قالت نائبة المدير التنفيذي لليونيسيف بالنيابة ريما صلاح لدى زيارتها لدول الخليج من أجل تعزيز التعاون في الاستجابة للأزمات الإنسانية: «كان لنا العديد من الحوارات المثمرة مع ممثلين رفيعي المستوى من الحكومات والمنظمات الدولية وغيرهم من الشركاء. نحن نتطلع إلى العمل معهم من أجل المساهمة في إنقاذ أرواح الأطفال وتحسين حياتهم، وخاصة في القرن الإفريقي وباكستان واليمن».
ورافقت ريما صلاح في الجزء الأول من رحلتها منسقة الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، فاليري آموس. إذ قامتا بزيارة جدة في المملكة العربية السعودية، وهناك وقعت آموس مذكرة تفاهم مع منظمة التعاون الإسلامي.
ثم توجهت صلاح إلى العاصمة (الرياض) ومنها إلى أبوظبي ودبي في الإمارات العربية المتحدة قبل أن تصل إلى الدوحة.
وتمحورت لقاءات صلاح مع المسئولين في مختلف هذه الدول على الأزمة الإنسانية في القرن الإفريقي، وخاصة المجاعة في الصومال، والأوضاع المأساوية في اليمن وباكستان.
وقالت في هذا الإطار: «لا تزال المأساة في الصومال مستمرة. ومع وفاة المئات من الأطفال كل يوم، ستكون الأسابيع والأشهر المقبلة مصيرية في إنقاذ الأرواح. فتوفير المساعدة الآن هي مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى العديد من الأطفال في الصومال».
وبالرغم من إعلان وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية في الصومال مؤخراً عن انخفاض عدد المناطق التي تعاني من المجاعة في جنوب الصومال، وانخفاض معدلات سوء التغذية الحاد والوفيات، إلا أن الوضع لا يزال حرجاً بالنسبة إلى آلاف الأطفال. ولا تزال معدلات سوء التغذية أعلى من مستويات عتبة المجاعة في جزء كبير من جنوب الصومال، كما لا تزال معدلات وفيات الأطفال مرتفعة بصفة مقلقة في العديد من المناطق.
وتمس الأزمة في الصومال حالياً نحو 4 ملايين شخص، يواجه 250000 منهم في المناطق التي تجتاحها بالمجاعة خطر الموت. ويعاني 190000 طفل من سوء التغذية الحاد وهم معرضون للأمراض القاتلة التي تنتشر عادة خلال موسم الأمطار مثل الكوليرا والملاريا والحصبة.
وقالت صلاح في هذا الصدد: «حتى قبل انتشار المجاعة، كانت الصومال موطناً لأعلى معدلات وفيات الأطفال في العالم، حيث يموت طفل واحد من كل ستة أطفال قبل بلوغهم سن الخامسة. والآن وفي ظل وجود المجاعة وخطر انتشار الأمراض بشكل كبير، يتوقع أن ترتفع معدلات وفيات الأطفال بشكل أكبر».
ومنذ أن أعلن عن حالة المجاعة في 20 يوليو/ تموز، تمكنت اليونيسيف من مساعدة مئات الآلاف من الأطفال وأسرهم، مساهمة في إنقاذ آلاف الأرواح. ومن بين النتائج الرئيسية التي حققتها اليونيسيف: توفير المساعدات الغذائية لنحو 135000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، تطعيم 1.2 مليون طفل ضد الحصبة، وتوفير مياه الشرب لنحو 1.8 مليون شخص.
وأضافت «تعمل اليونيسيف مع شركائها على مدار الساعة من أجل إنقاذ أرواح الأطفال قدر الإمكان. ولكن مئات الآلاف من الأرواح لا تزال معرضة للخطر اليوم، وستبقى كذلك في العام 2012. ونحن نلتمس من الجميع الانضمام إلينا ودعمنا من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال».
وكانت الأوضاع الإنسانية في كل من اليمن وباكستان موضوع المحادثات أيضاً خلال هذه الزيارة.
ففي اليمن، أدت النزاعات والخلافات السياسية المستمرة إلى تفشي أزمة إنسانية خطيرة، وخاصة بالنسبة إلى الأطفال والنساء. حيث وصل عدد القتلى من الأطفال، منذ بداية الاضطرابات المدنية، إلى نحو 109 أطفال، إضافة إلى 300 آخرين أصيبوا بجروح بسبب الذخائر الحية أو الشظايا.
كما ارتفعت معدلات سوء التغذية بشكل هائل في بعض أجزاء البلاد، وتقلص عدد الأطفال الذين يتلقون اللقاحات الأساسية. أما المدارس، التي من المفترض أن تكون ملجأ آمناً للأطفال، فتم إغلاق بعضها، بينما احتلت القوات المسلحة البعض الآخر. وتقدر اليونيسيف أعداد الأطفال الذين يحتاجون إلى الدعم النفسي بسبب العنف في اليمن بنحو 100000 طفل.
أما باكستان فتعاني من كارثة مزدوجة، إذ بعد فيضانات العام 2010 التي مازال السكان يعانون من مخلفاتها، جاءت الفيضانات والرياح الموسمية هذه السنة لتزيد الوضع سوءاً متسببة في أزمة معقدة تمس نحو 5.1 مليون شخص، 2.4 مليون منهم من الأطفال و1.2 مليون من النساء. وبالرغم من أن المياه بدأت بالانحسار، وتمكنت ثلاثة أرباع العائلات المهجرة من العودة إلى مناطق سكنها الأصلية، إلا أن معظم المنازل والبنى التحتية وسبل المعيشة قد دُمّرت.
وأدى تدمير الفيضانات للمحاصيل وسبل العيش إلى الحد من الأمن الغذائي، وبدأ خطر انتشار سوء التغذية يلوح في الأفق. ففي محافظة سند، التي كانت أكثر المناطق تضرراً، كانت معدلات سوء التغذية مرتفعة حتى قبل الفيضانات.
ولتتمكن اليونيسيف من تعزيز استجابتها لحالات الطوارئ في البلدان الثلاث المذكورة، فهي تحتاج إلى تأمين المزيد من الموارد بصفة عاجلة. ففي الصومال وحدها، تحتاج اليونيسيف لنحو 25 مليون دولار أميركي قبل نهاية الشهر الجاري لمنع أي انقطاع في الإمدادات الغذائية في بداية العام 2012، ما قد يعرض حياة الكثيرين للخطر، كما تحتاج إلى 40 مليون دولار أميركي إضافية لمواصلة عملياتها الحالية حتى نهاية العام 2011.
وفي اليمن، تضاعفت المتطلبات الإنسانية للعام 2012 مقارنة بالعام 2011 لأسباب عدة منها تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي وتدفق اللاجئين من الصومال. وتحتاج اليونيسيف إلى 50 مليون دولار أميركي لتغطية الفجوة الموجودة في عملية توريد اللقاحات والمغذيات للأمهات والأطفال الذين يراجعون 320 مركزاً للعلاج والمكملات الغذائية في مختلف أنحاء البلاد. كذلك تحتاج اليونيسيف إلى الدعم من أجل تأمين المواد المدرسية والدعم النفسي والترفيهي لنحو 800000 طفل ولتوفير الماء الصالح للشراب لنحو 400000 شخص من المهجرين داخل البلاد.
أما بالنسبة إلى باكستان، فقد حصلت اليونيسيف على 14.7 مليون دولار أميركي فقط من أصل مبلغ 50.5 مليون دولار أميركي كانت قد طلبتها لتغطية الاحتياجات الأساسية للأطفال والنساء المتأثرين بالفيضانات لمدة 6 أشهر، ما ترك فجوة في التمويل تتجاوز 35 مليون دولار أميركي
العدد 3367 - الجمعة 25 نوفمبر 2011م الموافق 29 ذي الحجة 1432هـ