العدد 3402 - الجمعة 30 ديسمبر 2011م الموافق 05 صفر 1433هـ

تغير المناخ: أكثر من مجرد لعب بالكلمات

تشكل أحوال الأطفال والنساء والغذاء بعض القضايا المثارة خلال مؤتمر الأطراف في ديربان، فبينما تحاول الدول الفقيرة جاهدة ضمان حماية حياة شعوبها من خلال التوصل إلى اتفاق بشأن تغير المناخ يجري التفاوض بشأنه في ديربان، تمارس مختلف المنظمات غير الحكومية والوكالات ومعاهد البحوث ضغوطاً متزايدة من أجل إضافة كلمة معينة إلى النص التفاوضي. وتشمل هذه المجموعات الأطراف التي تحرص على إدراج عبارة «الأمن التغذوي»، والأطراف التي تشدد على ضرورة ذكر «النساء والأطفال» في النص كلما ظهرت كلمة «الفئات المستضعفة».

وقد علقت مديرة مركز الصحة العامة وتغير المناخ في معهد الصحة العامة بالولايات المتحدة الأميركية كريستينا تيرادو، على الموضوع بقولها: «إننا لا نحاول انتهاز الفرص ولكننا نضغط من أجل تمكين المرأة والاعتراف بعبارة «الأمن التغذوي» - وبهذا نكون قد تصدينا للعديد من القضايا في وقت واحد».

وأضافت أن: «حماية التغذية والصحة والدعوة لضمانهما من المكونات الأساسية للتنمية المستدامة والمقاوِمة لتغير المناخ. وتعمل المرأة بمثابة عامل من عوامل التغيير، فمن خلال أدوارها الفريدة في رعاية الأسرة والطفل، والعمل بمجالات الزراعة والأمن الغذائي والتغذوي والصحة والحد من مخاطر الكوارث، يمكنها أن تلعب دوراً محورياً في التصدي لقضايا تغير المناخ والصحة والتغذية بطريقة متكاملة».

ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، تتحمل المرأة في العالم النامي المسئولية الكاملة تقريباً عن زراعة المواد الغذائية للأسر، في الوقت الذي لا يتجاوز عدد النساء اللاتي تملكن الأراضي نسبة 10 إلى 20 في المئة، حسب تقرير البنك الدولي عن التنمية في العالم العام 2012، الذي ركز على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

ثقل الكلمات

إن إضافة مثل هذه الكلمات إلى نص الاتفاق المقترح بشأن تغير المناخ يمكن أن تترجم إلى أموال تُمنح للبرامج المتعلقة بها، حسب جازمين بيرجيس، مسئولة سياسة وبحوث تغير المناخ في منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف). كما أكدت هذه الأخيرة أن النساء والأطفال يشكلون الشريحة الأكثر عرضة للمخاطر في أي مجتمع، وأن الأطفال أكثر هشاشة من النساء.

وتشارك اليونيسيف وبيرجيس في معركة طويلة للتأكد من ورود كلمة «أطفال» في النص الجديد الخاص بتأسيس صندوق المناخ الأخضر المقترح، الذي أنشئ لتوفير المال للمجتمعات الأكثر عرضة للتضرر بعوامل تغير المناخ.

كما أظهرت البحوث التي أجريت مؤخراً أن النساء والأطفال أكثر عرضة من الرجال للوفاة نتيجة المخاطر الطبيعية. كما أفاد البنك الدولي في تقريره أن دراسة أجريت على 141 دولة توصلت إلى أن النساء أكثر عرضة من الرجال للموت نتيجة المخاطر الطبيعية.

من جهتها، أشارت اليونيسيف إلى أن بعض أهم الأمراض القاتلة للأطفال - مثل سوء التغذية والكوليرا والإسهال وحمى الضنك والملاريا - هي أمراض شديدة التأثر بتغير المناخ. وقالت بيرجيس إن أي أموال مخصصة للبرامج المعنية بأي من هذه المواضيع من شأنها أن تضمن الآن استفادة الأطفال.

وتمارس تيرادو الضغط منذ عدة سنوات لإدراج عبارة «الأمن التغذوي»، وتعتبر من بين العديد من النشطاء في منظمات ومحافل مختلفة - مثل لجنة الأمم المتحدة الدائمة للتغذية، وبرنامج الأغذية العالمي، والمنظمة غير الحكومية «العمل ضد الجوع» (ACF) - التي كتبت بحثاً يدعو لاعتبار المرأة حافزاً في تحقيق الأمن الغذائي والصحة في عالم أصبحت المعيشة فيه أكثر صعوبة بسبب تغير المناخ.

وتأمل تيرادو أن يؤثر الاهتمام الذي تم إيلاؤه لتمكين المرأة خلال محادثات ديربان على سياسة البلدان المختلفة لتطوير الجوانب الخاصة بالتصدي لقضايا التغذية والصحة ضمن خطط التكيف الوطنية.

نجاح تمكين النساء والأطفال

قالت كاثرين زانيف، التي تعمل في قسم تغير المناخ والحد من مخاطر الكوارث في برنامج الأغذية العالمي، إن خبرة البرنامج في حالات الطوارئ أظهرت أنه عندما يكون «الغذاء في أيدي النساء، فإن الاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أنه سيصل إلى أفواه الأطفال المحتاجين. ولذلك يقوم برنامج الأغذية العالمي بتوزيع المواد الغذائية والنقود على النساء في حالات الطوارئ كلما كان ذلك ممكناً، لتمكينهم من تحسين إدارة الأزمات».

وأشارت خبيرة المناخ في منظمة أكشن إيد إنترناشيونال (Action Aid International) هارجيت سينغ، إلى أنه بهذه الطريقة، تضمن وكالات المعونة زيادة فعالية برامجها وطول مدة تأثيرها على تحسين وضع المرأة. «لذلك فإن الجميع سيفوز في نهاية المطاف».

لقد نجحت هذه الخطوة. واستشهدت زانيف بإسناد إدارة مخازن الغلال الجماعية، التي شيدها برنامج الأغذية العالمي في منطقة شمال الكاميرون التي تعاني من الجفاف، بالكامل تقريباً إلى النساء، معلقة على ذلك بقولها: «بعد مضي عام واحد على تشغيل صوامع الغلال، زاد عدد الهكتارات المزروعة ومستوى الإنتاج الغذائي بشكل كبير، ما أسهم أيضاً في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، لأن هذا شجع الذكور المدرجين في قوة العمل على البقاء في المجتمع. ولم تكن هناك حاجة إلى تنفيذ المزيد من عمليات الإغاثة الطارئة في المنطقة منذ إنشاء صوامع الحبوب الجماعية».

من جهتها، أفادت السكرتيرة التنفيذية للجنة الدائمة للتغذية دينيس كويتينيو ديلموي، أنه «من المهم جداً تنفيذ الأمور بشكل متزامن لكي يعزز كل منها الآخر، ويتم تمكين المرأة من لعب دور يحفز على تحسين التغذية. وهذا يتطلب أن تحتل المرأة مركز الصدارة بدءاً من مراحل التحليل والتصميم للبرمجة التغذوية».

وذكرت أمثلة لتطبيق هذه البرامج في البرازيل، التي تمكنت من خفض مستويات سوء التغذية بنسبة 70 في المئة خلال ست سنوات. تركز فصول محو أمية المرأة على التغذية، وتشمل تقديم معلومات عن تحضير الأطعمة التقليدية والأصلية.

تشتري برامج التغذية المدرسية المحلية في البرازيل المنتجات من صغار المزارعين الذين تمثل النساء وأمهات أطفال المدارس غالبيتهم.

وتقول بيرجيس المسئولة في اليونيسف إن تثقيف أطفال المدارس في أجزاء من آسيا بشأن موضوعات تغير المناخ قد ساعد على نشر الوعي في المجتمعات ذات الكثافة السكانية العالية من البالغين الأميين

العدد 3402 - الجمعة 30 ديسمبر 2011م الموافق 05 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً