العدد 3402 - الجمعة 30 ديسمبر 2011م الموافق 05 صفر 1433هـ

أزمة اليورو تهدِّد الدولة الراعية والنموذج الاجتماعي الأوروبي

يرى عدد من المحللين أن أزمة منطقة اليورو وتدابير التقشف التي أقرَّت في معظم الدول الأوروبية ستنال من النماذج الاجتماعية التي اعتمدت بعد الحرب العالمية الثانية والتي يترتب إصلاحها اليوم لضمان استمراريتها.

وحلَّت خطط التقشف التي تعلنها حكومات منطقة اليورو منذ أكثر من سنة محل النفقات التقليدية التي كانت الدول الراعية الأوروبية تخصصها للتقديمات الاجتماعية، وباتت الدول تعمد إلى تدابير مثل إصلاح أنظمة التقاعد وتخفيض المساعدات وتجميد الإعانات والمعاشات الاجتماعية والحد من نفقات الضمان الصحي.

وقال الخبير الاقتصادي في مكتب «إستيريس»، نيكولا بوزو إن «هذه الدول الراعية التي أقيمت بعد الحرب والتي كانت تتكفل بتلبية الكثير من الحاجات، ولاسيما في المجال الصحي، ستزول».

وأوضح «كنا في تلك الفترة في وضع يتميز بنمو قوي لمجموع الأجور ونسبة وظائف عالية وشعوب شابة نسبياً. أما اليوم فلدينا بطالة متفشية وانعدام للنمو فيما السكان يشيخون، وبالتالي فإن الضغوط المالية لا تحتمل إطلاقاً».

من جهته، قال مدير معهد بروغل الأوروبي، جان بيزاني - فيري: «من الواضح أن الضغط الذي كان يواجهه النموذج الإجتماعي الأوروبي أساساً نتيجة الظروف الديموغرافية وضعف النمو اشتد مع الأزمة».

غير أن التدابير المتخذة لمواجهة الأزمة تختلف من دولة إلى أخرى. ففي فرنسا، أعلنت الحكومة في الوقت الحاضر إضافة إلى إصلاح النظام التقاعدي، إعادة تقييم التقديمات والمساعدات العائلية لتكون أقل ارتفاعاً من التوقعات للعام 2012.

ولفت الخبير الاقتصادي في المرصد الفرنسي للأوضاع الاقتصادية، هنري ستردينياك إلى أنه «في أيرلندا تم تخفيض المساعدات في مجالي الصحة والسكن. أما في البرتغال، فخفضت التقديمات العائلية بنسبة 25 في المئة. وفي إيطاليا خفضت المساعدات الإجتماعية. وفي إسبانيا ألغي (شيك الطفل) الذي كان يقدم لكل ولادة».

ويترتب على رئيس الوزراء الإسباني المحافظ، ماريانو راخوي، اتخاذ تدابير جديدة اعتباراً من الأسبوع المقبل وهو يعتزم إجراء «تحديث لقوانين العمل» في مطلع 2012 من أجل التصدي لنسبة البطالة القياسية في البلاد.

كما تعتزم حكومة ماريو مونتي الإيطالية إصلاح سوق العمل لاعتماد نظام «مرونة آمنة» مستوحى من النموذج الدنماركي يعطي الشركات مرونة في تسريح الموظفين ويضمن الأمان للموظفين المسرحين من خلال منحهم تعويضات ضخمة.

وتوقع الخبير الاقتصادي في جامعة هومبولت في برلين، مايكل بوردا، أن تستوحي العديد من الدول الأوروبية النموذج الإسكندينافي، موضحاً أنه «إن كان يأتي بنتيجة جيدة، فلأنه يمزج ما بين عناصر الدولة الراعية والليبرالية».

واعتبر نيكولا بوزو أن نماذج الرعاية الاجتماعية ستستمر في العديد من الدول الأوروبية غير أنه «سيعاد تركيزها» لمساعدة الذين في أمسِّ الحاجة إليها.

ففي فرنسا، على سبيل المثال يتوقع «زوال المساعدات الاجتماعية التي تمنح بمعزل عن مستوى الموارد على الأرجح»، كما يعتقد أن بعض الأمراض ستستثنى من الضمان الإجتماعي لتبقى من نطاق التأمين الخاص.

غير أن إعادة هيكلة الرعاية الإجتماعية قد تكون أشد قسوة بكثير في الدول التي تعاني أكثر من سواها من الأزمة المالية

العدد 3402 - الجمعة 30 ديسمبر 2011م الموافق 05 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً