مع انسحاب الجنود الأمريكيين هذه الأيام من اثنين من أكبر قواعدهم العسكرية في شمال العراق وهما قاعدة الحرية في كركوك وقاعدة بلد في محافظة صلاح الدين، تركوا ورائهم مواد ومتعلقات كانوا يستخدمونها، فبيعت لمترجمين أو مقاولين وتجار حتى وصلت إلى الأسواق الشعبية لتكون في متناول المواطنين البسطاء الذين اقبلوا على شرائها رغم اختلاف الدافع وراء اقتنائها.
وقال أحمد حسن (26 عاما) ويعمل حلاقا، إنه تجول في الساحات التي تباع فيها المواد المتروكة من قبل الجنود الأمريكيين ووجد عددا من الأجهزة والمعدات التي يمكن الاستفادة منها. وأضاف أنه أشترى عددا من ماكينات الحلاقة وبماركات مختلفة وهي تعمل بشكل ممتاز وسعرها زهيد حيث لا يتجاوز سعر الواحدة أربعة دولارات. وحرص مواطنون على شراء مخلفات الجيش الأمريكي ليس فقط من اجل استخدامها ولكن للاحتفاظ بها كونها تمثل مرحلة تاريخية مهمه غيرت صورة العراق وتركت أثارا ونتائج. وقال حمد سعيد (48 عاما) وهو معلم متقاعد إنه اشترى بعض مواد الجنود الأمريكيين المعروضة للبيع ليس لاستخدامها أو بيعها وإنما لحفظها للذكرى لكي "تشاهدها أجيالنا المقبلة لأن جنود هذا الجيش جلبوا الخراب والدمار لبلدنا ولم يرحلوا حتى زرعوا بذور التقسيم بين أبناء الشعب الواحد".
وتشمل السلع المعروضة للبيع آلات وأجهزة مختلفة الأنواع والأحجام أدوات منزلية وكهربائية وكماليات شخصية ومواد أخرى غير معروفة الاستخدام، أما السيارات فأنها تباع قبل وصولها لساحات البيع.وتحدث علي جاسم (32 عاما) عن شرائه سيارة دفع رباعي أمريكية المنشأ قائلا "لقد اشتريتها بمبلغ أقل بكثير من سعرها في الأسواق العامة بعدما عرضها الجنود الأمريكان للبيع". وبين علي أن أحد أقاربه يعمل مقاولا مع الجيش الأمريكي وهو الذي رتب له صفقة شراء السيارة التي يصفها بأنها حلم حياته، فهي فخمة وراقية وموديل 2007 بالإضافة لسعرها الذي لم يتجاوز خمسة آلاف دولار.وكانت نهاية شارع اطلس وسوق الهرج في مركز مدينة كركوك وسوق الهواتف المحمولة في الحويجة وساحات أخرى متفرقه، محطة لتجمع بائعي هذه المواد المستخدمة التي يجهل بعضهم نوعها الحقيقي وطرق استخدامها، ومع ذلك فلم توفر هذه الساحات ما يرغب فيه البعض مما دعاهم إلى البحث في محافظات قريبة. ولم يجد التاجر علي جاسم (42 عاما) ما يبحث عنه في ساحات كركوك لبيع السلع المستعملة، مما اضطره للذهاب إلى محافظة صلاح الدين وشراء شاحنة من السلع المنوعة.
وقال "أبحث عن مواد معينة لم أجدها في كركوك وخلال زيارتي إلى محافظة صلاح الدين، ذهبت إلى ساحة كبيرة قرب ناحية بلد عرضت فيها المئات من المواد التي تركها الجنود الأمريكان بعد مغادرتهم قاعدة بلد. وأوضح أنه اشترى شاحنة من السلع المستعملة بها أجهزة يمكن بيعها بسهولة وربح كبير لأنه يملك محل ولديه زبائن يحبون شراء مثل هذه المواد وأهمها أجهزة تكييف وتبريد ومواقد للطبخ وافران كهربائية ذات مواصفات عالية.