أميركي، مرشحين للزيادة، على مستودعات ضخمة للذخيرة والدبابات والمدرعات العسكرية.

بدأ الاهتمام الأميركي بقاعدة العديد بعيد حرب الخليج الثانية التي اخرجت خلالها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة القوات العراقية من الكويت في العام 1999. فإزاء حجم العتاد الهائل الذي استخدمه ما يزيد على 250 ألف جندي أميركي شاركوا في الحرب، بالإضافة الى قوات التحالف، طلبت الولايات المتحدة من الحكومة القطرية إنشاء مستودع ضخم لتخرين جزء من هذا العتاد على أراضيها لاستخدامه مستقبلا في حال اقتضت الضرورة. ووافقت الحكومة القطرية، على الطلب الأميركي في إطار اتفاقات التعاون العسكري بين البلدين.

وتزايد الاهتمام الأميركي من جديد بقاعدة العديد في الآونة الأخيرة إثر رفض المملكة العربية السعودية وضع قواعدها تحت تصرف القوات الأميركية. ومنذ شهر مارس/آذار الماضي نقلت الولايات المتحدة الكثير من التجهيزات والمعدات العسكرية من قاعدة الأمير سلطان في السعودية إلى قطر.

وطوال الأشهر الماضية لم يهدأ العمل في قاعدة العديد إذ تشهد سماء الدوحة حركة دائبة لطائرات الشحن الأميركية العملاقة التي يعتقد - كما تفيد تقارير في المنطقة - أنها تقوم بجلب أجهزة الاتصال والكمبيوتر والكثير من التجهيزات المتطورة، من السعودية، بما يحول قاعدة العديد إلى مركز للعمليات الجوية الاميركية، وبديل لقيادة العمليات عن قاعدة الأمير سلطان الجوية، التي قد لا تستخدم لأسباب سياسية. وتشير الصور التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية التجارية إلى تحسينات مهمة أجريت حديثاً على قاعدة العديد بهدف إعدادها للحرب. وأجريت بعض الإصلاحات والتحسينات على المدارج، وشيدت مواقف جديدة للطائرات بالإضافة الى ملاجئ منيعة جديدة. وتزامنت مع ذلك تصريحات ادلى بها مسئولون خليجيون الشهر الماضي ذكروا فيها أن الولايات المتحدة أوشكت على الانتهاء من إقامة منشآت عسكرية جديدة في الخليج وخصوصاً في قطر والكويت. كما تزامنت مع الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد في مطلع يونيو/ حزيران الماضي لعدد من دول المنطقة شملت تحديداً الكويت والبحرين وقطر. وهي الدول التي يعتقد انها ستكون منطلقاً لأي هجوم على العراق، بالنظر الى كثافة المنشآت العسكرية الأميركية الموجودة بها. فبالإضافة الى قاعدة العديد في قطر، يوجد في البحرين مقر الاسطول الأميركي الخامس، في حين توجد في الكويت قاعدة الدوحة الواقعة شمالي العاصمة الكويت التي تستخدم قاعدة أميركية للجنود والمعدات الحربية الثقيلة. وأنجز أخيراً بناء معسكر حربي جديد جنوب «الكويت» وبات جاهزاً لاستقبال القوات، كما اقيمت في الوقت نفسه نحو اربع مدن من الخيام بالقرب من الحدود الكويتية مع العراق شمالاً.

وتتمتع قاعدة العديد الجوية بوضع متين، بالنظر الى العلاقات المتميزة بين قطر والولايات المتحدة. كما ان عامل قربها النسبي من العراق ومن الأساطيل الأميركية المنتشرة في الخليج، يعطيها ميزة استراتيجية.

وعلى الصعيد الداخلي فإن موقعها الجغرافي البعيد عن المدن يجعلها بمنأى عن احتجاجات السكان في حال بدء الهجوم، إذ يعارض القطريون - شأنهم في ذلك شأن باقي شعوب الخليج - استخدام بلدانهم منطلقا لضرب العراق أو اي بلد عربي آخر.

وثمة حادث اطلاق نار وقع في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي باتجاه القاعدة، كاد يشكل مصدر قلق وازعاج للأميركيين والقطريين على السواء لكن امكن احتواؤه بسرعة. وذكرت وزارة الداخلية القطرية حينها أن مواطنا يدعى عبدالله مبارك الهاجري أطلق أعيرة نارية من سلاح باتجاه قاعدة العديد الجوية، ما حدا بأفراد الحراسة وهم قطريون، الى الرد عليه وقتله. وجرح عدد من الأميركيين في الهجوم.

ويرى محللون أن انتقال الثقل الأميركي العسكري من السعودية إلى قطر من شأنه أن يرتب تبعات سياسية واستراتيجية في المنطقة. لكن ذلك مرهون حتى اللحظة بما إذا كانت الولايات المتحدة ستشن الحرب فعلاً. وزارة الدفاع الأميركية لم تتوصل بعد إلى كيفية مهاجمة العراق، على رغم ان كل الخيارات مفتوحة، ابتداء من تكرار الاستعدادات التي حصلت قبيل حرب الخليج الثانية، الى اسلوب عسكري مبتكر اطلق عليه «بغداد أولاً» ويقضي بقصف بغداد وعزلها عن باقي مناطق العراق، تمهيداً للسيطرة عليها. وما يمكن قوله في هذا الصدد إنه في مختلف الأحوال تبدو الاستعدادات العسكرية الأميركية جارية لحرب مقبلة، متى ما اندلعت هذه الحرب

العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً