تمكن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو في نهاية ولايته من الحصول على «صيد ثمين» بوصول رئيس ساحل العاج، لوران غباغبو إلى هذه الهيئة بعد تسع سنوات على إنشائها.
ويؤكد خبراء أن غباغبو هو «أكبر صيد ثمين» للمحكمة منذ بدء عملها في 2002.
وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة تيلبرغ (جنوب)، فيليم فان غينوتغن لوكالة «فرانس برس»: «إنه بالتأكيد أهم صيد ثمين حتى الآن»، مؤكداً أن غباغبو هو أول رئيس دولة سابق يسلم إلى المحكمة.
ورئيس ساحل العاج السابق الموقوف في سجن محكمة لاهاي هو سادس مشبوه يسلم إلى المحكمة الجنائية الدولية التي لا تملك شرطة خاصة بها.
وذكر فان غينوتغن بأن النائب السابق لرئيس الكونغو الديمقراطية، جان بيان بيمبا كان أعلى مسئول يتم توقيفه.
وأوضح أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة أمستردام، غوران سليوتر أن «مذكرات توقيف أخرى صدرت مثل تلك التي تستهدف (الرئيس السوداني)، عمر البشير لكن هذا الأمر لا يعمل».
والبشير يقوم برحلات حتى إلى دول موقعة على اتفاقية روما يفترض بها أن تتعاون في توقيف مشبوهين للمحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من مذكرة التوقيف هذه.
وقال فان غينوتغن «أعتقد أن ساحل العاج تدرك أنها ليست قادرة على تأمين محاكمة عادلة (لغباغبو) لذلك طلبت من المحكمة الجنائية الدولية القيام بذلك».
وذكر بأن المحكمة الجنائية الدولية تحقق منذ أكتوبر/ تشرين الأول بطلب من الرئيس الحالي الحسن وتارا الخصم السابق لغباغبو في «أخطر الجرائم» التي وقعت في ساحل العاج بعد الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010.
ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي ستجرى في 11 ديسمبر/ كانون الأول لم تخف سلطات ساحل العاج رغبتها في نقل غباغبو إلى لاهاي معتبرة إبعاده شرطاً للمصالحة التي تريدها السلطة.
وقال فان غينوتغن «بعبارة أخرى لم يضطر لويس مورينو أوكامبو لبذل أي جهد استثنائي لتسلمه».
ولا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التي بدأت عملها في 2002 في لاهاي القيام بأي ملاحقات إلا إذا كان القضاء الوطني لا يريد أو غير قادر على تحقيق ذلك.
ورأى الناطق باسم الرئيس السابق، جوستين كوني كاتينا أن نقله «هو انتصار للفساد».
وقال غوران سلويتر «علينا ألا ننسى أيضاً أنه (غباغبو) رجل فقد السلطة وفي صف الخاسرين وكان في السجن أصلاً»، محذراً من «قضاء المنتصرين».
وذكر سلويتر بأن مورينو أوكامبو قال إن تحقيقه يتناول الطرفين المتنازعين في المواجهة التي أودت بحياة حوإلى ثلاثة آلاف شخص. وأضاف أن هذا «يبدو وكأنه يقول شكلياً أن المعسكرين سيحاكمان».
واعترف أستاذ القانون الجنائي الدولي في الوقت نفسه بأنه من الأسهل محاكمة المهزومين قبل المنتصرين «لأسباب عملية» وخصوصاً للتأكد من تعاون الفائزين لأطول مدة ممكنة.
وسلم غباغبو الذي وصل ليل الثلثاء الأربعاء إلى هولندا، إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تريد محاكمته بأربع تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال أعمال العنف التي تلت الانتخابات في بلده في 2011-2012.
وقالت المحكمة في بيان أن غباغبو «يتحمل مسئولية جنائية فردية بصفته المرتكب غير المباشر لأربع جرائم ضد الإنسانية في عمليات قتل واغتصاب وأعمال عنف جنسية وعمليات اضطهاد وأعمال غير إنسانية أخرى».
وأكدت المحكمة وصول غباغبو (66 عاماً) الذي صدرت مذكرة توقيف دولية ضده، إلى مركز الاحتجاز التابع لها بعيد وصوله إلى لاهاي التي نقل إليها من روتردام حيث هبطت الطائرة التي استأجرتها سلطات ساحل العاج لنقله. وغباغبو هو أول رئيس سابق يسلم إلى المحكمة منذ بدء أعمالها في 2002. وسيمثل «قريباً» أمام المحكمة في جلسة تمهيدية تهدف إلى التحقق من هويته وإبلاغه بحقوقه والجرائم التي تنسب إليه، بحسب المحكمة.
وقال مصدر في مكتب المدعي العام للمحكمة، لويس مورينو أوكامبو إن هذه الجلسة قد تعقد الخميس أو الجمعة.
تشتبه المحكمة الجنائية الدولية في أن الرئيس العاجي السابق، لوران غباغبو، الذي سجن في لاهاي ليل الثلثاء الأربعاء، ارتكب جرائم ضد الإنسانية بعد الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010.
وقال قضاة المحكمة الجنائية الدولية في مذكرة التوقيف التي أصدروها في 23 نوفمبر الماضي، «ثمة دوافع معقولة تحمل على الاعتقاد أن القوات الموالية لغباغبو هاجمت غداة الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج، المدنيين في أبيدجان وفي غرب البلاد».
وأضافوا «استهدفت مدنيين لاعتقادها أنهم أنصار الحسن وتارا، وغالباً ما استهدفت الهجمات مجموعات عرقية أو دينية محددة».
وكان لوران غباغبو الذي تولى الرئاسة في ساحل العاج منذ العام 2000، رفض التخلي عن السلطة لمنافسه، الرئيس الحالي الحسن وتارا. وأسفرت أعمال العنف التي تلت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عن سقوط حوالى ثلاثة آلاف قتيل.
وتعدد مذكرة التوقيف التي صدرت الأربعاء أربع جرائم ضد الإنسانية، هي القتل والاغتصاب والاضطهاد والأعمال غير الإنسانية. وقد ارتكبتها القوات الموالية لغباغبو، بين 16 ديسمبر/ كانون الأول 2010 و12 أبريل/ نيسان 2011 ونسبت إلى لوران غباغبو باعتباره «مشاركاً غير مباشر فيها».
وقد شنت الهجمات «تطبيقاً لسياسة تطبقها منظمة» كما يقول القضاة الذين يشتبهون في أن لوران غباغبو والمقربين منه قد اتفقوا على خطة «مع علمهم أن تطبيقها سيؤدي، في السياق الطبيعي للأحداث، إلى ارتكاب الجرائم المذكورة أعلاه».
وشدد القضاة على الطابع «الشامل والمنهجي» للهجمات، واعتبروا أنه «تأكد بالشكل الكافي أن لوران غباغبو تصرف عن سابق تصور وتصميم».
وأوضح القضاة في المذكرة أن توقيف غباغبو ضروري لضمان مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية وأنه لن يستخدم «نفوذه السياسي أو وسائله المالية لعرقلة التحقيق أو التشكيك فيه»
العدد 3375 - السبت 03 ديسمبر 2011م الموافق 08 محرم 1433هـ